أوضح عميد البحث العلمي وأمين برنامج كراسي البحث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور فهد بن عبدالعزيز العسكر ان فكرة كراسي البحث العلمي تقوم على الشراكة بين المؤسسة الأكاديمية وشخصية أو جهة ما خارجها، لدعم وتطوير مجال علمي متخصص، بحيث تقدم هذه الشخصية أو الجهة التمويل اللازم لذلك، في حين تتولى المؤسسة الأكاديمية تهيئة البيئة البحثية اللازمة لنجاح الكرسي، إلى جانب الإشراف على تنفيذ الكرسي لمهامه وتحقيق أهدافه. وقال في حوار ل "الرياض": ان إنشاء جامعة الإمام لبرنامج كراسي البحث ينطلق من إيمان الجامعة العميق بوجوب العمل على تهيئة البيئة المناسبة للبحث والتطوير في الجامعة، إلى جانب مواكبة الحراك الرسمي والمجتمعي الذي شهدته المملكة مؤخراً بهدف دعم البحث العلمي وتحفيز الباحثين، وفيما يلي نص الحوار: تاريخ كراسي البحث @ هل يمكن تقديم لمحة سريعة عن تاريخ كراسي البحث على مستوى العالم؟ - تجمع الأدبيات في هذا المجال على أن ظهور الكراسي العلمية بمفهومها الحديث يعود إلى بدايات عصر النهضة الأوروبية، خاصة في انجلترا، حيث كانت تقدم الجوائز المالية القيمة لمن ينجح في تحقيق إنجاز علمي مهم، ثم تطور مفهوم الكراسي العلمية، لتصبح مورداً ثابتاً لتمويل الجامعات والمؤسسات البحثية في معظم دول العالم، ولتصبح بمثابة الوحدات البحثية والعلمية أو المراتب العلمية التي تسند إلى الكفاءات العلمية المتميزة ممن لهم إسهامات بحثية عالية الجودة في مجال تخصصهم. @ وهل هذا يعني غياب مفهوم الكراسي العلمية عن الحضارة الإسلامية؟ - أبداً لكنني اتحدث عن بداية ظهور الكراسي العلمية بمفهومها الحديث، أما الحضارة الإسلامية فقد كانت الأقدم في مجال الشراكة المجتمعية في مجال دعم العلوم والمعرفة، حيث عرفت الحضارة الإسلامية تخصيص الأوقاف التي كانت أهم موارد التعليم في التاريخ الإسلامي، وأكثرها تنوعاً إذ تعددت أشكال الوقف ومجالاته، فقد كانت هناك الأوقاف المخصصة لدعم حلقات تحفيظ القرآن وتعليم علوم الشريعة سواء في المساجد أو المدارس التي أنشئت لاحقاً، وهناك البيمارستان؛ لتلقي العلوم الطبية، والمراصد لتلقي علوم الفلك، كما كان الخلفاء والأمراء والوزراء والوجهاء والأثرياء في المدن الإسلامية يقدمون الجوائز لكل من ينتج عملاً علمياً متميزاً، سواء من خلال التأليف أو الترجمة وغيرهما. @ وماذا عن الكراسي العلمية في تاريخ المملكة؟ - على الرغم من حداث تجربة المملكة في مجال إنشاء الكراسي العلمية إلا ان الدعم المجتمعي للمعرفة قديم جداً فقد عرفت المملكة طوال تاريخها نماذج مشرفة من الدعم المجتمعي للعلم والعلماء، سواء عبر تخصيص الأوقاف أو من خلال تقديم الهبات والمنح والتبرعات والجوائز، وبخاصة في المدن الكبرى والعواصم العلمية مثل مكةالمكرمة والمدينة المنورة والاحساء والدرعية والرياض وجازان وغيرها، لكن الكراسي العلمية بمفهومها الحديث لم تظهر إلا أخيراً إذ لم يكن نظام الجامعات السعودية يسمح لها بقبول تبرعات أو هبات خارجية، ولذلك فقد تأسست الكراسي العلمية السعودية أول الأمر في عدد من العواصم العربية والأوروبية مثل: كرسي الملك فهد للدراسات الإسلامية في جامعة لندن، وكرسي الأمير سلطان للدراسات الإسلامية والعربية بجامعة بركلي في كاليفورنيا بالولايات المتحدةالأمريكية، وكرسي الأمير نايف لتعليم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة موسكو. @ متى بدأت الكراسي العلمية في الجامعات السعودية؟ - يمكن القول إن نشأة الكراسي العلمية في الجامعات تعود إلى صدور اللائحة الموحدة للشؤون المالية في الجامعات السعودية التي تضمنت السماح للجامعات بتوفير مصادر تمويل إضافية، حيث أصبح الطريق ممهداً لإنشاء الكراسي العلمية في الجامعات السعودية، ولذا بادرت عدة جامعات لإنشاء الكراسي العلمية، أولها كانت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، تلتها جامعة الملك عبدالعزيز، ثم جاءت مبادرة جامعتي الملك سعود والإمام محمد بن سعود في هذا المجال، وأظن أن بقية الجامعات السعودية تعمل الآن في هذا الاتجاه. مميزات كراسي البحث بجامعة الإمام @ وبماذا يتميز برنامج كراسي البحث في جامعة الإمام محمد بن سعود؟ - لعل ما يميز برنامج كراسي البحث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قيامه على رؤية واضحة، وإطار تنظيمي محدد بشكل دقيق، حيث تروت الجامعة في إنشاء الكراسي حتى يتم إعداد رؤية الكراسي وإطارها التنظيمي، وذلك على الرغم من الضغوط المجتمعية التي واجهتها الجامعة لإنشاء الكراسي، وإعلان عدد من الجهات والأفراد استعدادهم لتمويل ما ترى الجامعة إنشاؤه من كراس علمية، ولذا فقد شكلت في الجامعة لجنة عليا عملت على إعداد التنظيمات الخاصة بكراسي البحث العلمي في الجامعة، وقد درست اللجنة التجارب العالمية والمحلية في هذا المجال، وخلصت إلى إنشاء برنامج لكراسي البحث بالجامعة يتميز بالاستقلالية التامة والمرونة الإدارية والمالية، كما أنجزت اللجنة اللائحة المنظمة لكراسي البحث، وقد اعتمد مجلس الجامعة اللائحة بقراره رقم ( 1428/1995-1429ه)، المتخذ في الجلسة الرابعة لمجلس الجامعة للعام الجامعي 1248- 1429ه، إلى جانب تضمن اللائحة إنشاء صندوق استثماري مستقل لكراسي البحث يرتبط بشكل مباشر بمجلس الكراسي. وبفضل ما توافر عليه برنامج كراسي البحث من تميز في مختلف جوانبه العلمية والتنظيمية والاستثمارية فقد لقي البرنامج إشادات من عدد من قيادات التعليم العالي في المملكة إلى جانب عدد من الخبراء القانونيين والإداريين لما توافرت عليه لائحة الكراسي من دقة وضبط، مع منحها المرونة المطلوبة لعمل كراسي البحث. الجوانب التنظيمية @ وهل أتممتم الجوانب التنظيمية لبرنامج كراسي البحث؟ - نعم فقد باشر مجلس كراسي البحث الذي يرأسه معالي مدير الجامعة - مهامه وعقد عدة اجتماعات استهدفت الموافقة على إنشاء الكراسي الجديدة، وتسمية أساتذتها إلى جانب دراسة الخطط الاستراتيجية والتشغيلية للكراسي، كما تم إنشاء الأمانة العامة للبرنامج، وباشرت الأمانة مهامها، كما أعد سلم رواتب ومكافآت الموظفين التنفيذيين والمتعاونين مع برنامج كراسي البحث، إلى جانب إعداد القواعد المنظمة للشؤون الإدارية والمالية للبرنامج. @ ما الأهداف التي تتطلعون إلى تحقيقها من وراء إنشاء برنامج كراسي البحث؟ - خلصت الدراسات التي تمت لإعداد البرنامج انه يجب أن يسعى لتحقيق جملة من الأهداف، تتمثل في: - توفير البيئة الملائمة للبحث والتطوير؛ بما يدعم التنمية المستدامة في المملكة. - تعزيز فرص نمو الاقتصاد القائم على المعرفة. - ربط مخرجات البحث العلمي في الجامعة بحاجات المجتمع من خلال إيجاد بيئة تقوم على الشراكة بين الجامعة، والجهات الحكومية والأهلية وغير الربحية المحلية والدولية. - دعم المعرفة المتخصصة في المجالات العلمية المتنوعة، وتسديد الممارسات التطبيقية في المجالات نفسها. - تحقيق التكامل في مجال البحث العلمي بين الجامعة بوحداتها المختلفة، والمؤسسات البحثية داخل الجامعة وخارجها. - توفير المصادر المالية اللازمة لدعم البحث العلمي في الجامعة واستدامتها. - توفير السبل الداعمة لاستقطاب وتدريب العقول المبدعة، والكفاءات المتميزة في مختلف مجالات البحث العلمي محلياً ودولياً. - إثراء المكانة العلمية والبحثية للمملكة على المستوى العالمي، وتشجيع العلماء والباحثين السعوديين على الإسهام في الحضارة الإنسانية. التقويم الخارجي @ وماذا عن التقويم الخارجي لمعطيات الكراسي بالجامعة؟ - الجامعة تؤمن ان ما قدمته في مجال كراسي البحث يمثل شراكة بين الجامعة والمجتمع بكافة فعالياتها ومؤسساته وأفراده، ولذا أطلقت على من يتعاون معها في مجال الكراسي بالممولين وليس الداعمين أو المتبرعين، وذلك انطلاقاً من رؤية الجامعة بقيمة هذه الشراكة وأهميتها للمجتمع. ولثقة الجامعة بقدراتها وإمكاناتها وتسديد ممارساتها العلمية اعتمدت مبدأ التقويم الخارجي من خلال الاستعانة بجهات خارجية للحكم على مخرجات كراسي البحث بهدف تقويمها وتطويرها بما يخدم أهدافها. أهداف الكراسي @ ولكن ما الآليات التي ستتبعها كراسي البحث بجامعة الإمام لتحقيق أهدافها؟ - يمكن القول ان تحقيق أهداف برنامج كراسي البحث بالجامعة يقتضي قيام الكراسي بعدة برامج وأنشطة وفعاليات دائمة ومؤقتة، من أبرزها: إعداد الدراسات والبحوث النظرية والتطبيقية، دعم المعرفة العلمية المتخصصة من خلال التأليف، والترجمة، إعداد وتنفيذ البرامج التدريبية المتخصصة، تنظيم الفعاليات والبرامج العلمية، مثل: المؤتمرات والندوات وحلقات النقاش، تقديم الخدمات الاستشارية المتخصصة، استقطاب طلاب الدراسات العليا المتميزين، وتقديم المنح الدراسية لهم، استقطاب الأساتذة الزائرين، ودعم برامج الاتصال العلمي لأعضاء هيئة التدريس. كراسي الجامعة @ ما الكراسي التي تم إنشاؤها حتى الآن في الجامعة؟ - تنطلق رؤية برنامج كراسي البحث بجامعة الإمام من منطلق رئيس يتمثل في عدم التعجل في إنشاء الكراسي، وتتضمن عدة معايير تحكم إنشاء أي كرسي أهمها مدى حاجة المجتمع للكرسي، وطبيعة القدرات والإمكانات المادية والبشرية المتاحة في القسم العلمي الذي يقع الكرسي في مجال تخصصه، إلى جانب مدى وجود جهات أو أفراد مهتمين بالشراكة مع الجامعة في مجال اهتمام الكرسي، تسويق الكرسي، ولذلك تم اقرار إنشاء 21كرسياً خلال المرحلة الأولى من برنامج كراسي البحث بالجامعة، وقد تمكن البرنامج - بفضل الله - خلال فترة وجيزة من إنشائه من تأسيس أربعة كراسي هي: 1- كرسي الأمير نايف لدراسات الوحدة الوطنية. 2- كرسي الأميرة العنود بنت عبدالعزيز بن مساعد لدراسات العقيدة والمذاهب المعاصرة. 3- كرسي الإعلام الجديد. 4- كرسي الشيخ فهد المقيل لدراسات النظام التجاري. @ وماذا عن بقية الكراسي المطروحة للتمويل خلال هذه المرحلة؟ - يستعد برنامج كراسي البحث خلال الفترة المقبلة لتسويق 17كرسياً تنتمي إلى 8من التخصصات الرئيسة للجامعة، تشمل مجالات الشريعة والقرآن وعلومه والسنة والقضاء والاجتماع والإعلام والحاسب ونظم المعلومات والاقتصاد حيث نتطلع في برنامج كراسي البحث إلى ان يتم الانتهاء من إنشاء هذه الكراسي، حيث تجري مباحثات متواصلة مع عدد من الجهات والأفراد المهتمين بتمويل هذه الكراسي وهي: