كثيرٌ منا يختزن في ذاكرته قائمة للأشخاص البارزين في حياته ولمن كان لوجودهم بصمة غيرت مجرى حياته، فنحن لم نشق الطريق بأنفسنا فهناك من مهّد لنا الطريق. ونحتفظ بهذه القائمة في ذاكرتنا لنسترجعها كلما أقبلت علينا الدنيا وتقدمنا خطوات وشعرنا بلذة النجاح. هذه القائمة نجددها بين الحين والآخر، فنعمل لها تحديثاً كلما شع بريق النجاح أمام أعيننا ومسحنا دموع اليأس واستبدلناها بابتسامة الفرح وحققنا انجازات في الوصول لأي هدف ننشده وتيسرت سبلنا بعد العقبات التي نصادفها فيما يتعلق في كثير من أمورنا سواء العلمية أو العملية أو الاجتماعية.. لقد ميز الله بعضنا برجاحة العقل والحكمة والبعض بقوة الرأي والحجة والبعض بالذكاء والتفوق العلمي والآخر في إثبات الذات في كل أمر يوكل إليه، بل إن الله قد ميز الناس في إقبال البشر عليهم وتقبلهم، وغيرها من هبات الله التي يهبها من يشاء، وبسبب هذا التباين بين البشر فقد خلق الله النفوس التي تكره وتخاف أن ترى غيرها وقد تميزت عنها ونحن مدينون ببعض نجاحاتنا إلى تلك النفوس الراغبة في سيرنا بخطى واثقة للخلف، إلى الذين يتمنون أن لا يروننا على ما نحن عليه من تقدم، فهؤلاء حاولوا أن يكونوا حجر عثرة ونحن نشق الطريق فما زادنا هذا إلا إصرارا على مواصلة المسير بقلبٍ مطمئن وخطى راسخة ونفسٍ واثقة بأن ما عند الله آت.. فنجاحنا في هذه الحياة ليس دائما خلفه أيادي معطاءة تمنت لنا النجاح ولكن يتساوى معها تلك الأيادي الشحيحة. لذا فإن قائمة البارزين في حياتنا يختلط فيها أصحاب النفوس الطيبة الصادقة الراغبة في نجاحنا وأصحاب النفوس السيئة الذين حاولوا أن يصلوا بنا إلى شاطئ اليأس والإحباط فإذا بهم يمنحوننا قوة للوصول إلى شاطئ الأمان والأمل والسعادة، الذين بعثروا أوراقنا فابتسمنا لهم ونحن نلملمها لنعيد ترتيبها بصورة أفضل مما كانت عليه.. هؤلاء إن كانوا قد لونوا بيمينهم حياتنا بألوان الحزن فقد كان ليسارهم لمسات في تطريز نجاحنا.. فالآهات التي أظلموا بها حياتنا كانت عبارة عن مصابيح مضيئة بداخلنا زادتنا حماساً... فكم من المواقف أبكتنا في حينه ولكن تلك الدموع أزهرت التحدي لذاتنا، فكانت محفزا لنا على بذل المزيد والمزيد حتى نصل إلى نهاية الطريق.. أختم كلماتي بقصة للتدليل على أن الكلمة النابية الجارحة من هؤلاء، قد تغير مسار حياة إنسان وتدفعه لصعود سلم النجاح.. قصة وزير البترول والمعادن معالي المهندس علي النعيمي كما ذكرها د. العلي في محاضرة بعنوان "تطوير الذات" عندما كان عاملا بسيطا في شركة أرامكو وموقفه مع المهندس الأمريكي الذي رفض السماح له بالشرب من الماء البارد المخصص لهم، فكان ذلك دافعا للعامل لمواصلة الدراسة بجد واجتهاد وابتعاثه للخارج ليعود ليصبح رئيسا لشركة ارامكو ويقول لذلك المهندس الأمريكي (أحب أن أشكرك من كل قلبي على منعي من الشرب، صحيح أني حقدت عليك في ذلك الوقت ولكن أنت السبب بعد الله فيما أنا عليه الآن). تذكرة: سبحانك اللهم تعطي من تشاء وتمنع من تشاء،، اللهم طهر قلوبنا من البغض والحسد والنفاق والرياءَ، ولا تَجءعَلء فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوف رَحِيمٌ... @ جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن