عندما يتأزم الاقتصاد وتتراجع أسعار الأسهم يبحث المستثمرون عن أسهم استثمارية تساعدهم على استعادة أموالهم المستثمرة في سوق المال بسرعة، فهي بلا شك ملاذ آمن في وقت الأزمات الاقتصادية كما هو الحال هذه الأيام في العالم، حيث يعيش أزمة اقتصادية عالمية خانقة جعلت قادة الدول ال 20 يجتمعون في واشنطن لبحث سبل إنقاذ الاقتصاد العالمي من الانهيار الكلي المحتمل والذي سيأكل اليابس والأخضر إن لم يتكاتف القادة المؤثرون في العالم لعلاجها وإصلاح الأنظمة المالية والهيكلية للاقتصاد الأمريكي على وجه الخصوص لما له من تأثير قوي ومباشر على الاقتصاد العالمي. حقيقة أسهم المضاربة التي لا تقوم على أسس اقتصادية صحيحة من حيث النمو والتوسع والربح والمنح ليست في إطار ما أتحدث عنه في مقالي لأنها أسهم مخاطرة عالية قد تفلس بالمستثمرين من غير سابق إنذار أو علم. ما أتحدث عنه يتمثل في الشركات التي تتأثر بنسبة أقل من غيرها عند حدوث الأزمات الاقتصادية العالمية والركود الاقتصادي العالمي أو المحلي، لذلك لا أنصح بشرائها. أتحدث في مقالي عن أسهم قطاع الاتصالات القائمة على نمط حياة معروفة لدى المواطن الذي يصرف على مكالماته بالرغم من شعوره بالضائقة الاقتصادية. المواطن يتحدث إلى أقاربه وأصدقائه عندما يمر بصعوبات اقتصادية وغيرها، وكذلك يتحدث معهم عندما يكون في غاية الرضا والسعادة. أسهم شركات قطاع الاتصالات مربحة ومخاطرها ضعيفة جداً، فهي ليست مثل أسهم الشركات الصناعية والبتروكيماويات التي تتأثر بالأوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية. وللمعلومية وكما يعلم البعض منا بأن وضع شركات الاتصالات الأمريكية أحسن بكثير من وضع شركات الداو جونز وشركات صناعة السيارات بالرغم من أن الوضع الاقتصادي الأمريكي غير مطمئن. وعندما يتعلق المتداول في سهم الاتصالات السعودية أو سهم اتحاد الاتصالات أو سهم زين فإنه سيخرج منه بعائد استثماري ومنحة وبالتالي تجده نفسه في وضع مالي أفضل من ارتباطه بسهم صناعي يتأثر بالاقتصاد العالمي بشكل مباشر كما هو الحال في شركات قطاع البتروكيماويات التي تهاوت أسعار أسهمها بسرعة وقوة لتراجع سهم سابك القيادي، بحيث لم يستطع المستثمر الخروج بخسارة قليلة نسبياً. قبل أقل من عام وصل سعر سهم سابك القمة في منتصف يناير 2008م عندما كان 221 ريالا ليهوي إلى مستويات ال 50 ريالا في الأسبوع الماضي من نوفمبر 2008م، أي فقد نسبة كبيرة من قيمته حوالي 77 في المائة بينما فقد سهم اتحاد الاتصالات حوالي 55 في المائة من قيمته خلال نفس الفترة. يصرف المستهلكون في المملكة مليارات الريالات على المكالمات في المناسبات والأوقات العادية، وهذا سلوك بشري لا يتغير كثيراً في الأزمات الاقتصادية، بل قد تزيد فاتورة الهاتف والجوال في أوقات الأزمات لأن الناس يشتكون لبعضهم ما يواجهونه من ظروف صعبة ليشبعوا رغبة في نفوسهم ما يخفف العبء النفسي عليهم، وبالتالي تزيد تكلفة فواتير المكالمات. قطاع الاتصالات في المملكة من القطاعات الاستثمارية الواعدة التي يتوقع لها نمواً قوياً وعائدات عالية مقارنة بقطاع البتروكيماويات الذي يتأثر بعوامل خارجية في الولاياتالمتحدة وأوروبا وشرق آسيا، حيث تراجعت مبيعات سابك بنسبة قوية وملحوظة بعد تطور الأزمة الاقتصادية. أما قطاع الاتصالات فإنه يتأثر بعوامل داخلية في المملكة في مجملها محفزة ومشجعة لنموه. وقد ورد في تقرير أعدته مجموعة هيرمس المالية أن سوق الاتصالات في السعودية يتمتع بعدد من المزايا الجاذبة، بالإضافة إلى قوة القطاع الذي يعد الأكبر في العالم العربي من حيث حجم الإنفاق على خدمات الاتصالات، والذي بلغ حوالي 40 مليار ريال (10.6 مليارات دولار) العام 2007م، وهو ما اعتبرته مجموعة هيرمس المالية مساويا لضعف مثيله في اقرب دولة عربية للمملكة من حيث حجم الإنفاق. وقد توقعت مجموعة هيرمس المالية من خلال تقريرها ان يشهد قطاع الاتصالات السعودي معدلات نمو حقيقية من حيث عدد المشتركين والإيرادات في معظم المجالات خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، كما توقعت ان تحقق سوق خدمات النطاق العريض معدلات نمو قوية، بجانب استمرار خدمات الاتصال الصوتي التقليدي كمصدر رئيسي للإيرادات للقطاع، إلا ان التقرير نبه إلى ان إيرادات الخدمات الصوتية قد لا تستمر بذات الإيرادات القوية خاصة بعد الأجل المتوسط الذي قدرته من سنتين إلى ثلاث سنوات، وأرجعت ذلك للانخفاض المتوقع لأسعار المكالمات مع زيادة المنافسة في الفترة المقبلة. واعتبرت مجموعة هيرمس المالية ان هناك عدة عوامل تدعم توقعاتها المتفائلة بشأن مستقبل قطاع الاتصالات السعودي، حيث يتصدرها النمو الاقتصادي القوي وسياسة الحكومة الهادفة لجذب الاستثمارات الأجنبية بالرغم من الأزمة الاقتصادية، والإنفاق المنخفض نسبيا على خدمات الاتصالات الذي يتوقع ان يرتفع ليلحق بمستوى الدول الإقليمية والعالمية المناظرة، وكذلك التركيبة السكانية في السعودية التي تتسم بشباب يبحث عن الجديد في تكنولوجيا الاتصالات وما يطور جودتها. وفي الختام أشير إلى ما ورد في تقرير مجموعة هيرمس المالية بخصوص أرباح شركة الاتصالات السعودية كإحدى الشركات الطموحة والمنافسة في سوق الاتصالات بالمملكة، حيث جاء فيه أن شركة الاتصالات السعودية لديها واحدة من أعلى مستويات التدفقات النقدية القوية بين جميع شركات الاتصالات في المنطقة. وأوضحت مجموعة هيرمس المالية ان توزيع الشركة لمعظم التدفقات النقدية في شكل توزيعات نقدية يؤدي إلى ارتفاع معدل توزيع الأرباح وارتفاع العائد على الأرباح الموزعة. وأوصت مجموعة هيرمس المالية بشراء السهم على المديين القصير الأجل والطويل الأجل. * أستاذ الإدارة الإستراتيجية جامعة الملك فهد للبترول والمعادن