كشفت الدكتورة نسرين بنت عبدالرحمن الحارثي أول طبيبة سعودية واستشارية طب طوارئ الأطفال في مستشفى الملك عبدالعزيز بالحرس الوطني أن حالات اهمال الأطفال تتدرج من عدم متابعة الأهل لجدول تطعيمات أطفالهم ومواعيد العيادات، مروراً بالاهمال النفسي، وانتهاء بالعقاب الجسدي اعتقاداً منهم أن هذا جزء من تربية الطفل قد ينتهي إلى إصابة تؤدي إلى وفاة الطفل، وفي حالة النجاة تلحق الإصابات بالأطفال والمشاكل النفسية والسلوكية في المستقبل. وقالت إن الاشخاص الأكثر إيذاء للأطفال هم ذوو السلطة على الطفل فقد يكون الوالدان أو القائمون على رعاية الطفل من المعلم أو المدرب أو من لهم احتكاك مباشر مع الطفل كالأقرباء أو غير مباشر كالجيران والأصدقاء، وبحسب الدراسات العلمية التي أجريت عن الأشخاص الأكثر إيذاء للأطفال فقد تبين أنهم من يعانون ضغوطاً نفسية أو مادية، كما كشفت هذه الدراسة أن التفكك الأسري وحالة الطلاق تجعل الطفل عرضة إلى الإيذاء بجميع أنواعه، حيث ثبت أن أكثر من 15% من هؤلاء الأشخاص قد تعرضوا إلى العنف أو الإيذاء في مرحلة الطفولة. وحول وجهة نظرها تجاه المطالبة بعودة الضرب داخل المدارس، أوضحت أن هذا ليس الأسلوب الأمثل للتربية فأسلوب التربية الأمثل قد يتخذ أساليب أخرى أجدى وأنفع للتعامل مع طلاب المدارس والأطفال وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن المجتمعات التي ينتشر فيها العنف يكون نتاجها أطفالاً مشتتين ونواة لجيل عنيف مستقبلا، مشيرة إلى أن الضرب وإن لم يحدث ضررا جسديا في وقته فثأثيره النفسي أعمق وأبعد مما يؤدي إلى تكوين شخصية قلقة ومضطربة. وعن المشاريع التي تقوم بها المملكة للتصدي للعنف ضد الأطفال، قالت الدكتورة نسرين لا زال هناك قصور في هذا التوجه نتيجة عدم الالمام بالطريقة المثلى للتعامل مع تلك الحالات ونتيجة للقصور الشديد في المختصين في هذا المجال ولا شك بأننا بحاجة للمزيد من تضافر الجهود والعمل بفكر الفريق الواحد وفق استراتيجيات محددة ومعروفة مسبقا مبنية على الاحتياجات التي تكفل للطفل العيش بأمان وسلام مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الظروف المحيطة بالطفل والتي قد تجعل الطفل عرضة للايذاء سواء كانت ظروف اقتصادية أو اجتماعية والعمل على ايجاد الحلول مع مشاركة كافة القطاعات المعنية وفق تناغم تسلسلي انسيابي شامل يكون مطبقا في كافة أنحاء المملكة مع ايجاد مرجعية واحدة تعنى بتوثيق الحالات كسجل وطني شامل. وأضافت أن أبرز الممارسات اليومية التي عن طريقها تتطور نزعة العنف عند الطفل تتمثل في جميع أنواع العنف سواء مورس على الطفل أو على احد أفراد عائلته بصورة دائمة وعلى اصعدة مختلفة مثلا المدرسة والشارع وحتى الوسائل المرئية كالتلفزيون فكما هو معروف أن مرحلة الشباب والسلوكيات المرتبطة بها تكون غالبا انعكاسا لما كان يحدث في الطفولة ولذلك فالتنشئة الصحيحة مهمة جدا مما يكون لها انعكاسات ايجابية أو سلبية لاحقا..