لا أريد أن أتحدث عن أوباما الرئيس كنقلة نوعية لرئيس جديد للولايات المتحدةالأمريكية بل أتمنى أن نعي ونعرف أن هناك مجتمعات تجعل من الحلم حقيقة في سنوات بسيطة في عمر الدولة، وان هناك مجتمعات لايهمها من تكون بل كيف ستكون؟.. مجتمعات قادرة وعازمة على التخلص من عبء الماضي وتراكماته ..مجتمعات تتصالح مع ماضيها ومستقبلها وتفتح صفحة جديدة من الحب والتسامح والنسيان الواعي لا القهري.. مجتمعات تؤمن بالتغيير الواعي الصادر من إرادة وعمل، تؤمن بالحرية والعدل والمساواة. لا التغيير الذي تفرضه قوة أخرى أو يجرفه سيل عارم غصباً وقهراً. بين حلم مارتن لوثر كينغ ودموع جيسي جاكسون سنوات قصيرة جداً في عمر دولة قدمت للعالم نموذجا في الإنجاز والتغلب على كل نوازع النفس البشرية التي جبلت على الظلم والقهر. بالأمس فقط ربحت روح المساواة في أمريكا وخسرت روح العنصرية. بالأمس فوز أوباما كان فوزاً للتاريخ ولكلمة الحق. تحررت أمريكا من عقدة الرجل الأسود بعد سنوات من الاعتقاد بأنه أقل قدرة وأقل حكمة على إدارة نفسه فكيف به يدير غيره، وانه فقط مجرد عضلات رياضية، وصوت غنائي ناجح، وأنه خلق للتسكع في الشوارع. قد يحمل كأس خمر، أو قارورة شراب البيرة. الرجل الأسود كان يُعتقد انه ذلك الذي يجلس على الرصيف يحمل لوحة كتب عليها "ساعدوا مريض الإيدز"، ويضع كوباً يضع فيه المارة ماتجود به أنفسهم. ذلك الرجل الذي شكل الأغلبية لفئة مايعرف بال homeless أو من يعيشون في الشارع. لقد جاء أوباما وخرج من كل ذلك بحلم مارتن لوثر كينغ. ونفذ الحلم ووضعه موضع التنفيذ .. جاء أوبوما ليضحض كل النظريات التي اتهمت غير البيض من البشر بالعجز والغباء وضعف الحيلة وصنعت منهم أقلية في كثير من المجتمعات. قد يكون فوز أوباما طهرأمريكا من شعورها بالذنب وجعل التاريخ يغفر لها خطيئتها وعنصريتها تجاه السود.. لدرجة إن 60% من الأصوات الانتخابية لأوباما كانت من البيض و 43رئيساً للولايات المتحدة كانوا من عرق واحد واوباما رقم 44جاء مختلفاً. أوباما لم يكن رئيسا ذا لون مختلف فقط بل هناك دول أخرى ينتمي لها بالأصل والنسب والقرابة من أندونسيا في شرق آسيا إلى كينيا في أفريقيا.. كينيا التي خصصت يوم إجازة بمناسبة فوز ابن لها برئاسة البيت الأبيض لذلك لم يكن فوزه أمريكياً بحتاً، بل رقص له العالم وأنشد معه أنشودة النصر والفرح. عندما فاز أوباما لم يفز وحده بل فازت معه مبادئ وقيم إنسانية. وتغيرت نفوس في آمالها وأحلامها ونظرتها للمستقبل .. فوز أوباما غير حتى مدى ثقة الأمريكي الزنجي في ذاته وفي مايحمله المستقبل لأولاده والدليل أن 64% من السود يعتقدون أن أطفالهم ممكن ان يكون بينهم رئيس لأمريكا مقابل 46% من البيض اعتقدوا ذلك كيف يمكن لشخص واحد فقط لديه الطموح والجرأة أن يغير تاريخا من الظلم؟ والسؤال الأهم كيف يمكن لمجتمع أن يقبل ويتعدل ويتغير؟ فعلاً هذا لايحدث الا في أمريكا فقط.