في هذه (المساحة الزمنية) كان لنا لقاء مع الأستاذة ثريا قابل "خنساء القرن العشرين" ورائدة الشعر الفصيح في الجزيرة العربية اشتهرت بالشعر الشعبي وخاصة الشعر المغنى لقبت بصوت جدة لأنها كانت الرافد والمنبع للمفردة الشعرية الحجازية المغناة وكونت مع الراحل فوزي محسون ثنائيا أساسيا في العصر الذهبي للأغنية الحجازية وهي تعد صاحبة أول ديوان شعري فصيح نسائي (الأوزان الباكية) مطبوع في السعودية ولبنان، حدثتنا كثيراً وأمتعتنا أكثر من خلال سيرتها وعظمتها في الأدب والشعر الشعبي. فإلى هناك. @ حدثينا عن بطاقتك الشخصية، المجهولة في العصر الحالي؟ - من وجهة نظري أن عمر الإنسان يبدأ مع بداية عمله وماحققته في مراحل عالم الكتابة وظهوري للناس وماحاولت أن أقدمه لبلدي وما استطعت تقديمه يربو على أربعين عاما وهو تاريخ ميلادي أي أن الإنسان بما حققه عموما أنا من مواليد حارة المظلوم بجدة عام (1940م) @ توفي والدك وأنت صغيرة كيف كان تأثير ذلك عليك؟ - كان له تأثير كبير علي وأعتقد أن من يفقد أحد أبويه فمعاناته معنويه أكثر من أي شيء آخر وأنا عشت بحمد الله في ظل أسرة متآلف ولم تكن لدي مشاكل ماديه أوتربوية وإختضنتني عمتي ووالدتي. @ نشأتك في جدة وفي حواري حارة المظلوم ماذا أبقت لك؟ - كانت من أجمل أيام عمري وأجمل الذكريات وكان تأثيرها من ناحية الإحساس بتآلف المجموعة في الحي وأتذكر حي قابل والذي يقع بين حارة المظلوم وحارة الشام وهذه من أشهر أحياء جدة وكنت اشاهد الأولاد والبنات عندما يتجمعون وكل يلعب لعبته المفضلة وكان الأولاد يلعبوا كرة القدم والبنات لهم ألعابهم كالبرجون وغيرها من الألعاب ونشأت في هذا الحي وكان الجميع يعرفونني في الحي والكل يحاول أن يوجهني وكنت أعمل لهم حسابا وأحترم كلامهم وكان الجو تسوده المحبة وكان مجتمع الحارة يمثل بالنسبة لي عائلتي الكبيرة وهذا الشعور والإحساس افتقدناه هذا الزمن. @ من حارة المظلوم ورواشين جدة إلى الروشة بلبنان، إحدى محطات حياتك، كيف جاءت هذه الانتقاليه؟ - جاء انتقالي إلى لبنان مع والدي رحمه الله بسبب مرضه وفي لبنان درست في الابتدائية على يد مدرسة تركية رحمها الله كانت متميزة ودرستني القراءة والكتابة واستفدت منها كثيرا في اللغة العربية أيضا كان والدي يرحمه الله يستعين بمدرسين يدرسونني وكانوا شديدين وأخاف منهم ولكنهم أفادوني ولاأنسى فضلهم. @ علاقتك بالأدب.. متى بدأت؟ - بدأت علاقتي بالأدب وخاصة كتابة الشعر في مرحلة الإعداديه وبداية الثانوية وهذه هي المرحلة التي توفي والدي فيها حوالي عام 58- 59ميلادي ولعبت الصدفة في اكتشاف موهبتي عندما شاهدت مدرسة دفترا نسيته في الفصل كنت كباقي الطالبات نكتب فيه مذكرات ولاحظت كتابتي للخواطر والشعر وأشرت على بعض الأبيات الشعرية وشجعتني على الكتابة الشعرية واكتشفت موهبتي وكانت تلك بالنسبة لي البداية في الكتابة. @ الصوالين الأدبية والثقافية في بيروت.. كيف كانت علاقتك بها؟ - لم تكن لي علاقة بالصوالين الأدبية في بيروت حتى الخروج من البيت كان فيه شيء من الصعوبة لأن عمتي رحمها الله كانت شديدة علي في مسألة الخروج وكان التنفس خلال الفسحة حيث أذهب أنا وزميلاتي في المدرسة للفسحة بعض الأحيان لمدة عشر دقائق وكان معي زميلات من بيت العطار وبيت الفراج يدرسن معي وكان الجو المدرسي جميلا وأسريا. @ بدايتك مع النشر والظهور الإعلامي؟ - كان ذلك مصادفة وفي لبنان حيث صادف العيد الوطني اللبناني وعندما يكون الإنسان في لبنان فإنه يتحول إلى سياسي لوضع لبنان الذي عاش ويعيش في أزمات سياسية كذلك في ذلك الوقت كانت هناك ظروف سياسية كالوحدة العربية وحرب الجزائر في ذلك الوقت وكتبت حينها قصيدة والقيتها في احتفال المدرسة وأخذتها جريدة الأنوار ونشرتها بعد ذلك توالت القصائد كقصيدة في عيد الأم وأخرى غيرها وكانت مديرة المدرسة أديبة وكانت كل أربعاء تقيم في المدرسة منتدى أدبيا يحضره أدباء ومثقفون وإعلاميون ويقام يوم مفتوح للطلاب لإبراز هواياتهم ومواهبهم سواء أدبية أوغيرها من الهوايات وكان هذا اليوم فرصة لنا لإبراز مالدينا من مواهب. @ أول ديوان صدر لك؟ - لاتقل أول ديوان ولكن أول وآخر ديوان وكان هذا الإصدار بعنوان (الأوزان الباكية) طبع في لبنان عام 1963م ووزع في لبنان والمملكة وكان هذا الديوان كما أردته أن يكون ديوان شامل مجموعة أفكاري وحالاتي وكان نوعا من المجازفة وبفضل الله نجح وكسر حاجزا كبيرا داخليا وخلال ستة أشهر نفدت جميع النسخ وقد عارض هذا الأسلوب الكثير الذين أشاروا علي بأن يكون الديوان في جانب واحد وليس في جميع الجوانب.. وعلى الرغم من نجاحة لم أستطع طباعته مرة أخرى لظروف الزواج والعمل ومسؤوليات العمل الصحفي. @ كيف كانت بداياتك مع العمل الصحفي؟ - عملت في العديد من المواقع الصحفية منها رئيسة تحريرمجلة "زينة" من عام 1986- 1987وفي جريدة البلاد وأصدرت فيها أول ملحق للمرأة وقد سبقتني في هذا المجال الدكتورة صفيه الخطيب رحمها الله وكان الملحق بشكل معاصر أكثر في البلاد وكان باسم (النصف الحلو) وكانت له أصداء وعمل ضجة كبيرة وأنا كنت في حاجة لهذه الضجة لفت النظر لقراءة الملحق وحصل بيني وبين أحد الكتاب حوار قوي حول المرأة عندما قال المرأة ناقصة عقل ودين وبعد هذا الحوار لفت النظر لجرأتي وأشرفت على الملحق عدة سنوات وبعد نجاحة أصدرت عدد من الجرائد ملاحق. @ حدثينا عن دعمك في الوسط العائلي؟ - الوسط العائلي كان بالنسبة لي مشجع من البدايه لأنهم يرون أن من يكتب شعر شخص مقبول وأنا أكتب فصحى وبعد أن أشرفت على الملحق وجدت منهم كل تشجيع لأني بالنسبة لهم في مجال لايعيبني ولايؤثرعلي وكانت فرصة قوية لي لمواصلة عطائي، ولكن الذي سبب لي إحراجا مع أهلي كتابة الأغنية وهي التي عملت لي زوبعة وسببت لي نوعا من الحرج والذي كان يهمني ثلاثة أشخاص عمتي الوصية علي ووالدتي وصبري قابل الذي كان بمثابة أخي وكانوا يهمونني أكثر في أسرتي لأنهم المكونون الحقيقيون لكينونتي وعندما تناقشنا في موضوع القصيدة ومالفرق إن كانت فصحى أوعاميه أو ان كان هناك من أعجبته وسيغنيها والحمدلله مشت الأمور ببساطه. @ هل كان هناك فنان معين يغني أشعارك؟ - بالنسبة لي ففي مجال الشعر كنت هاوية ومن يطلب مني قصائد لا أتردد حيث غنى لي أغلب المطربين منهم طلال مداح وفوزي محسون والفنانة توحة عتاب وابتسام لطفي التي لم يكن بيننا تعاون مباشر ولكنها كانت تغني أغاني لمطربين من كلماتي خلال حفلاتها وابتسام كان لديها فرصة كبيرة بخلاف الفنانين الآخرين وهي أن الإذاعة كانت تطلب أغانيها لتسجلها وتذيعها أما الفنانون الآخرون فكانوا هم يأخذون أغانيهم ويقدمونها للإذاعة. @ أول أعمالك المغناة، مع من كان تعاونك؟ - أول عمل كان مع الفنان طلال مداح يرحمه الله ولحنه الأستاذ محمد شفيق وكان أغنية (بشويش عاتبني بشويش) ولبساطة الكلمات ولهجتها الحجازية كان لها نوع من الجمال ومطلعها يدلك على معاناة المرأة بدون ذكر المعاناة وجاءت هذة الكلمات بسبب تأثري بالمجتمع وبمعاناة المرأة في بيتها وأقصد منها أن الأمور ممكن تجي بشويش. @ رأيك في شعراء الأغنية السعودية؟ - مميزون وأفكارهم جميلة متطورة معاصرة لغتهم ساعدتهم على اقتباس الأفكار وأصبحت الأغنية السعودية الأفضل لأن أفكارها تتجدد وتعاطي الحب تجدد في الأغنية . @ الأصوات الشعرية النسائية، أين هي؟ - الأصوات الشعرية النسائية مقلة ولايوجد صوت نسائي مميز بعكس الرجال فهناك زخم كثير من الشعراء كخالد الفيصل وبدر بن عبدالمحسن وإبراهيم خفاجي وأصوات كثيرة أبدعت في سماء الشعر الغنائي وكانت لهم بصمة وهذا للأسف افتقدناه في المرأة التي تمكنت في هذا الزمن أن تتخطى الحواجز ووصلت إلى مستويات مرموقة سواء علمية أو عملية وكذلك وقوف المجتمع معها والمرأة أبدعت في مجال القصة وهناك الكثير منهن لكن في مجال الشعر لازالت المرأة مقلة علما بأن عالم الرواية أكثر جرأة من الشعر. @ فضلك الشاعر محمد حسن عواد عن الشاعر الرضي، ماتعليقك؟ - هو لم يفضلني بل قارن ولايقصد بجودة الشعر بل قصد أنه إذا كانت الخنساء اشتهرت بالرثاء فثريا قابل لها أكثر من طرح وشخصية جامعة. @ كيف كانت ظروف كتاباتك في ذلك الوقت؟ - كنت أكتب في مرحلة صعبة إذا الأب رضي الزوج يزعل وإذا رضي الزوج زعل الأخ مجتمع مشتت يريد ولايريد يبغى بنته تتعلم ويخاف يؤثر على زوجته وكان المجتمع يشغلني مثلا بنتي إذا فقدت عائلها ماذا تفعل إذا لم يكن معها شهادة سلاحها في مواجهة الحياة تعمل في البيوت خادمة ولماذا تجلس في البيت ومجتمعها في حاجتها إلى اليوم ونحن لازلنا نستقدم معلمات ونحن لدينا الفائض فالمرأة يحتاجها وطنها كما يحتاج الرجل وعلينا أن نفدي هذا الوطن. @ لماذا انقطعت عن النشر؟ - تضحك وتقول صحافتنا اصبحت تريد كاتبا يكتب بجرأة لكن للاسف يكتب وبعدين ينسى وتنساه الناس وتنسى أفكاره ومطالبه، وأقولها علنا لم يعد لدينا كاتب او كاتبة لديهم هدف معين من خلال هذا السيف الصغير الذي في ايديهم، لماذا؟ كيف؟ هل وصلنا الي مرحلة تكاملنا فيها اكتب موضوعا مثل فقاقيع الصابون وانساه، مثلا اكتب عن أي قطاع انا شخصيا اذا كتبت عن جهة ما اتابع ما اكتبه ومطالبي ومطلب المجتمع ان اتابعة حتي يتحقق هذا الشئ هذا الكاتب الذي يتابع.. الهدف ليس ان تاخذ اجرا او ان تكون سعيدا بهذه الزاوية انت تخدم مجتمعا، الصحف اليومية همها المجتمع، صحافتنا وكتابنا الجيدون الاحظ انهم يكتبون في الشان السياسي الخارجي.