ثمة رأي في الطب النفسي يفيد بأن معظم الأمراض النفسية سببها يكمن في نقص أو (لخبطة) في بعض الهرمونات في الجسم.. فيتم تعديلها بالأدوية والوسائل العلاجية الأخرى.. وبعض تلك الحالات تحتاج إلى احتواء وعلاج بالأدوية في منازلهم.. وعلاج سلوكي ونحوه في عيادة الطبيب النفسي.. وبالإمكان أن يندمجوا في المجتمع ويتفاعلوا معه.. وليس صحيحاً ان المريض النفسي مجنون كما صورته بعض الأفلام المصرية القديمة.. ويجب أن ترتقي نظرتنا للمرض النفسي وللطبيب النفسي.. وأن تكون هناك مصارحة ومكاشفة لما قد يعتري الإنسان من (ضيقة) أو وساوس.. كالوسواس القهري ونحو ذلك لمن بيده (بعد الله) حل وإجابة على تلك الأمور (الطبيب النفسي) وعدم ترك الأمور تتراكم إلى أن يصعب علاجها.. والطب النفسي كغيره من أنواع الطب الأُخرى وفروعه يتطور ويخترع طرقاً حديثة في العلاج.. لعل من تلك الطرق العلاجية ما شاهدته في قناة أجنبية.. حيث يقومون في عيادة الطب النفسي (مع المريض نفسه) بإعادة أو تمثيل الحادث الذي كان سبباً في شكوى الإنسان ومرضه.. وأقول لمن يتبع تلك الطريقة في العلاج ان الكثير من الرجال والنساء (في مجتمعنا) كان سبب مرضهم جورا وسوء معاملة في طفولتهم من أبٍ قاس أو ظلم من زوجة أب بعد حرمان من الأم بسبب تطليقها أو موتها ونحو ذلك من أسباب التعسف والقهر من الآباء على صغارهم.. والشاعر العربي يقول: وينشأ ناشىء الفتيان فينا على ماكان عوده أبوهُ وهذا التعويد يكون في حالات كثيرة عدم تشجيع الطفل في صغره وتحقيره (تدقيم وتنهزر) بسبب وبدون سبب.. فتكون النتيجة - كما قال الشاعر - شابا أو رجلا مهزوزا يعيش الإحباط والانهزام في كل وقت.. وهناك نوعية من المرضى (وهم قلة) يشكلون خطراً على أنفسهم وعلى غيرهم.. فيحتاجون إلى تنويم في مستشفى أو مصحة لأخذ العلاج والمراقبة اللصيقة لحالتهم وتصرفاتهم.. وهنا تبرز معاناة أولياء الأمور أو من يعنيهم حال هؤلاء المرضى.. حيث يصطدمون بنفس العذر (لا يوجد سرير) فأين يذهب هؤلاء المرضى وذووهم.. فكل مريض يعيش بين إهمال (يتجهمه) ومرض تملك أمره.. وقد حدث بالفعل أن قام مريض بقتل قريب له ثم حاول الانتحار في مدينة الرياض قبل بضع سنين.. حينها قام المستشفى بتوفير سرير وإدخال المريض..ولكن بعد أن وقعت الفأس بالرأس.. وأحسب ان وجود مرضى تقف وزارة الصحة أمامهم معتذرة وعاجزة.. وصمة عار في جبين كل إنجاز وتقدم ونماء وصلنا إليه.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله.