رحم الله أخانا (الشيخ سعيد بن راشد اليمني) الذي وافته المنية صباح السبت 1429/10/18ه، بعد ان صلى إماماً فجر ذلك اليوم وقرأ آخر سورة الزمر وفيها قوله تعالى (وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا) وأرجو الله تعالى أن يكون وإيانا والمؤمنين ممن يساقون الى الجنة زمرا، وأن يقول عند ربه (الحمد الله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فنعم أجر العاملين). لقد رحل أبو فيصل عن دنيانا الفانية الى رحمة ربه الواسعة التي وسعت كل شيء، بعد أن قضى ما يقارب أربعين سنة خطيباً وإماماً في مسجد قصر الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بالملز يوم كان خادم الحرمين الشريفين يسكن هناك في أول التسعينات الهجرية وكان - حفظه الله - وقتها رئيساً للحرس الوطني ثم نائباً ثانياً لرئيس الوزراء ثم ولياً للعهد في عهد كل من الملوك (فيصل وخالد وفهد) رحمهم الله، وكان أخونا (الشيخ سعيد) يصلي إماماً للجمعة في ذلك المسجد الذي بناه وشيده وصلى فيه (عبدالله بن عبدالعزيز) الأمير ثم الملك - متعه الله بالصحة والعافية - وكان يحب الشيخ ويقدره ويرتاح لإمامته وخطبته، ولما انتقل الملك (عبدالله) الى قصره الحالي طلب من (الشيخ سعيد) الانتقال الى مسجد القصر الجديد، لكنه رحمه الله آثر البقاء في المسجد الأول رغبة في احياء المسجد، فأجاب الملك طلبه، وأكرمه بإعادة عمارة المسجد للمرة الثالثة على أحسن طراز. لقد عرفت (أبا فيصل) خالاً لأبنائي (ابراهيم، وعاصم، وعبدالملك، ونايف) من قبل ثلاثين عاماً، وكان نعم الخال والنسيب: وصولاً للرحم باراً بوالديه قليل الكلام، لا تهمه الدنيا وحطامها، لا يحاسب ولا يعاتب، ولا يناكف، ولا يغاضب، ولا يعاند، بل يحترم الكبير ويحنو على الصغير، ويحب الأخيار والعلماء وخاصة مشايخنا الأجلاء ويزورهم كالشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ صالح الأطرم رحمهما الله، والشيخ راشد بن خنين والشيخ صالح الفوزان، وكان يسألني كثيراً عندما كنت أقدم برنامج (نور على الدرب) في إذاعة القرآن الكريم عن الشيخين ابن باز والفوزان وعن أخبارهما. لقد عرفت أخي ونسيبي (سعيد بن راشد اليمني) ولم أسمع له مبغضاً او أعلم له كارهاً، عرفته وصاهرته فلم أسمع منه كلمة نابية أو جارحة، بل كان متواضعاً مجيباً للدعوة مقدراً للناس، مجوداً للقرآن الكريم، محباً للعلماء ولأئمة الحرمين الشريفين، متابعاً لأخبارهم مستفيداً من خطبهم منذ أيام الشيخ عبدالله الخليفي رحمه الله والشيخ عبدالعزيز بن صالح رحمه الله، وأذكر أنه في أول خطبة في مسجده كان يستفيد من خطب الشيخ عبدالله خياط رحمه الله، ثم صار يستفيد من خطب العلماء المعتبرين خاصة الشيخ صالح الفوزان الذي كان يحبه كثيراً ويزوره. وعرفت أبا فيصل رحمه الله صبوراً على أذى الجاهلين والمتعجلين من بعض المصلين، وكان مسامحاً من يطلب منه العفو، ولا يغتاب أحداً من الناس، وعرفته وفياً لولاة الأمر محباً لهم داعياً الى السمع والطاعة لهم بالمعروف ويدعو لهم بالعز والتمكين، مقدراً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وفاءه معه ومع أسرته، شاكراً له حنوه عليه واهتمامه بعمارة مسجده وكان يدعو له بالصحة والعافية. إن شهادتي في خال أولادي وأخي (الشيخ سعيد) مجروحة بحكم المحبة والتقدير المتبادل بيننا، لكن كتبت هذه الأسطر من باب الوفاء له، وعزاءً لي ولزوجتي وأولادي أولاً وعزاءً لوالدته وإخوانه وزوجته وأولاده، سائلاً الله تعالى له ولنا المغفرة والرضوان وأن يسكنه فسيح الجنان مع والده وموتى المسلمين (إنا لله وإنا إليه راجعون). @ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية