مخلد القثامي أحد الشعراء العمالقة في العصر الماضي تناقلت قصائده الركبان و حفظها الصغير قبل الكبير لسلاستها ورقتها وعذوبتها وعمق مفرداتها ملأت شهرته الآفاق طرق أغراض الشعر بلا استثناء ورسخت أبياته في أذهان عشاق الشعر ومحبيه جيلا بعد جيل لاسيما قصائد الوصف والقصائد العاطفية التي أبدع في نظمها فأصبحت متداولة في مجالس الشيوخ والأمراء و جلسات السمر وعلى ظهور الهجن يتغني بها عازف الربابة وحادي العيس فلامست شغاف القلوب ولم يكن الغزل لدى القثامي نابعا من وحي الخيال بل عاش قصصا واقعية وغراما في حياته دفع بقريحته لنثر الإبداع الذي فاق حدود الإقليمية وتجاوز مئات الأميال ليتغني به عشاق لم تكتب لهم موهبة الشعر ليجدوا فيه متنفسا لهم من كمد الفراق وحرقة الأشواق ذاع صيته وتناقلت الرواة أشعاره عاش في بيئة صحراوية في سهل ركبة شرق الطائف وقد كان يحظي بتقدير شيوخ القبائل والحكام في تلك الحقبة الزمنية التي عاشها لما يمتلكه من موهبة فذة وثقة في النفس تجلت في أحلك الظروف التي ترتعد لها فرائص الرجال ولد بالقرب من وادي العقيق الشهير عام 1270ه وعاش متنقلا بين الحجاز ونجد حتى وافته المنية عام 1337ه بموقع يسمى (الشق)شمال شرق عشيرة وقد كان مخلد القثامي شاعرا متنوعا طرق جميع أغراض الشعر بأنواعها المديح والهجاء والوصف والغزل والنصح وتفرد عن غيره بقصائد (المرصعات) والمرصعات أبيات شعرية أو قصائد مكتملة تحتوي على تكرار قافية معينة قد تصل إلى ثلاث أو أربع وقفات في البيت ولم تكن قصائده في الأبواب الأخرى أقل قيمة فنية وأدبية من الغزل وهناك قصائد لم تنشر في كتب التراث الشعبي ولم تصل للرواة ومنها في الغزل: كريم يابرق جذبني رزيمة عني تنصى كشب والماعزي فيه على ديار اللي وصوفه عديمه مالان قلبي لين سقى مرابيه عليه بيبان الضمائر محيمه ويفز قلبي كل ماأوحيت طاريه لطف الحشايا ضيق ربطه بريمه من دق خصره قادم البكر ترويه وفي تفاخره بموهبته الشعرية الفذة يقول مخلد: يقول مخلد قال من زين الأمثال.. طرايف رتبتها من ضميري القاف بارع فيه وأحكم معانيه مانيب في رد المثل مستعيري هرجي طريف له النشامامشاريف ليا جلست المجلس المستديري مجلس رجال لاجلس فيه عقال ليا سلم لايحضره كل هيري يعم العلوم ليا حضر كل شغموم هي عادته يامال حوس المريري ومن أبرز قصائد مخلد - رحمه الله -قصيدة النصح التي وجهها لولده الوحيد غازي رحمه الله والتي يقول فيها: أوصيك ياغازي ترى الروح فانيه الايام تضحك بك ولايندري بها تغانم شبابك قبل يلعبك الجهل تلحق زهرها قبل يابس رطيبها زهرها الكرم والدين والصمت والظفر وعرف الرجال اللي تنومس صحيبها أوصيك فالخطار مع هاشل العشا اذا نصوبك لاتقصر وجيبها وان كان ماتجد عشاهم بحاضر عسى ببيتك صرة تشتري بها تلقى كروف الضان حواشة الغنم زد الردي عن سومة مارضي بها إلى أن قال: أوصيك بنت اللاش يعجبك زينها تحنى كواعبها وتنثر ذويبها تراها سوات العشب في دمنة العرب حتى حمار الحلس مايرتعي بها تجذب خناطيل تصارف عيونهم أبوها وأخوها قاعدين لصيبها وعن ديوان الشاعر مخلد القثامي فقد ذكر أحد أقربائه موسم القثامي ل "الرياض" أن البحث لايزال جاريا عن قصائد مخلد القثامي عند الرواة الثقات والمهتمين بالموروث الشعبي وقد تسببت وفاة ابنه الوحيد غازي في ضياع جل النتاج الشعري لوالده فقد كان الوحيد الذي يحفظ قصائد والده عن ظهر قلب ولم يدونها لبراعته في حفظها وروايتها وعند وفاته فقدت وخسرنا بوفاته مجلدا متنقلا لمخلد القثامي أما مايتعلق بديوانه فسيكون واقعا ملموسا خلال الأيام المقبلة وسيرى النور قريبا بجهود الأوفياء لمسيرة هذا العلم.