إن ال "ب اس أي انزيم من عائلة سيرين بروتياز يفرز على وجه الحصر من البروستاتا في السائل المنوي ويقوم باماعته بعد القذف. ومنذ اكتشافه واستعماله على نطاق واسع عالمياً سنة 1988م، كان الاعتقاد عندئذِ ولا يزال حتى أيامنا هذه عند بعض الأشخاص والأطباء، أن ارتفاع هذا المستضد يعني في معظم الحالات الإصابة بسرطان البروستاتا مما يستدعي استخزاعها بالإبرة عبر الشرج تحت مراقبة الأشعة فوق الصوتية لاثبات وجوده، رغم أن عدة اختبارات طبية أظهرت ارتفاعه في بعض حالات تضخم البروستاتا الحميد او اصابتها بالالتهاب وبعد قطعها بمنظار القطع او استخزاعها او ادخال قثطرة في المثانة وحتى في غضون 48ساعة بعد القذف ناهيك انه في بعض حالات الاصابة بسرطان البروستاتا قد يكون معدل ال ب اس أي" في الدم طبيعياً. وطالما ان ارتفاع هذا الانزيم عند الرجال يسبب لمعظم الرجال عادة القلق الشديد خشية من اصابتهم بالسرطان البروتساتي ويعرضهم احيانا للعديد من التحاليل والفحوصات غير الضرورية مع تكاليفها الباهظة، فقد قررنا في هذه المقالة تزويد قرائنا الأعزاء بآخر المستجدات حول هذا التحليل ومدى دقته في تشخيص السرطان وتقلب مستواه في الدم عند نفس الرجل خلال أشهر ومنفعة المعالجة بالمضادات الحيوية لبعض الرجال لتخفيضه والاستغناء عن استخزاع البروستاتا. يتعدى معدله في الدم ان تلك المعلومات ولاشك في غاية الأهمية للملايين من الرجال عالمياً ومحلياً لتفهم آلية ومدى قصور هذا التحليل المميز في تشخيص سرطان البروستاتا. ان تركيز هذا الانزيم في البروستاتا يتعدى معدله في الدم حوالي مليون ضعف وقد يتقلب مستواه عند نفس الرجل حسب نوع التحليل المستعمل ومن مختبر الى آخر وذلك بمعدل حوالي 15% لل "ب أس أي" الاجمالي وحوالي 14% لل "ب اس أي" الحر وذلك خلال اسبوعين. ورغم ان الاعتقاد الطبي السائد كان والمتفق عليه أن حده الاقصى في الدم يجب أن يكون 4نلوغرام لكل ميليلتر أو أقل فإن الاختبارات الحديثة التي قام به االدكتور كتالونا وزملاؤه في شيكاغو خفضت هذا المعدل إلى 0.7نلوغرام للرجال في العقد الرابع من العمر و 0.9نلوغرام في العقد الخامس و 1.3نلوغرام في العقد السادس و 1.7نلوغرام في العقد السابع مما يعني ان حوالي 20% من الرجال قد يكونون مصابين بهذا السرطان حتى في حال لم يتعدّ معدل ال "ب اس أي" 0.2نلوغرام، مما يشدد على أهمية تحديد معدل ال "ب اس أي" الحر وسرعة زيادة ارتفاع مستوى ال "ب اس أي" الاجمالي ونسبة مضاعفته خلال سنة أو أكثر لاثبات الاصابة بسرطان البروستاتا. والجدير بالذكر كما ابرزه الدكتور ايستهام وفريقه، فهنالك تقلب في مستوى ال "ب اس أي" وتقلب معدله بعد سنة من المتابعة بنسبة حوالي 26% الى 37% واحتمال تطبعه بنسبة حوالي 45% الى 55% في غضون 4سنوات بدون أي علاج مع استقراره بمستوى طبيعي بنسبة حوالي 65% الى 83% على المدى الطويل في تلك الحالات مما يشدد على أهمية اعادة تحليل مستواه لأكثر من مرة قبل اللجوء الى استخزاع البروستاتا ناهيك انه من الخطورة القصوى عدم اهمال ارتفاعه مع امل تطبيعه تلقائياً مما قد يسبب تقدم الورم وانتشاره في حال تواجده محصوراً في البروستاتا وذلك بدون استشارة الاخصائي في الأمراض البولية والتناسلية ومتابعته الدورية للمريض. يرتفع في فصل الصيف ومن الاكتشافات الحديثة التي أبرزها فريق من الاخصائيين الفرنسيين ان معدل ال "ب اس أي" يرتفع عادة في فصل الصيف أكثر من باقي فصول السنة مما يؤدي الى القيام باستخزاع البروستاتا بمعدل أكثر من 23% خلال هذا الفصل مقارنة بباقي الفصول. وبالنسبة الى استعمال عقار "البروسكار" لمعالجة أعراض تضخم البروستاتا الحميد او استعمال عقار "بروبيسيا" من نفس العائلة ولكن بجرعة مخفضة لمعالجة الصلع، فإن هذين العقارين يخفضان معدل ال "ب اس أي" بنسبة حوالي 50% و40% على التوالي. وبما أن بعض الاختبارات الحديثة قد أظهرت ارتفاع مستواه نتيجة اصابة البروستاتا بالالتهاب الجرثومي، فقد اعتمد عدة اخصائيين على معالجة تلك الحالات بالمضادات الحيوية من عائلة "كيونولون" لمدة اسبوعين الى 4أسابيع مع تطبيع معدل ال "ب اس أي" بنسبة حوالي 42% مما يثبت خبرتنا الشخصية في تلك الحالات ويؤدي الى تفادي القيام بعدة اختبارات وفحوصات اضافية التي قد تشمل استخزاع البروستاتا مع احتمال حصول مضاعفات خطيرة بسببها فضلاً عن أن سرعة ارتفاع معدل ال "ب اس أي" في غضون سنة انخفضت بعد العلاج بالمضادات الحيوية بنسبة حوالي 36% مع تشخيص السرطان عند حوالي 30% فحسب من تلك الحالات. بينما تبين أنه في حال عدم استقرار او اذا حصل زيادة في مستواه بعد العلاج بالمضادات الحيوية فإن معظم المرضى اصيبوا به. وخلاصة القول ان ارتفاع معدل ال "ب اس أي" رغم اهميته القصوى كواسم لتشخيص سرطان داخل البروستاتا غير انه غير نوعي او دقيق في تشخيص هذا الورم، إذ أنه قد يرتفع في حالات أخرى ابرزها تضخم البروستاتا الحميد او اصابتها بالالتهاب وناهيك انه قد يكون طبيعياً حتى في حال وجود السرطان مما يستدعي القيام به مجدداً بعد فترة في نفس المختبر مع نصيحة المرضى بالامتناع عن المجامعة والقذف لمدة 48ساعة وعدم معالجته بالمضادات الحيوية قبل اجرائه. وفي حال الاشتباه بإصابة البروستاتا بالالتهاب حسب الفحص السريري والتحاليل المخبرية خصوصاً بناء على مزرعة البول بعد التدليك البروستاتي والافرازات البروستاتية يتم المعالجة بالمضادات الحيوية من عائلة "كيونولون" لمدة اسبوعين الى 4اسابيع مع اعادة تحليل ال "ب اس أي" بعد حوالي 4الى 6أسابيع من انتهاء العلاج. فاذا ما تطبع مستواه فلا داعي الى استخزاع البروستاتا بل يجب متابعة الرجل دورياً كل 3الى 6أشهر واعادة الفحص السريري للبروستاتا بالاصبع عبر الشرج واعادة تحليل ال "ب اس أي". اما اذا لم ينخفض معدله او اذا ما ارتفع بعد المعالجة بالمضادات الحيوية فإن ذلك يستدعي استخزاع البروستاتا بالابرة عبر الشرج تحت مراقبة الاشعة فوق الصوتية بعد مرور حوالي 4اسابيع من انتهاء العلاج بالمضادات الحيوية لتفادي حصول التهاب حاد او تجرثم الدم بعد الاستخزاع.