تصريحات هنري بولسن وزير الخزانة الأمريكي العلنية منذ بداية الأزمة في أبريل 2007م تقريباً مروراً بإعلان بنك بيرستيرن افلاسه مارس 2008م وحتى الآن وهي تكاد لا تخلو من مقولة "النظام المصرفي (في الولاياتالمتحدة) أمن وسليم والتي استخدمها الرئيس الأمريكي السابق هيربرت هوفر خلال حملته الانتخابية أمام فرنكلين روزفلت عام 1930م بعد انهيار سوق الأسهم في عام 1929م ومعه العديد من البنوك، هذا بالإضافة إلى تصريحاته المتكررة بأن ما يحدث هو حركة تصحيح في سوق المنازل وصلت إلى القاع وسيتم السيطرة عليها (شهري أبريل ومايو 2007م). من جهة ثانية عندما ذهب وزير الخزنة هنري بولسن أمام اللجنة المالية بالكونجرس الأمريكي لحثهم على الموافقة على خطة الإنقاذ والتي تصل إلى 700بليون دولار لدعم القطاع المصرفي المترنح لم يتحدث أو يتطرق الوزير بولسن إلى أمن وسلامة القطاع المصرفي كالعادة ولكن تحدث عن كارثة وانهيار على وشك أن تحدث للاقتصاد الأمريكي إذا لم يتم الموافقة على الدعم الحكومي للبنوك والمؤسسات المالية المتعثرة. في حين كانت المؤسسات المالية الكبرى الأمريكية تنهار تصريحات الوزير بولسن العلنية المتكررة تؤكد سلامة وأمن القطاع المصرفي وان ما يحدث هو حركة تصحيح سيتم السيطرة عليها، النقلة النوعية لتصريحات الوزير الأمريكي خلال فترة السبعة عشر شهراً الماضية من أبريل 2007م وحتى سبتمبر 2008م من أمن وسلامة القطاع المصرفي، وان ما يحدث (لسوق المنازل) حركة تصحيح وتحت السيطرة إلى كارثة وانهيار للاقتصاد الأمريكي في شهادته أمام الكونجرس، تلك الفترة (مدة 17شهر تقريباً) تصريحات الوزير بولسن هل كانت ترمي لاخفاء معلومات تتعلق بتدهور الأزمة التي تمر بالاقتصاد الأمريكي، إضافة إلى حجب حجم المخاطر المتعلقة بها مما أدى إلى طمئنة المستثمرين الخليجيين واقنعتهم بزيادة استثماراتهم في السوق الأمريكية وخاصة القطاع المصرفي وتحديداً بنك ليمن الذي انهار أو ترك لينهار على عكس بيرستيرن، فاني مي، فريدي ماك وAIG أم اهمال وسوء إدارة لتلك الأزمة بدون ادراك لابعاد وخطورة ما يحدث. السؤال هنا هل تم تضليل المستثمرين الخليجيين عمداً باخفاء معلومات تتعلق بحجم المخاطر الاستثمارية من قبل وزير الخزنة هنري بولسن وقوله بأن الوضع أمن وسليم (القطاع المصرفي) وتحت السيطرة في حين كان يعلم أن الوضع الحقيقي للاستثمارات الأجنبية بعيد كل البعد عن الأمن وقد وضح ذلك في شهادته أمام الكونجرس لمناقشة خطة الإنقاذ "بأن الاقتصاد الأمريكي على وشك الانهيار" وهذا يخالف ويتنافى تماماً مع تصريحاته العلنية والتطمينات المتكررة بأن الأمور تحت السيطرة ولا داعي للخوف من أبريل 2007م وحتى خطة الإنقاذ الحالية 2008م، أم أن ما حدث لا يعدو كونه "سوء إدارة للأزمة" في كلا الحالتين خسائر المستثمرين الخليجيين هائلة وقد لا نعلم مدى حجمها أبداً. طبقاً لتسلسل الأحداث وتصريحات المسؤولين الأمريكيين على مدى سبعة عشر شهراً تقريباً من الأزمة قد يكون هناك أمل ولو ضئيلاً جداً للمتضررين في دول المنطقة من أفراد، شركات، بنوك، محافظ استثمارية أو صناديق سيادية من الذين استمروا في بنوك، شركات تأمين أو مؤسسات مالية أمريكية من التي أعلنت افلاسها، انهارت أو انخفضت قيمتها السوقية بنسبة كبيرة جداً من شهر أبريل 2007م وحتى السنة الحالية 2008م مثل فاني مي وفريدي ماك، بنك ليمن بروذر، AIG للتأمين، ماري لينش وبنك الاستثمار بيرستيرن وغيرها في استعادة جزء من الخسائر عن طريق مطالبة الحكومة الأمريكية بدفع تعويضات بسبب تضليل أو اهمال لاستثماراتهم من قبل الإدارة الأمريكية ممثلة في وزير الخزنة هنري بولسن قوله "بأن النظام المصرفي امن وسليم وتحت السيطرة" في حين أن توجه الأمور كان عكس ذلك تماماً، وعلى ضوء ما قام به بنك أبوظبي التجاري من رفع دعوى قضائية مماثلة تقريباً تتعلق باخفاء معلومات عن حجم المخاطر على بنك الاستثمار مورجان ستانلي وبنك أوف نيويورك ميلون ووكالتي موديز وستاندرد اند بورز للتصنيف في إدارة صندوق انهار في الأزمة الائتمانية الأمريكية. هذا فيما يتعلق بالجانب القانوني من جانب آخر (استثماري) تجميد كافة الاستثمارات الخليجية داخل السوق الأمريكية أو ما تبقى منها حتى تتضح الرؤية المجريات الأزمة الحالية التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي وعدم الاعتماد على تصريحات مسؤولي الإدارة الأمريكية على مجريات ما يحدث أو على الأقل "حتى يصحو الوول ستريت من سكرته" على حد تعبير الرئيس بوش تعليقاً على الأزمة الائتمانية التي تمر بالسوق الأمريكي في 23يوليه 2008م قوله بأن وول ستريت سكر "شرب الخمر" ويحتاج إلى أن يصحو من سكرته، تلك الصحوة قد لا تأتي حتى الربع الأول من العام القادم 2009م وتولى الإدارة الجديدة مسؤوليتها التي قد تعيد الثقة مرة أخرى للأسواق المالية بسبب سوء تعامل الإدارة الحالية مع الأزمة الائتمانية التي أدت إلى تضرر العديد من المستثمرين الأجانب وخاصة الخليجيين منهم، من جهة ثانية الخيارات المتاحة حالياً الآن أمام المستثمرين الخليجيين في السوق الأمريكية هي سحب الاستثمارات المتبقية وتوجيهها إلى مناطق أقل خطورة من السوق الأمريكي، الخيار الثاني الاستثمار في الأصول أو العملة الصعبة كالذهب أو الاستثمار في بنك جولدمن ساك على الأقل سنضمن حماية وزير الخزنة الأمريكي هنري بولسن لبنك جولدمن ساك الذي كان يتولى قبل توليه وزارة الخزنة في عام 2006م، هذا إلى جانب أن الوزير بولسن يملك طبقاً لبلومبرج في 24سبتمبر 2008م حوالي 4مليون وستمائة ألف سهم في بنك جولدمن تصل قيمتها إلى حوالي 700مليون دولار أمريكي، إضافة إلى ذلك ومن خلال خطة الإنقاذ سيتم تنظيف القوائم المالية لبنك جولدمن ساك من الديون الميؤوس منها وهذا بطبيعة الحال سينعكس على قيمتها السوقية إلى أعلى، خاصة إذا علمنا أن للوزير بولسن مطلق الحرية في تنفيذ خطة الإنقاذ طبقاً لفقرة 8(من خطة الانقاذ) والتي تنص (بشكل عام) على أن "قرارات الوزير بولسن في التنفيذ غير ملزمة أو خاضعة للعرض على لجان لاخذ الموافقة، ولا يمكن أن يطلع على أدائها سلطة قانونية أو إدارية". @ مستشار اقتصادي