مع بداية العام الدراسي قد يحتار الأهل إن كان عليهم ارسال ابنائهم لمدارسهم من أول يوم أم أن الحكمة وربما سلامتهم تقتضي أن يؤخروهم ليوم أو يومين حتى يضمنوا جاهزية المدارس لاستقبالهم! قد تبدو هذه المقدمة غير منطقية لكن قليلاً من الشرح قد يفي بإزالة العجب من كلماتها وسطورها إذا ما طرحت قضية نظافة المدارس الحكومية وجاهزيتها لاستقبال طلبتها في مطلع العام الدراسي وتحديدا الأسبوع الأول للنقاش. أذكر أني كنت قد دخلت في نقاش مع أم أشارت إلى أنها تتعمد عدم ارسال أبنائها وبناتها في الأيام الأولى من الموسم الدراسي إلى مدارسهم حتى تتأكد من جاهزيتها خصوصا وأن أبناءها يعانون من حساسية الصدر وطبقات الأتربة والغبار التي اعتادت المدارس استقبال طلبتها بها قد تثير أزمة ربو تستمر لأيام وربما أسابيع، لم أقتنع بحجتها وقتها واستهجنت فكرة حرمان ابنائها مشاركة زملائهم فرحة الاحتفال بالموسم الدراسي إلا أني قد عذرتها بعد أن استمعت إلى شكوى كثير من المعلمات من تكرار هذه المأساة في كل عام والتي تتلخص في تقاعس الجهات الرقابية في وزارة التربية والتعليم عن مراقبة الشركات والمؤسسات المسؤولة عن الصيانة والنظافة عن القيام بعملها بتهيئة المدارس لاستقبال كادرها التعليمي وطلبتها وتنظيفها وصيانتها كما هو متوقع ومطلوب منها القيام به مع بدء العام الدراسي. القضية ليست حديثة عهد بل هي مشكلة مزمنة تتكرر في كل عام دون أن يطرأ عليها أي تحسن أو بوادر بالاهتمام. شكاوى كثيرة تسمعها من المعلمين والمعلمات على حد سواء مع بدء الدوام من عدم جاهزية المدارس لاستقبالهم، تعرض كثير منهم لمخاطر صحية وتمتص حماسهم وتخمده لما يجدون عليه المدارس من سوء حال. في هذا العام ذكرت لي إحدى المعلمات أن مديرة المدرسة قد اضطرت الى استئجار عاملات نظافة على حسابها الخاص لتنظيف المدرسة بعد ان صرفت الطالبات في وقت مبكر جدا لعدم جاهزية المدرسة لاستقبالهن وخوفا على سلامتهن. في إحدى مدارس رياض الأطفال رجت مديرة المدرسة جميع معلماتها القيام بتنظيف جميع الأدوات التعليمية والوسائل الإيضاحية والتأكد من ازالة الأتربة من عليها خوفا على سلامة الأطفال. بل إن بعض المعلمات اشتكين من وجود بقايا لمواد بناء وصيانة في المدارس تركها عمال الصيانة وراءهم دون أن يهتم أحد بإزالتها مما يهدد سلامة الطالبات ويعرضهن للخطر. قد يحاول البعض إيجاد أعذار لهذا التقصير أو التقليل من شأنه لكنه في الواقع يشير إلى خلل مزمن يستوجب الإصلاح ويظهر بشكل واضح عدم قيام شركات الصيانة والنظافة بواجبها ووجود فجوة كبيرة بينها وبين الإدارات المسؤولة في وزارة التربية والتعليم. لأنها مشكلها اشتكت منها مدارس المدن والقرى والبنين والبنات على حد سواء ومن الصعب جدا إيجاد مبرر منطقي لها.