دخلت أحلام المعمل وأخذت تحيي زميلاتها بابتسامتها الواسعة كعادتها ونظراتها البريئة وبصوت يتهدج من البراءة: صباح الخير يا منى وصباح الخير يا أمل وصباح الخير للجميع.. أمل ومنى تردان التحية ببرود ثم تتهامسان بهزء وبابتسامة ماكرة مسكينة احلام ستبقى طوال عمرها غبية وبريئة اصبحنا في الثانوية العامة ولازالت لا تعرف الصياد بعد!! ضحكات صفراء تنبعث داخل المعمل.. طأطأت احلام رأسها بحزن.. آااه.. دخلت أبلا مشاعل معلمة الكيمياء المعمل.. سكووت لنبدأ الدرس يتعالى صوت أبلا مشاعل ويتجلجل في ارجاء المعمل: الكيمياء هي الحياة يا بنات والحياة هي الكيمياء.. فالكيمياء يدخل في حياتنا اليومية و.. و.. عندها تستغرق احلام في التفكير: الأستاذة مشاعل تقول الكيمياء هي الحياة ومنى وأمل تقولان عني انني لا افهم الحياة فهل الكيمياء هي الحياة حقاً؟؟! فجأة تهتف أبلا مشاعل بحدة: احلام ماهي الهيدروكربونات؟ تتعلثم أحلام... آ أأ هي آ أأأ تصرخ أبلا مشاعل (إنك في عالم آخر.. يا للغباء!) تنبعث ضحكات البنات مرة اخرى يحمر وجه احلام خجلاً وحزناً.. ينتهي العام الدراسي والأسئلة تنطلق: ماذا ستدرسين يا أحلام بأي قسم؟؟ أحلام تفكر بصمت تتذكر حديث منى وأمل وحديث أبلا مشاعل عن الكيمياء والحياة.. تهتف على طريقة (وجدتها!!) الكيمياء نعم هو الكيمياء.. الكيمياء هي الحياة سألتصق بالكيمياء لكي افهم الحياة وأفهم الكيمياء!! تدلف أحلام قسمها تتلفت يمنة ويسرة لتجد لوحة زرقاء بائسة صغيرة كتب عليها (قسم الكيمياء) ثم تجد لوحة اخرى لكنها ضخمة وصفراء قد اكل عليها الدهر وشرب قد كتب عليها (الكيمياء والحياة) فرحت احلام كثيراً اذاً انا في المسار الصحيح تمر السنة الأولى فترسب أحلام في مادة لكنها تواصل لكي تفهم الحياة!! تمضي السنة الثانية والثالثة تنظر احلام الى لوحة الكيمياء والحياة بحيرة لم أفهم الكيمياء بعد ولا الحياة الا بأس.. ربما في السنة الأخيرة سأستفيد يمضي منتصف السنة الرابعة ولم تفهم احلام اي شيء في الحياة.. ولم تفهم حسن الكيمياء سوى بعض المباديء الرئيسية.. تنظر الى اللوحة الصفراء بخيبة أمل لكنها تحاول الصمود.. وتنتهي احلام من دراستها لكنها لم تفهم اي شيء من الحياة فهي لازالت طيبة القلب الا ابعد الحدود لم تتعلم النفاق او الزيف او التصنع بمعنى - غيبة في نظر الكثير - تستلم احلام وثيقة التخرج بخطوات متثاقلة.. تنظر الى اللوحة الصفراء بحسرة وندم ثم.. تنخرط احلام بالبكاء العميق..!!.