من المسلم به أن العلم بدون تربية لا ينفع الإنسان فضلاً عن الإنسان المسلم وإذا لم يتلق الطفل التربية فإنه مهما تلقى من علوم الدنيا عالماً في أي فن من الفنون فإنه يظل عرضة للانحراف وتطغى عليه الروح المادية وبدلاً من ان يصبح العلم بين يديه رحمة للإنسانية يصبح وسيلة للتدمير والتخريب والاستغلال وهذا أخطر ما يعانيه مجتمعنا اليوم. الإسلام ينظر الى الانسان على انه خليفة الله في أرضه والشباب المسلم هو حامل رسالة السماء الى الإنسانية كلها من هذا المنطلق يعد الإسلام أبناءه. لمواجهة كل هذه التحديات لابد من البحث عن المربي والتخلي عن دور المعلم التقليدي (تعليم، تلقين) علينا البحث عن آليات وأنماط تضمن ان يكون المعلم (المربي) من نوع آخر. المعلم (المربي) هو مفتاح التغيير بل وصانعه فالمعلم (المربي) هو الذي يدخل غرفة الصف ويغلق الباب خلفه ولا احد يعرف ماذا يدور ويحدث بعد ذلك.؟ المعلم (المربي) هو الذي يربي أبناءنا وهم في عمر الورود اودعناه مستقبلنا وطموحنا لكي يصنع منهم شباب المستقبل. المعلم (المربي) هو الذي ملكناه عقول أبنائنا وعواطفهم لسنوات طويلة قد تمتد الى ست عشرة سنة. عسكرة المدارس والفصول (إن صحت التسمية) يجب ان تنتهي. على المربي ان يكون مستجيباً حساساً متفهماً لحاجات من يربيهم وخاصة الأطفال في سن الزهور، المربي يتعامل مع تلاميذه باعتبارهم أفراداً مختلفين ذوي حاجات مختلفة وربما خاصة. فالطفل في المرحلة الابتدائية يحتاج الى شرب الماء بين فينة وأخرى لكن المعلم العسكري يمنعه من الخروج لعدم معرفته بخصائصهم ولعدم ثقته بهم ولو اخرجه لأعاده العسكري الآخر المسؤول عن الممرات والساحات. فالطفل يمنع من اشباع حاجاته الأساسية ومن ثم يبدأ الطفل في عدم الإفصاح عن حاجاته خوفاً من النظام العسكري وقد يرطب ملابسه على مقعده ولا يفصح عن ماذا يريد بسبب عدم السماح له بممارسة هذا الحق الطبيعي. من هنا ينشأ الطفل ولديه ميل شديد للخضوع وإتباع الآخرين لا يستطيع ان يبدي رأيه او يناقش او يبدع او يفكر وقد ينشأ الطفل عدوانياً يخرب يكسر لا يحافظ على الممتلكات العامة لماذا لأنه لم يشبع حاجته وحريته ويستمتع بها في صغره. ان الحزم والشدة هو الأسلوب الأخطر على الطفل اما العنف فيزيد تعقيد المشكلة وتفاقمها وإذا صاحب ذلك شتم او ألفاظ قبيحة فالنتائج وخيمة ويزداد الأمر سوءاً اذا قرن ذلك بالضرب. لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ضرب البهائم فكيف بالمتربي. عندما نشاهد أخطاء قاتلة وفاضحة من شباب وفتيات اليوم التي يشيب لها الشعر فمن أين اتت ومن أوصلهم فهم نتاج اسرنا الإسلامية المحافظة ومن نتائج مدارسنا العامرة ومجتمعنا الإسلامي المحافظ فأين الخلل. الخلل ان تربية الأمس لم تعد تصلح اليوم كما ان تربية اليوم لا تصلح للغد. هل النظام التعليمي مأزوم ويعاني من سلطة المعلم، وأساليبه التقليدية، تلقين، تكرار، اعتماد على الكتاب المقرر، إدارة مدرسية تقليدية، أحادية التعليم. هل (فعلا ما جنينا من التلقين الببغائي الا الحنظل) نريد تربية وتعليم تحفظ الدين والوطن والنفس والعقل والعرض والمال. فالتربية ليست تلقيناً بل اقناع واقتناع وانتهاز الفرص والمواقف للتوجيه والتربية كما في المثال النبوي عندما طلب منه الصحابي الإذن بالزنا كيف رباه بأبي هو وأمي وبأسلوب عجز عنه حكماء الدنيا. اذاً فالإسلام يرفض التوجيه الفوقي والتلقين الآلي ولا يقر الإملاءات العسكرية والمواقف التشنجية الحديدية. على المعلم (المربي) ان يعرف حاجات الشباب النفسية والعاطفية والجسمية والاجتماعية والمعرفية عليه ان يطلع على نظرية (ماسلو) في الحاجات الإنسانية. باختصار نريد معلماً مربياً بالدرجة الأولى ثم ننطلق.