الحمد لله الذي جعل صلاح الأبناء طمأنينة للأنفس قرة للأعين حيث قال تعالى (( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً )) سورة الفرقان آية 74 ولكن كلنا نعلم أن هذا الصلاح لا يأتي من فراغ بل له أسباب وأتعاب وقبلها دعاء رب العباد,لان الله هو الهادئ إلى سواء السبيل.والتربية كذلك مسؤولية عظيمة وأمانة لا مفر منها. يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]. إن مسؤولية تربية الأبناء مسؤولية عظيمة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث: "الرجل راع و مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية ومسؤولة في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"، (رواه البخاري ومسلم) تربية الابناء على حالين لا ثالث لهما: الأولى : أن تكون على التربية المحمدية على معلمها أفضل الصلاة والسلام, وهي تربية شاملة لجميع جوانب التربية في الحياة فهي التربية الدينية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية. وهي صالحة لكل الأجيال عبر الزمان والمكان حتى قيام الساعة ومن وفق لها جنى ثمار تلك التربية بكنز من السعادة في الدنيا والآخرة للوالدين ,للأسرة بل للمجتمع بأكمله. اما الحال الثاني من التربية: فهو تربية ضياع وإهمال وقسوة زائدة أو تدليل مفرط وهذه التربية بعيدةً كل البعد عن التوفيق لما يرضي الله وبعيدة كل البعد عن التوافق الأسري والاجتماعي وحتى النفسي. هذه مقدمة أصغتها كما يملي علينا ديننا لان الكتاب الكريم وسنة محمد عليه الصلاة والسلام منهج كل مسلم . ولكن دعوني أتحدث إليكم بلغة واقعنا فلو نظرنا إلى مجتمع المملكة العربية السعودية لوجدنا جله مجتمع بادية, والبادية تعلم الكثير من الصفات الحميدة والأخلاق الفاضلة مثل الكرم والشجاعة والفصاحة وما إلى غير ذلك, حتى أن محمد صلى الله عليه وسلم تربى في البادية ونهج كثير من العرب من بعده إلى بعث أولادهم إلى البادية لنفس الأسباب لكن في حقبة من الزمن انقسمت الدولة الإسلامية إلى دويلات وظهر بعض البدع والنقص في العلم الشرعي وغيره من العلوم وظهر مصاحب لذلك قصور واضح في التربية الصحيحة. فظهرت القسوة سمة واضحة فمنع الطفل وحتى الشاب من التحدث في مجالسنا في حضور الكبار كان متعارف عليه وعدم إعطائه فرصة في إبداء رأيه في أي موضوع والتسليم بأنه ما زال صغيراً لسؤ التقدير من المربي في ذلك الوقت وظن من بعض الآباء أن ذلك نجاح في التربية إلا أن ذلك ظهر في شخصية كثير من الشباب عند الكبر بل وصل ببعض من تعرض للقمع والتقريع والتوبيخ إلى ظهور مرض ما يسمى (الرهاب الاجتماعي, أو الخوف الاجتماعي) هكذا تسلسلت التربية الخاطئة من جيل تلو الآخر. وقد يسأل سائل لما لم تظهر بعض الانحرافات الموجودة في أيامنا هذه في تلك الأزمنة؟ نقول أن في تلك الأيام لم تكن هناك مغريات لجذب الشباب للبعد عن منازلهم, كما أدت الحاجة الماسة لبقاء الابن في كنف الأسرة للحاجة للغذاء والمسكن والأمن, كما ساهم التعود على معايشة أصعب الظروف الحياتية من قسوة زائدة وتشابه في التربية في ذلك المجتمع بصورة تقليدية واحدة فعندما ينظر الابن إلى ابناء الجيران أو أبناء الأقارب يجد نفس التعامل من آبائهم فلا يكن وقع ما تلقاه من أبيه له اثر نفسي سيئي عليه. بعض الناس يقول :يا أخي تربينا على القسوة والحرمان وهانحن نقوم بدورنا في الحياة بشكل جيد؟ نقول له: ولو تلقيت تربية تفاهم وود وتوجيه سليم وبعيد عن ما ذكرت لكنت أفضل بكثير مما أنت عليه الآن . وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أننا ننسى فضل آبائنا أو معلمينا اومربينا فهم اجتهدوا وجزاهم الله عنا خير الجزاء,ولم يحض ما يحضى به المجتمع الآن من تعليم وتثقيف وتوجيه. إذاً متى ما أردنا أبناء قرة أعين وسعادة لدنيانا وآخرتنا فيجب أن نربي بالطريقة المثلى , وان نطلع ونقرأ ونحضر الدورات التي تزيد من التثقيف في التربية والإرشاد الأسري. سائلاً الله العلي القدير أن يصلح شباب وشابات المسلمين وان يجعلهم قرة لأعين والديهم . سعيد عون آل زاهب للتواصل ownonline@hotmail