قبل فترة دعاني أحد الأصدقاء لتجربة متصفح الانترنت الجديد الخاص بشركة "جوجل" (Google Chrome).. وهذا المتصفح محاولة جديدة - ضمن محاولات كثيرة - لسحب البساط من متصفح شركة ميكروسوفت (Explorer) الذي يستعمله 90% من مستخدمي الانترنت حول العالم.. ومن المعروف أن شركة ميكروسوفت تكاد تحتكر - بحكم الأسبقية - البيئة التشغيلية لمعظم الكمبيوترات الشخصية.. غير أن مشاكل ميكروسوفت لا تنتهي عند اتهامها بالاحتكار بل تجاوزتها للتجسس لخدمة المصالح الأمريكية.. وهذا الاتهام ليس جديدا وخرج منذ سنوات من مظلة "نظرية المؤامرة" الى قناعات رسمية لبعض الدول والحكومات الأجنبية.. فمجلة دير شبيجل مثلا امتدحت (في مارس 2002) قرار وزارة الدفاع والخارجية الالمانية بنزع برامج ميكروسوفت الامريكية من كمبيوتراتها. وقالت ان الوزارتين اتخذتا هذا القرار لدواع أمنية (بعد توصية خاصة من الاستخبارات الالمانية) وقررت الاستعاضة عنها ببرامج تشغيل اوروبية. وأكدت حينها ان وكالة الأمن القومي الامريكية تتجسس على كمبيوترات العالم (عبر الشبكة) من خلال "بوابات سرية" وضعت عمدا في برامج شركة ميكروسوفت - الأمر الذي دعا وزارة الخارجية الألمانية الى ابلاغ سفاراتها في الخارج بوقف الاتصالات وعقد الندوات عن طريق الأنترنت اعتمادا على برامج ميكروسوفت! والألمان بهذا الإجراء يؤكدون مصداقية الاجراءات الفرنسية المشابهة التي اتخذت قبلهم بعامين تقريبا. فحسب صحيفة الليموند الفرنسية (في 18فبراير 2000) نبه قسم الامن الاستراتيجي في وزارة الدفاع الى وجود برمجيات سرية وابواب خلفية (باك دورز) تسرب المعلومات المحفوظة في برامج ويندوز. فعلى ذمة الصحيفة لاحظت وكالة الأمن القومي الامريكية (وهي هيئة استخباراتية مهمتها التنصت على دول العالم) مدى الانتشار العالمي الكبير لنظام ويندوز فأغرت شركة ميكروسوفت بالتعاون معها وانها زرعت بالفعل عملاء لها في قسم البرمجيات الرئيسي في سياتل!! وما ذكّرني اليوم بهذا الموضوع هو تصفحي لإحدى مجلات الانترنت وتحدث الخبراء عن استمرار شكوكهم في مهمة بعض الشفرات السرية في النظام والتي لايستطيع فتحها او معرفة سرها غير شركة ميكروسوفت. وقد اتهموا الشركة صراحة بالتعاون مع المخابرات الامريكية لتسهيل عمليات التجسس على المستخدمين في كل انحاء العالم.. وحتى قبل ثمانية أعوام (حين نزعت وزارة الدفاع الفرنسية البرنامج الأمريكي من كمبيوتراتها) كان يمكن افتراض حسن النية بخصوص الثغرات الأمنية الموجودة في برنامج ويندوز ؛ ولكن بعد عدة إصدارات متتالية - كان آخرها ويندوز فيزتا - اصبح واضحا وجود تهاون مقصود من شركة ميكروسوفت في تسديد تلك الثغرات وتحسين الأمن العام للنظام (وبالتالي يمكن للجهة التي تعرفها ولوج النظام من أي مكان في العالم)!! واليوم يملك الألمان والفرنسيون - بالاضافة لدول كثيرة متقدمة - برامج وبيئات تشغيلية خاصة بها لا تعتمد بالضرورة على منتجات ميكروسوفت.. ولكن الاحراج الحقيقي يكمن في دول متخلفة تعجز عن توفير بدائل مقنعة للبرامج الأمريكية - ولا تملك بالتالي غير الاستمرار وتجاهل مايحدث! ..... حتى برنامج التصفح الذي بعثه صديقي يحمل الجنسية الأمريكية!