قامت البلاد السعودية في مراحلها الثلاث على تحكيم الشريعة الإسلامية وكان هذا ديدنها وما زالت حتى اليوم وستظل كذلك بحوله تعالى. وبعد دخول الباني الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل - طيب الله ثراه - للرياض وبناء هذا الكيان الكبير. وتوسع هذه المدينةالرياض في تلكم المرحلة من كافة أطرافها المختلفة بالإضافة إلى كثرة القادمين لهذه المدينة رغب المؤسس رحمه الله بإقامة مقر للمحكمة الشرعية في الرياض وكان ذلك في عام 1357ه - واتخذ مقرها جنوب غرب قصر الحكم بجوار محلة مقيبرة. "وبقرب سوق الخياطين ومركز الشرطة". ولكل هذه الأحياء تاريخ خاص مع الوثائق سهل الله نشرها واخراجها. أسند الموحد رئاسة المحكمة إلى فضيلة الشيخ القاضي عبد العزيز بن بشر "ت 1359ه " وبعد وفاته أسندها إلى فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الوهاب بن زاحم "ت 1374ه" ثم إلى الشيخ سعود بن رشود "ت 1373ه" وهكذا استمرت المسيرة حتى اليوم. وهؤلاء الثلاثة هم القضاة ايضاً مع الإسناد لبعضهم فيما بعد قضاء وخصومات البادية. ولعل من أوائلهم متعه الله بالصحة والعافية فضيلة الشيخ الفقيه عبد الله بن عقيل متع الله به حيث حدثني أنه تولى القضاء في عام 1366ه وأصبح ملازما للشيخ سعود بن رشود رحمه الله. كلمات موجزة وجهت إلى فضيلة القاضي ابن زاحم رحمه الله حدد فيها المؤسس القضايا التي ترد هذه المحكمة وطريقة تنفيذها والخطوات الموجبة اتباعها لتسهل الإجراءات اللازمة حولها وفق المقتضى الشرعي. بالإضافة إلى التأكيد على موافقتها للشريعة المطهرة مع أعمال القاضي وإعطائه صيغة الاجتهاد الشرعي المؤدي إلى موافقته للشر ع وأن يكون القاضي هو الذي يحكم في القضايا الشرعية. ولفت النظر إلى أن الوثائق التي يكتبها طالب العلم بين الخصوم والذي لم يعين من قبل الدولة فهذا لا يلزم الأخذ به لكون المحكمة الشرعية هي جهة النظر والحكم الشرعي. كما اشتمل هذا التوجيه على طريقة توثيق الشهادات الشرعية وعلى أن لا يكتفي بها القاضي فقط للحكم بين الخصوم بل يجب التأكيد أن يكون الحكم في القضية في المقام الأول موافقاً للحكم الشرعي. فإذا كانت الشهادة موافقة للحكم فيتم الحكم بها على الوجه الشرعي. خلال تلك المرحلة واليوم كذلك ومع تطور هذه المدينة قبل أكثر من نصف قرن وجه الملك عبد العزيز هذا الخطاب الذي لا يحتاج إلى قراءة أو إضافة فكما قيل يكفي من القلادة ما أحاط به العنق. نص الخطاب : بسم الله الرحم الرحيم من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل إلى المكرم الشيخ عبد الله بن زاحم سلمه الله السلام وبعد بارك الله فيك من قبل الدعاوي التي ترد عليك أربع: أما الدعوا الجديدة فاحكم فيها بما أمرك الله به. وأما الدعوا الذي فيها مخلاص حاكم شرعي ناصبته الحكومة وراضينه الناس فهذي تبقى على مخلاصها وأما الدعوا الذي يجيك إنسان معه ورقة شهود مرضيين أو غير مرضيين وكاتب فيها حاكم شرع إن هذولا شهدو عندي قصده يدي شهاداتهم فانظر فيها وإذا كانت الدعوا توافق الشرع فالحمد لله وإذا كان ما توافق الشرع فلا عليك إذا حكمت بما أراك الله. وأما الدعوا الذي تجيك من اي شخص طالب عليم أو غيره حاكم بين اثنين بحكم وهو مهوب منصوب ناصبته الحكومة ولا ملزمته عليه الحكومة يفصل في دعوا. فهذا ما عليه عمل انظر فيه ورد الحكم فيه في أوله وحكم هذا ما يعتبر وحنا ما تعتبره يكون معلوم والسلام. حرر 1362/8/5ه. عبد العزيز..