كنت أستمع لأحد الأصوات وبرغم أنه لم يتقن التشكيل، ولم يكن نطقه واضحاً إلا أن بيتا واحدا بهرني: أقلام مرجانٍ كتبن بعنبرٍ صحيفة البلور خمسة أسطرِ لم يشدني كون الأسطر كتبن بأقلام مرجان ولا أن مدادها العنبر، بل استوقفتني الخمسة أسطر التي كتبت فيما يبدو لي على الجيد الناصع البياض كما توحي صحيفة البلور. ماعسى أن تكون تلك الأسطر الخمسة ليست عنوانا ولا أبياتاً، فما عساها أن تكون. هل هو وصف لقلادة بخمسة صفوف من اللؤلؤ؟! حفظتُ البيت واتصلت على صديقي لعلي أجد الجواب لديه. فأرسل لي بيتا وحيدا هو سابق البيت أعلاه. يقول البيت: وتنهدت جزعاً فأثّر كفها في صدرها فنظرتُ مالم أنظرِ وهنا جاء جواب تساؤلي عن الخمسة أسطر.. ولكن هذا الجواب على وضوحه وجماله سلب البيت اللاحق جماله، وأحاله من بيت قادر على شحذ الخيال إلى مجرد لوحة لأصابعها الخمسة التي أثرت في صدرها. وبرغم خيبة أملي إلا أن الشيخ قوقل أسعفنا نحن الاثنين بالقصيدة شبه كاملة للشاعر ابن معتوق الأندلسي. @@ حديقة البيت العربي: @ بيت الشعر أو اللوحة الفنية إذا استطاعت تجاوز المعهود بحيث تحدث لدى كل متلق تصورا متفردا تُصبح تجريدية في أسلوبها. وأرى أن أفضل وصف للتجريد هو الانطلاق من محدودية العموم إلى عموم الجزئية. @ مما جاء في قصيدة ابن معتوق: وغدت تذبُّ عن الرِّ ضابِ لحاظها فحمت علينا الحورُ وردَ الكوثرِ وَدَنَت إِلَى فَمِهَا أَرَاقِمُ فَرعِهَا فَتَكَفَّلَت بِحِفَاظِ كَنزِ الجَوهَرِي يَاحامِلَ السَّيفِ الصَّحيحِ إِذَا رَنَت إياك ضربة جفنها المتكسّرِ وَتَوَقَّ يَا رَبَّ القَنَاة الطَّعنِ إِنء حَمَلَت عَلَيكَ مِنَ القَوَامِ بِأَسمَر بَرَزَت فَشِمنَا البَرقَ لاَحَ مُلَثَّماً وَالبَدرَ بَينَ تَقَرطُقٍ وَتَخَمُّرٍ