يسكنك الأمل أم تعيش في مساحة منه.. تبحث عن السعادة أم تعيد اكتشافها من جديد.. تفتش عن الراحة أم ترهق نفسك في عناء الحياة.. الإنسان يستدعي حاجته.. اذا أردت السعادة بشدة تأتيك، واذا رغبت بالمال يتحقق لك، واذا استدعيت الهموم أتتك، واذا طلبت الراحة جاءتك، واذا استمرضت مرضت، واذا استبخلت فُقرت، واذا أرهقت نفسك انتهيت !! نحن نستدعي الأشياء التي نحتاج إليها.. رغباتنا الدفينة في أعماق أعماقنا والتي قد لا نعلمها أو نشعر بها، تنطلق بحاجاتنا.. الانسان يخلق سعادته، مثلما يخلق مجده وشهرته، فهما لا يأتيان إلا لمن يطلبهما. يسكنك الأمل.. أم تعيش في مساحة منه ؟!.. يتلبسك الفرح، أم تلبس ثوبه.. يغمرك الحزن أم تتخبط في أجوائه.. هذا هو الانسان حالة فريدة من الرغبة والحاجة.. الرغبة الملحة، والحاجة الشديدة.. تكوين من ثنائي لا ينتهي ولا ينضب ولا يكتفي.. لا تكتفي حاجاتنا.. ولا تنتهي رغباتنا.. إنها حالات تتجدد.. كلما أكلنا وشبعنا عدنا لنجوع ونحتاج إلى الأكل.. وكلما اغتنينا رغبنا بالمزيد من الغنى.. وكلما أشبعنا حاجاتنا ألحت علينا رغباتنا بالمزيد!!. هكذا هو الإنسان.. لا يكتفي ولا يشبع ولا ينتهي طالما أن هناك تعاقباً لليل والنهار.. وطالما هناك يوم يأتي بعده يوم آخر.. سنظل على هذا المنوال.. رغبة تلد أخرى، وحاجة تتبع حاجة.. نشبع رغباتنا ولا تشبع.. نملأ حاجاتنا ولا تمتلئ.. ولا نعرف سر كل تلك الرغبات التي لا تنتهي.. نقاومها أحيانا.. ونكبح جماحها أحيانا أخرى اذا ألحت بالمحرمات.. لكننا أبدا لا يمكن أن نقضي عليها أو نضع حدا لها.. ستظل دائما تطاردنا.. تغرينا.. تشوقنا.. تضعفنا.. والانسان أضعف ما يكون أمام رغباته. هكذا هو الإنسان.. جاهل بما يريد وبما يحتاج وبما سيطرأ له في مستقبل حياته.. لا يعلم الانسان ما هي خطوته القادمة.. ولا في أي اتجاه ستكون.. ولا يعلم على ماذا سيكون أمره بعد دقائق معدودة.. إنه الجاهل الأعظم مهما ادعى بما يملكه من علم وتكنلوجيا.. كل علوم الدنيا لا يمكنها أن تتنبأ.. بما سيحدث مستقبلا وبعد دقيقة واحدة.. ومع ذلك نجده يخطط لحياته لسنوات طويلة.. أتعلمون لماذا؟ إنه الأمل.. الذي لولاه لما تحركنا خطوة.. ولما عملنا أي شيء.. ولجلسنا بانتظار المجهول !!. الأمل هي النعمة العظمى التي انعم الله بها علينا.. لولا الأمل لسقطنا عند أول اختبار.. ولانتهينا عند أول عارض نتعرض له.. هناك من يعيشون بالأمل دائما.. ويؤمنون بأن بعد العسر يسرى.. وأن بعد الهم فرجا.. وأن بعد الابتلاء خير كبير.. وهناك من يسكنهم اليأس والاحباط.. وينهزمون عند أول عارض يتعرضون له.. تجدهم يسقطون بسهولة في معركة الحياة.. يستسلمون بكامل ارادتهم إلى اليأس والوساوس ولا يقاومون أبدا.. هؤلاء فقدوا الأمل والايمان والاحساس.. وعاشوا حياتهم بكآبة تحت رحمة الوسواس. الأمل هو النعمة الكبرى التي تعيننا على تحمل بلاء الدهر.. وابتلاءات الحياة.. هو الدافع والحافز للاستمرار والعطاء.. ولولا الأمل لأصبحنا جميعا يائسون محبطون تتكسر حياتنا عند أول عثرة.. ولكن الأمل الجميل يمنحنا القوة والاصرار والعزيمة.. تفاءلوا بالخير تجدوه.. ودمتم سالمين.