الكاتب المبدع والصديق العزيز عبدالعزيز الصقعبي.. كثيرا ما يشير للرواد المبدعين من جيل الرواد أمثال أحمد السباعي.. ويحث على ضرورة اعادة قراءة نتاجهم.. واعادة اكتشاف سمات "ريادتهم" من قبل الأجيال الناشئة.. ويؤكد على شرعية الانتماء لأساتذة تلك الأجيال بما يؤكد شرعية وجودنا الثقافي كامتداد إيجابي لكل ما أنجز على مدى أكثر من خمسين عاماً. يقودني هذا لأكثر من تساؤل - قد يرى البعض - انه ينم عن جحود.. رغم مشروعية الطرح والسؤال.. فعلى سبيل المثال.. منذ أن كنا اطفالا ونحن نسمع اسم عبدالله عبدالجبار.. البعض يطرحه كمربٍ "مدرس" وكنا نرى طبعات خاصة من كتب "الهجاء" في الطائف من تأليف المرحوم محمد سعيد كمال.. قبل أن نرى طبعات من تأليف عمر وعبدالله عبدالجبار.. غير ان البعض يطرحه كرائد للنقد والأدب.. ويطلق عليه لقب "المفكر" احيانا.. وقد أهدى له الأدباء كتبهم مثل كتاب الاستاذ عابد خزندار حديث الحداثة المهدى ل "عبدالله عبدالجبار والأديب والانسان". وأنا أتحدى كل أبناء جيلي دون استثناء أن يكون أحد منهم قد قرأ سطراً واحداً لهذا الرائد المجهول وبما ان الصديق الصقعبي يعمل في أهم مؤسسة لرعاية الكتاب في بلادنا.. فأنا اتساءل وأطلب منه أن يكتب لنا شارحا ومفسرا وموضحا كل ما تحتويه المكتبة للاستاذ عبدالجبار.. وان يقدم للقارئ نماذج منتقاة مما يجد ويعرف.. فهذه أمانة يجب أن تقدم لا للأجيال الناشئة بل للعواجير من أمثالي من الذين ساحت بهم بحور الثقافة شرقا وغربا وما زالوا يجهلون نتاج.. ومآثر علم من اعلام الادب في بلادنا. وأذكر أن الاستاذ عابد خزاندر اخذني - ذات مرة - لزيارة الاستاذ عبدالجبار بصحبة الناقد الصديق فايزابا.. وفي مجلسة لم أجد مكانا للجلوس.. حيث احتل مقاعد المكان "فريق" من أبناء مكةالمكرمة الذين عرفوا "الأستاذ" حين كان مربيا في مكة.. وحين كان مقيما في القاهرة وهم طلاب درس فيها. أخذت استمع للأحاديث التي ظلت تدور حول ذكريات القاهرة وتلك الايام التي "لا تنسى" وقد تحدثت ل "الأستاذ" أو استمعت اليه وهو يحدثني عن ايام "القاهرة" والعواد وشحادة وأيام جدة والخزندار وانتصار العقيل.. ثم قدم لي صوراً من مؤلفات آخرين تم طبعها في قاهرة تلك الأيام.. وليس بينها أي شيء له.. وعندما رأى سؤالا يلح علي قال قبل ان أسأل: - عشت في القاهرة اختيارياً ولم تكن هناك اسباب تمنعني من العودة.. بل أنا أذهب وأعود على هواي وإن كنت قد أحببت البقاء هناك..؟ خرجت من منزله وكدت أسأل الاستاذ عابد عن "الرجل" وهويته الثقافية.. ماذا كتب.. وكيف انتشر اسمه دون أن يقرأ له أحد.. وأين هي مؤلفاته ولماذا لا يعاد طبعها - ولو منقحة - كما حدث مع المرحوم العواد في خواطر مصرحة.. ومع حمزة شحاتة في بعض قصائده ورسائله. طبعا ما دفعني لكتابة هذا الذي تقدم ليس "قلة الأدب" أو "التطاول" أو السعي للتسلق على أكتاف الكبار على طريقة "خالف تعرف" وهي اتهامات كثيرا ما اتهمت بها.. ربما لأنني لا أجيد طرح الأمور إلا بالطريقة الفجة التي مرت.. غير أن الأمر يتعدى ذلك.. الى محاولة: "المعرفة" مادام الأمر يتعلق بالرواد والوفاء والجحود والوصل والتواصل.. "وللحق فاني لم أجد سوى الصديق الصقعبي لأشاركه همي وهو المهموم اصلا بطرح كثير من القضايا الحيوية التي تتعلق بالكاتب والكتاب.. وأتمنى أن أجد لديه وقبله لدى الأستاذ الكبير عابد خزندار الذي عاصر عبدالله عبدالجبار وكان قريبا منه في مكةالمكرمة وفي القاهرة وليس أدلّ من اهداء كتبه إليه.. وامتاعه بسيل من الزوار الراغبين في التعرف عليه عن قرب والاستماع لأحاديثه.. وان كنت - منذ زمن بعيد - قد كتبت عن أولئك الرواد الذين نمجدهم دون أن نقرأ نتاجهم.. رغم حبنا واحترامنا لهم.. فان ذلك لم يكن سوى نوع من "التمرد" لأنشغالنا بقراءة كتب جديدة ومثيرة تهرب إلينا ونهربها من القاهرة وبيروت.. أما ما أطرحه حول ريادية الاستاذ عبدالله عبدالجبار فانه حالة خاصة كما يبدو.. والعلم عند أهل العلم..