هذه هي الشجرة أراها في هذه الهضبة الكبيرة في وسط الفيافي بعد مشقة وتعب ، خمسة أيام تعرضت فيها للعطش والجوع للحصول على دواء لصديقي هشام الذي يساعدني في رعي الماعز وإعلافها وسقيها وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!! واليوم سأقطع غصنا فيه أوراق خضراء بمشورة الطبيب وأعود إلى هشام المستلقي على فراش المرض لتعود صحته وعافيته إليه ولكن ماذا أرى؟ أرى قرودا كثيرة تصرخ على الشجرة، إنها غاضبة مني فلعلي الإنسان الوحيد الذي رأته منذ سنوات وسوف أشعل النار في خشبة من هذه الأخشاب المتساقطة وأمدها على القرود لتبتعد عن الشجرة ففعلت وتقدمت نحو الشجرة فتعالى صراخ القرود وهربت بعيدا عن الشجرة وسمعت صوت الرعد ورأيت وميض البرق وتساقطت الأمطار فابتعدت ودخلت في حفرة بجوار رابية صغيرة ومكثت ساعة ولكن ماذا أرى؟ أرى السيل يكاد يقتلع الشجرة بل هو يقتلعها وهذه هي تميل تدريجيا وستغيب وسط السيل بعد قليل فماذا أعمل؟؟ نظرت إلى الشجرة تجري مع السيل ثم تحولت إلى الجهة الأخرى فبيني وبينها السيل واقتحامه خطر شديد فمكثت لا أدري ما أصنع ثم فكرت بفكرة جديدة فلعل شجرة أخرى أراها فجريت بعيدا خلف الهضبة فرأيت شجرة مثلها فأسرعت أقتطع منهاغصنين بل ثلاثة وربطتها بحبل وحملتها على الناقة وانطلقنا وإذا ببعض البدو يطلبون مني التوقف وسألوني أن أمنحهم الأغصان ليشعلوها ويستدفئوا فرفضت وأخبرتهم أنها دواء لصديقي فقاموا بتكتيفي وربطي وأنا أصرخ فيهم: دعوها دعوا الأغصان فسيموت هشام سيموت إن أشعلتم النار فيها فغضبوا من كلامي! وقالوا: اسكت اسكت ثم أشعلوا النار في أحد الأغصان وقال أحدهم: ونموت نحن؟؟ ألا ترى البرد والزمهرير ثم تقدم أحدهم وألقى الغصن الثاني في اللهب فكدت أموت حزنا وحسرة بينما هم يضحكون مسرورين بالدفء والنار ثم رأيت شيئا، مجموعة من الإبل تأتي نحونا فقام البدو ورأوا الحطب محملا مع الإبل فقلت: جاء الفرج، فاتركوا الغصن الأخير لصديقي ففعلوا وفكوا حبالي. عدت إلى صديقي هشام المريض وتناول الطبيب الغصن وقطف منه الأوراق وسخن الماء وخلطها فيه وسقاه مرات في أيام متتالية وتماثل للشفاء وأولمت وليمة دعوت فيها الجيران والفقراء ابتهاجا بشفاء صديقي هشام.