بصفتي دبلوماسياً بريطانياً أمضى عشرين عاما من العمل في العالم العربي وفي التعامل مع قضايا ذات صلة مباشرة بالعالم العربي، فإنني اعرف جيدا مدى اهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للمنطقة برمتها. وغالبا ما يسألني الناس هنا بشأن الدور البريطاني في فلسطين عن ما قمنا به بالفعل وما نقوم به الآن. اننا نعرف مدى معاناة الجانبين، فالامهات يندبن اولادهن، والفقر وشظف العيش يكتنفان غزة، واللاجئون المنتشرون في كافة انحاء المنطقة غير مطمئنين على مستقبل اولادهم. والاطفال الذين ينشأون في جنوب اسرائيل يعيشون في خوف مستمر من الهجمات الصاروخية. بيد اننا بالكاد نرى اهمية الجهد المتواصل في محاولة تحسين الوضع الراهن. لذلك، فإنني حين علمت بما تقوم به بريطانيا لمنع هدم منازل الفلسطينيين في القدسالشرقية أردت ان اطلعكم على هذه المعلومات. اننا نعمل مع الفلسطينيين ومع مركز القدس الدولي للتعاون والسلام من اجل الحصول على تصاريح للابقاء على 193بيتا فلسطينيا معرضين للهدم. هذا يعني ان هناك 600فلسطيني اصبحت بيوتهم في منطقة آمنة الآن. وتم منح الموافقة بموجب هذا المشروع لبناء 500بيت جديد للفلسطينيين. و سوف يوفر هذا المشروع، بالنسبة لمجتمع واقع تحت وطأة الضغط، السكن لعوائل من الشباب ويساعد على تطوير المدارس والمستشفيات المحلية. يعتبر هذا المشروع جزءاً من مبلغ 175مليون دولار امريكي ستقدمها بريطانيا إلى فلسطين هذا العام. وسوف يذهب معظم هذا المبلغ إلى السلطة الفلسطينية. ان اقامة دولة فلسطينية قوية وآمنة ومزدهرة يحتاج إلى بناء مؤسسات فاعلة. كما ان قيام السلطة الفلسطينية بتقديم الخدمات التي يحتاج اليها الفلسطينيون من شأنه ان يدعم التوصل إلى نهاية سلمية لهذا النزاع. وتدرك الدول العربية المانحة، لاسيما المملكة العربية السعودية أهمية ذلك، ولهذا فإن استمرار هذه الدول في تقديم الدعم للسلطة الفلسطينية هو أمر في غاية الاهمية. إنني اعلم ان القضية الفلسطينية هي في الاساس قضية سياسية. ولهذا السبب فاننا نعمل مع الجانبين من اجل التوصل إلى سلام عادل ودائم وشامل. واننا نمارس الشدة مع كلا الجانبين بخصوص الاخطاء التي يرتكبانها. فالسلام والأمن لن يتحققا من خلال فوهات المدافع ورؤوس الصواريخ. بالاضافة إلى ذلك، فاننا نمول مشاريع توثق العنف الذي يرتكبه المستوطنون، ونعترض على طريقة معاملة الجيش الاسرائيلي للفلسطينيين ونزيد الوعي بأهمية القدسالشرقية. اننا لا ندعو إلى تجميد بناء المستوطنات الاسرائيلية فحسب، بل نساند مشروعاً يدعو المحكمة العليا الاسرائيلية إلى فرض تنفيذ اوامر ازالة المستوطنات. لدي شخصياً خبرة واسعة في مجال التعاون القائم بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية بشأن عملية السلام. إن الدور المهم الذي تلعبه المملكة على الصعيد الاقليمي ومبادرة السلام العربية بقيادة خادم الحرمين الشريفين شخصياً يجعلان من الأهمية بمكان ان تعمل بريطانيا والمملكة معاً في هذه القضية. وقد تصدرت القضية الفلسطينية جدول اعمال المحادثات التي دارت بين وزير الخارجية البريطاني، السيد ديفيد ميليباند، وسمو الأمير سعود الفيصل، عندما زار السيد ميليباند المملكة في ابريل الماضي. إذن فالحكومة البريطانية تؤدي دورها. ودعوني اؤكد ان الشعب البريطاني يضمن استمرارنا في القيام بهذا الدور. وقد اثبت الشعب البريطاني مرارا وتكرارا مدى اهمية عملية السلام بالنسبة اليه. ان الشعب البريطاني يريد للجمود ان ينتهي وللعنف ان يتوقف. اننا في بريطانيا نعلم انه يمكن ايجاد حل لما قد تبدو مشاكل مستعصية بين الديانات المختلفة. انظروا إلى ايرلندا الشمالية كمثال على ذلك. وعلى غرار الشعب السعودي فان الشعب البريطاني يريد ان يرى نهاية لهذا النزاع الطويل الذي يستمر في تكبيد الكثير من المعاناة وسوف يستمر الشعب البريطاني في بذل الجهود، وكذلك سوف تستمر جهود الحكومة. @ السفير البريطاني في المملكة