أكد وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ أن النظام السوري يرتكب جرائم ليس فقط ضد الشعب السوري، بل ضد الإنسانية. وأوضح في حوار مع «عكاظ» أن لندن تأسف لإخفاق مجلس الأمن في وضع حد لقمع المتظاهرين السلميين في سورية، موضحا أن هذا الإخفاق فاقم من الأزمة. وعن الملف النووي الإيراني قال إن عدم انصياع طهران للتعاون مع المجتمع الدولي يجعلنا نشدد العقوبات والضغط عليها. وفيما يتعلق بالأزمة في اليمن قال إن استقرار اليمن في غاية الأهمية والضرورة لأنها يمكن أن تكون مصدرا لمضاعفة عدم الاستقرار في المنطقة عن طريق نمو تنظيم القاعدة. وفيما يلي نص الحوار: • رأست بلادكم دورة مجلس الأمن الدولي، فما هي أبرز الملفات التي نوقشت ؟ بالطبع الملفات العربية، والتطورات في الشرق الأوسط، والخليج العربي كانت من القضايا المهمة المطروحة أمام مجلس الأمن. وعقدنا جلسة لأمرين مهمين، الأول يتعلق بتكثيف الجهود الدولية دعما للحريات السياسية في الشرق الأوسط مع احترام سيادة الدول العربية حيث تضمن ذلك تقديم مساعدات لمصر وتونس واليمن وليبيا بينما تسعى هذه الدول لتحقيق النجاح خلال المراحل الانتقالية التي تمر بها . والأمر الثاني هو المطالبة مجددا باتخاذ إجراء عاجل لوضع حد لسفك الدماء في سورية. إضافة إلى طلب تمديد مهمة القوات الدولية في ليبيا. كما شهدت إحدى الجلسات النظر في طلب تمديد مهمة الأممالمتحدة في أفغانستان.وفيما يخص ملفات مكافحة الإرهاب فإن مشكلة الصومال وموضوع أمن الخليج العربي ضمن ما سيناقشه مجلس الأمن إلى جانب ملفات دولية سنطرحها على مدى العام. • كيف تقرأون ملف الأزمة السورية؟ وهل تتوقعون صدور قرار بشأنها من مجلس الأمن الدولي؟ نحن قلقون جدا بشأن أحداث سورية، وما يجري فيها من سياسات قمع وقتل الأمر الذي يؤكد أن النظام يرتكب جرائم ضد الإنسانية مما يجعلنا نقول إنه لا حصانة لمن يرتكب مثل هذه الجرائم، ونحن ندعم موقف جامعة الدول العربية بشأن سورية والمبادرة العربية لحل الأزمة، ونعتقد أن هناك ضرورة لتكاتف المجتمع الدولي لوقف نزيف الدم والانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان، ونطالب كل من يقفون ويؤيدون الأسد والقمع الذي يرتكبه أن يكونوا على يقين بأنهم تحت أنظار العالم، وأن عليهم الابتعاد عنه قبل فوات الأوان. وفي نفس الأمر نرى أن مهمة المبعوث الأممي العربي المشترك كوفي عنان مهمة وينبغي أن تتواصل خاصة بعد وصول وفد من الخبراء الدوليين إلى سورية، ونتطلع إلى مزيد من الدعم الدولي مع مواقف روسية تتفاعل مع الأحداث والتوصل إلى قرار دولي من مجلس الأمن يقر دخول المساعدات الإنسانية بحيادية ودون عراقيل. إلى جانب المطالبة بوقف العنف فورا. والحقيقة أننا نأسف لإخفاق مجلس الأمن الذي لم يتمكن من مواجهة القمع العنيف للمتظاهرين السلميين على يد النظام، ولم يضع بعد ثقله وسلطته خلف جهود الدول العربية ولقد أدى هذا الإخفاق إلى تفاقم الأزمة. ونحن لا نعتزم التدخل العسكري لأن هذا التحرك لا يحظى بإجماع دولي. وفي نفس الوقت نحث المعارضة على الاتفاق وتوحيد صفوفها والعمل من أجل مطالب الشعب السوري مع مراعاة حقوق الأقليات . • استضافت العاصمة البريطانية لندن المؤتمر التحضيري لأصدقاء اليمن، فكيف ترون الآن تطورات الأزمة اليمنية ؟ المؤتمر التحضيري جاء للتأكيد على موقف بلادنا الداعم لليمن من أجل تحقيق الإصلاح والتنمية الشاملة فيها . وشاركت فيه دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول الخليج العربي خاصة المملكة، وجامعة الدول العربية ومجموعة دول ال 20 والدول الثمان الكبار إلى جانب صندوق النقد الدولي. وفي رأيي أن الاجتماع التحضيري لأصدقاء اليمن وضع أجندة للإصلاح الكبير وإمكانيات الاستثمار لرفع المستوى الاقتصادي. ونحن نتعامل مع ملف اليمن انطلاقا من قناعتنا بأهمية الحفاظ على وحدة البلاد. ونؤكد على بقائنا كشريك سياسي وتنموي لليمن. وانتهز هذه الفرصة لأعبر عن تقديرنا للمبادرة الخليجية ودور المملكة لتحقيق مشوار التحول الانتقالي وإجراء انتخابات حرة وحوار وطني شامل تشارك فيه جميع أطياف الشعب اليمني. كما أود أن أؤكد على أهمية دعم أصدقاء اليمن لصنعاء لأسباب إنسانية في المقام الأول. لكننا نعتقد أن اليمن يمكن أن يكون مصدرا لمضاعفة عدم الاستقرار في المنطقة عن طريق نمو تنظيم القاعدة. كما أن هناك خطر عدم استقرار في شبه الجزيرة العربية. ولذلك فإن عملية تأمين استقرار اليمن أمر في غاية الأهمية والضرورة، ونحن بصدد ملفات سياسية واقتصادية واجتماعية فضلا عن ملف الإرهاب. • كيف تقيمون العلاقات السعودية البريطانية؟ لابد من التأكيد على الدور السعودي البارز والمهم في المنطقة، فالمملكة دولة صديقة وشريكة لبريطانيا وعلاقات البلدين الثنائية تعود لجذور تاريخية حيث نعمل سويا من أجل مستقبل أفضل وتربطنا ملفات عديدة ذات اهتمام مشترك. وما يخص المشاركة الفاعلة للمملكة في مجموعة أصدقاء اليمن نعتبره تأكيدا للمسار السعودي من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن فضلا عن استضافة المملكة في الشهر المقبل لمؤتمر اليمن وهو الأمر الذي إذا دل على شيء فإنما يدل على أن الدبلوماسية السعودية تعمل في ظل سياسات إيجابية ومستقبلية تؤكد على أهمية الاستقرار والأمن لمنطقة الخليج، وهو أمر له أبعاد استراتيجية وجيوغرافية لا يمكن الاستهانة بها. كما أننا نتابع باهتمام جهود المملكة في القضايا العربية ودورها المتنامي في جامعة الدول العربية. وإلى جانب علاقاتنا الاقتصادية المهمة مع المملكة والتعاون في مجال مجموعة ال 20 سنشارك مع الرياض في التربيبات الإنشائية الجارية لافتتاح الحي المالي في المملكة في نوفمبر المقبل. • ما تقييمكم لعلاقاتكم مع دول مجلس التعاون الخليجي ؟ شهدت الأشهر الماضية في هذا العام اتصالات ولقاءات مكثفة مع مجلس التعاون انطلاقا من قناعتنا بضرورة رفع مستوى العلاقات مع مجلس التعاون في مجال الأمن الإقليمي والتجارة والاستثمار والطاقة والمناخ والتعليم والثقافة والسياسة الخارجية والتنمية الدولية والسبل التي يمكن بها تعزيز التقدم في هذه الملفات. كما يهمنا التعاون فيما يتعلق بالأحداث الجارية في المنطقة والشرق الأوسط. ومن هذا المنطلق نرى أن تعزيز الروابط بين حكومتنا و سفراء دول مجلس التعاون في لندن يشكل جزءا مهما جدا من مساعينا المستمرة لتعزيز العلاقات مع دول الخليج وفتح مجالات للحوار والتشاور. • في رأيكم ما هي أفضل السبل لمعالجة قضية الملف النووي الإيراني؟ اتفقنا في القمة الأوروبية التي عقدت في بروكسل على ضرورة أن يبدي المجتمع الدولي التزامه بالتوصل إلى حل دبلوماسي وموافقة إيران على عقد اجتماع عاجل لمجموعة 5+1(الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا ) واختبار رغبة إيران في إجراء محادثات ومنحها الفرصة للرد على مخاوفنا المشروعة بشأن نواياها النووية. ولقد تدارسنا بكل عناية رد إيران على البارونة أشتون المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمنية الأوروبية ونعتقد أنه آن الأوان لإيران لتختار سبيلا مختلفا، وتبين للعالم أنها ترغب في التوصل لحل سلمي عبر التفاوض للقضية النووية فضلا عن المسؤولية التي تتحملها إيران في إقناع المجتمع الدولي بأن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، مما يتطلب منها اتخاذ إجراءات ملموسة. وفي ذلك الحين سيكون بدون أدنى شك ردنا إيجابيا في تقديم المساعدة في بناء محطات الطاقة النووية للأغراض السلمية في إيران فضلا عن مد تعاوننا في مجالات أخرى تتناول العلاقات السياسية والتنمية الاقتصادية ونؤكد أيضا أن الضغوط الدولية على إيران مستمرة، ولن تخفف إلى حين اتخاذ تلك الإجراءات علما بأن عدم انصياع إيران للتعاون مع المجتمع الدولي يجعلنا نشدد العقوبات والضغط الدولي المستمر عليها. • عملية سلام الشرق الأوسط متوقفة، كيف ترون إمكانية التعجيل بالعملية السلمية ؟ نحن نؤمن بأن هناك حاجة ماسة لإحراز تقدم نحو حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني قبل أن يسد الطريق. ومن ثم التوصل إلى حل شامل للقضية التي نعتبرها شأنا يخص الأمن القومي البريطاني ولذلك فإننا نستغل كل فرصة للمساعدة في تعزيز السلام في الشرق الأوسط وهدفنا هو أن تكون إسرائيل آمنة ومعترف بها دوليا، تعيش إلى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة تكون فاعلة وقادرة على البقاء داخل حدود عام 1967 على أن تكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين مع التوصل لتسوية عادلة لقضية اللاجئين الفلسطينيين. والحقيقة أننا رغم قبولنا لسيطرة إسرائيل على القدسالغربية فإننا نعتبر القدسالشرقية أراضي محتلة وبالتالي فإن محاولات إسرائيل تغيير طابع أو ديموغرافية القدسالشرقية أمر غير مقبول وفيه كثير من الاستفزاز حيث إن المستوطنات إلى جانب طرد الفلسطينيين وهدم منازلهم في القدسالشرقية ما هي إلا ممارسات غير قانونية وتمثل عقبة أمام سلام دائم للصراع في الشرق الأوسط وسياسة المستوطنات ككل سواء في الضفة والقدس غير قانونية وفقا للقانون الدولي وبها انتهاك مباشر لالتزامات إسرائيل بموجب خارطة الطريق، بل إنها كذلك تمثل فعليا محاولة لخلق حقائق على الأرض تجعل تحقيق حل الدولتين أكثر صعوبة. في نفس الوقت نحن نطالب جميع الأطراف بالامتناع عن أي أعمال استفزازية من شأنها عرقلة المفاوضات الثنائية، ونتعاون مع اللجنة الرباعية الدولية والتي أكدت في آخر بيان لها عن قلقها من التصعيد العسكري بين غزة وجنوب إسرائيل وحثت على التهدئة . • طالبت المملكة في مجلس حقوق الإنسان في جنيف ببذل الجهود اللازمة لوقف النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، فما رأيكم حيال تلك المطالب؟ نحن نؤيد مطالب المملكة، ونعتبرها ملحة لما ينبغي أن تلتزم به السياسة الإسرائيلية، وقد أوضحت موقفنا من سياسة الاستيطان ومدى تأثير ذلك على قضية السلام في الشرق الأوسط. والاتحاد الأوروبي موقفه واضح من سياسة الاستيطان ولذلك فنحن نرى أن سرعة الحل تتسم في استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والتزام إسرائيل بخارطة الطريق والقيام بوقف الاستيطان فورا.