.. وبرغم أن يوسف شاهين يدعو في فيلمه: المصير - 1997م لموضوع التسامح من خلال حكاية العالم والفيلسوف ابن رشد في عصر نهاية التوهج الأندلسي واستلام شعلة النهضة الأيادي الأوروبية بعد مخاض ليس بقصير جعل المغني مروان - قام بدوره محمد منير - يرفع صوته بالغناء بأغنية: على صوتك بالغنا (كوثر مصطفى - كما الطويل) إشارة إلى اعتبار الغناء احتفاء بالحياة والتفاؤل بالمستقبل، إلا أن فيلم الآخر - 1999م الذي كانت حكايته عن العولمة وما يتبعها من هيمنة على مستوى إعلامي واقتصادي يطال الثقافي والاجتماعي والديني والأيديولوجي، فآدم (قام بدوره هاني سلامة) شاب مصري من أم أمريكية (قامت بدورها نبيلة عبيد) عاد ليكمل أطروحته الجامعية عن التطرف الديني (أو الإرهاب في القرن الواحد والعشرين!) بعد أن أشار عليه أستاذه ذو الأصل العربي (قام بدوره أدوار سعيد) إنجازها هناك وليس هنا! .. يتعرف آدم على حنان (قامت بدورها حنان ترك) صحافية شابة من طبقة متواضعة مهتمه بكشف مجموعة من المتمولين والنافذين المصريين لاستغلال مقدرات السياحة في البلاد وتقوم أم آدم بدور الوسيطة لتلك الشركات الأمريكية، وتتواطأ مع أخيها الإرهابي بمقايضة تنقذه فيها وتطلبه إبعاده أخته عن ابنها ولكن يقع الابن ضحية لمواجهة دامية بين قوات الأمن والمجموعة الإرهابية حيث استخدموا أخت زعيمهم كبش فداء لهروبهم فتموت حنان وآدم في حفلة بين متخاصمين أشعلوا ناراً كان الأبرياء حطبها. .. وينطلق صوت ماجدة الرومي بأغنية: آدم وحنان (جمال بخيت - فاروق الشرنوبي) مستعيدة حكاية الحب المثالي بين قيس وليلى أو روميو وجولييت، ولكن هذا الحب صار ضحية لعنف الآخرين ومصالحهم بينما يبقى الحب هذا مهلماً لكل العشاق: "هم حكاية كل اثنين كانوا ضحكتنا صبحوا دموعنا وبقوا في عز الظلمة شموعنا آدم هو... وهي حنان حلم الحب في كل زمان" .. تتخذ الأغنية من السرد الموسيقي شكل التوالي فتستثمر الكمنجات اللحن الأصلي بكل فصائلها، ويحضر الإيقاع لتعميق حالة الحب وسعادته حيث استخدم هذا المقطع على خلفية مقطع عقد القران آدم وحنان داخل الفيلم. .. وثمة فارق بين صوت ماجدة الرومي في فيلم: عودة الابن الضال - 1976م، وفيلم: الآخر - 1999م، فقد مضى النضج فيه لأكثر من عقدين وتعمقت تجربة الرومي الغنائية خلال تلك الفترة ما جعلها تعطي الأغنية زخماً طاول ما لمخرج الفيلم من قيمة، فقد صارت التلميذة نداً لأستاذها. ويذكر الشاعر جمال بخيت أن شاهين كان يشرف بشكل مباشر وبعيد اقتراح بعض مقاطع الأغنية ففي مطلعها: "ادهم هو وهي حنان شافوا جنتهم في الامكان هما اثنين حبيبين نبض القلب وضي العين سحر عيونهم يحيى قلوب وابتسامتهم تمحي ذنوب لو يوم، لمسوا الصخر يدوب هالين من ورا موج وبحار واجهوا وعدوا صحرا ونار" فضل شاهين ان يختار كلمة: هالني، بدلاً عن الكلمة السابقة: جايين، وهذا يكشف احساساً عالياً بالخط اللحني للكلمة وتفضيل (هالين) يعمق الارتباط بالطبيعة والكون.