تؤكد الدراسات الحديثة على أن القلب هو مخزن المعلومات وليس الدماغ وأنه "أي القلب" هو مركز العقل .. ولعل ما توصلت إليه الأبحاث مؤخراً حول أن زراعة الأعضاء ليست كما كان يظنها العلماء على أنها مجرد عملية نقل عضو من شخص إلى آخر .. بل ثبت أنها نقل لجزء كبير من ذكريات وعواطف المتبرع ؛ لذلك يقع الأطباء في مشاكل كثيرة بسبب تغير شخصية المريض بعد أن يتم نقل عضو جديد له يحمل داخله ذكريات ومشاعر ومزاج صاحب العضو الأصلي ......!! لعل تلك الدراسات وغيرها تجعلنا نستحضر ما جاء به منهجنا الإسلامي في الكتاب والسنة عن هذه المسائل التي يثبتها العلم الحديث وتدهش عقولنا .. أقصد قلوبنا لتلك النتائج في حين أنها موجودة في دستورنا منذ قرون دون أن ندرك معناها إذاً القلب ليس مجرد مضخة للدم بل هو مركز المعلومات كلها .. قال تعالى (أَفَلَمء يَسِيرُوا فِي الأرض فَتَكُونَ لَهُمء قُلُوبٌ يَعءقِلُونَ بِهَا) و يقول صلى الله عليه وسلم: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) إذاً الذاكرة موجودة في كل خلية من خلايا جسدنا و القلب هو مركز العقل المتحكم في كل شيء وأية مشاعر،، وقد ورد ذكر العقل بلفظ القلب على سبيل المجاز بمشتقاته في القرآن الكريم (132) مرة مما يشير إلى عظم مكانة وتأثير هذه العضلة التي لا نملك في طول أو قصر سيرها شيئاً سوى تحسين الأداء والبعد عن الداء .. البعض يملؤها غيظاً وفيضاً وحسداً وانشغالاً مضنياً فيما لا ينفع ثم يجول الأرض بحثاً عمن يخلصه من تلك الأحمال بينما الشفاء بين يديه والبعض يمدها بما يسكنها ويعتمها فلا تبكي ولا تشكو ولا تدرك أن للسنة أربعة فصول !! علينا أن نتعلم النظر داخلنا بهدوء وسكينة .. ولن نتمكن الرؤية بوضوح مالم نتمكن من الوصول لحالة الهدوء تلك لأن القلب يلزمه أن يكون هادئاً كسطح البحيرة الساكن من أجل أن يعكس صورة الغيوم ونقاء السماء بوضوح ودقة . أما الانشغال الذي نعيشه والجري المميت الذي نتعايشه فلن يمكننا مطلقاً من الوقوف ولو لبرهة للتمعن بأعماق هذا القلب .. فالتفكير يركض والحياة تركض والأحداث تركض والعمر يركض ونعيش في حالة ركض مستمر لا يثمر غير إجهاد تلك العضلة التي تشكل بصورة قاطعة جهاز التحكم الرئيسي لكل الحواس والجوارح والانفعالات .. ولعلنا لا نتعجب كثيراً حين يرجع الأطباء أسباب كل الأمراض على اختلاف أعراضها وعلاجها إلى الحالات النفسية والمعاناة الفكرية التي اتفقنا أن المحرك الأساسي بها ... القلب ربما ندرك الآن لماذا اهتم صلى الله عليه وسلم بالقلوب، وأمرنا أن نقويها بذكر الله، وأكد عليه الصلاة والسلام أن القلب الذي لا يذكر الله كالبيت الخرب، وكان من أكثر ما يدعو به (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك). نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على الإيمان