كيف حالك، وأنت تستعد لاستقبال (الطوفان).. طوفان الرغبة في (الارتواء).. يأتيك من جفاف المشاعر.. ويبوسة الأحاسيس.. ومن عطش (سواقي الزمن) للخضرة.. والماء.. والوجه الحسن! ناس يبحثون فيك عن ناس.. وناس يهربون إليك من ناس.. يبحثوا فيك عن الليل.. وسماه.. ونجومه.. وقمره.. وسهره.. ويبحثون فيك - في وضح النهار - عن (شمس بينك) وبين الأحياء. واحد يبحث عن (هودج) يستلقي عليه، ليذهب به إلى أي مكان.. صحرا إن كان.. أو بستان.. وآخر (يفرد) الحاجبين.. ليزيل عن جبينه تقطيب السنين.. وسأم (الرتابة).. وضجر (الروتين).. ما أصبرك يا سيدي البحر.. سلِمتء.. وسلِم لنا قلبك (الأخضر).. وعيونك (الزرق) - و(فشَّتك) العايمة..! ما أطول بالك يا سيدي البحر.. أطول حتى من ليل البعاد والانتظار.! ما أصبرك.. وما أعمق سرك.. أعمق حتى من (البئر) الذي نستودعه السر، ونقول لصاحبه: (سرِّك في بير).. فأنت من يستوعب كل العيون.. والآبار.. والأنهار، لأنك الأكبر: "ليت البحر يبوح لي أسرار ما فيه حتى يعرف الفرق بينه وبيني.. إنء كان موجه يشكي اللي يعانيه أنا دموع الحزن عنوان عيني ... لا تتوقف عن الكلام يا سيدي البحر.. دع أمواجك تعزف الحاناً، تحملها النسمات إلى آذان السكون.. وتمزج على صفحة خدك وألوانه تنسكب في العيون..! ها أنت - يا سيدي البحر - تحمّر... من سطوة جمال المرجان.. يستحم تحت عيونك، يتورد تحت وميض الشمس ولا يتوارى. وتحمر.. وتسود.. وتبيض.. وتصفر.. وتخضر.. تستوعب ألوان الناس، وتحتفظ بلونك.. لأنك الحضن الدافئ للأصداف وللأطياف.! ونحن فيك - يا سيدي البحر - ننجذب إلى أشيائنا (الاحتياج)... كأن الروح تبحث عن (الراحة) وتستروحها.. تلتصق بقطبها.. وتنجذب إليه.. وتنصهر فيه.. تأخذ منه (الطاقة) التي أودعها الله في الأزمنة وفي الأمكنة.. وطبقاتها وموجاتها التي لا تتوقف عن الحركة ولا تركن إلى الجمود. ومهما أبحر البحار.. وخرج عن المسار، فهو يهتدي بنجماته الساهرة.. ترقبه عيونها من بين الأهداب. والآن.. "خذ يا بحر كل ما تبي.. اللولو والمرجان والتوب الحرير.. كل الحلي صارت رماد فدوى لعيون السندباد فدوى لكم يا عيون هلي".! خذ يا بحر كل ما تبي بس يرجع المحبوب طوّضل في السفر".. سامحهم يا بحر إن وصفوك بالغدر.. ولأن الضيق (في صدورنا نحن) فلتكن أنت (الأعقل) فلم يضق صدرك الرحب - يوماً - بأصغر الموجودات وأكبر الكائنات!!