سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الصريصري: سلامة حركة النقل البحري السعودي أتت نتيجة لالتزام المملكة باتفاقيات ومعاهدات بحرية دولية ارتفاع هجمات القرصنة إلى 120حالة خلال عام يسفر عن خسائر بعشرات المليارات
يبدو أن أعمال القرصنة التي تنفذ من وقت لأخر في مختلف بحار العالم والتي تستهدف السفن والبواخر المحملة بمنتجات الصناعات الكيميائية والبترولية المكررة باتت خطراً إضافياً يهدد المنتجين والمسوقين في مختلف أنحاء العالم وتشكل عبئاً وضرراً كبيراً بإلحاق خسائر تقدر بعشرات المليارات ولا تزال تلك الهجمات التي تنفذ بعيدة كل البعد عن وعي وإدراك الإعلام العالمي. وقد تابعت "الرياض" تقارير خاصة صدرت عن مركز الإبلاغ عن القرصنة التابع للمنظمة البحرية الدولية المتفرعة من غرفة التجارة الدولية (IMB International) Maritime Bureau الذي كشف بأن الاعتداءات التي تعرضت لها ناقلات المنتجات البتروكيماوية قد بلغت 52اعتداء على مستوى العالم خلال عام 2007م بالمقارنة مع 35حالة اعتداء في عام 2006بينما كانت الأرقام تتجه إلى مرحلة تراجع الحالات منذ عام 2004م إلا أنها آخذة في الارتفاع مجدداً. وأشارت تقارير أمنية من خبراء استشاريين عن وجود مكائد شريرة وراء هجمات القراصنة حيث تصاعدت الهجمات واكتسبت زخما كبيراً بعد أحداث 11سبتمبر وأشهرها اختطاف ناقلة منتجات كيميائية (Dewi Madrim) قبالة سواحل سومطرة التي تزن 700طن وتم سرقة أموالها وحمولتها ومعداتها ولا يختلف هذا الحادث عن عشرات غارات القرصنة في المياه الإندونيسية في السنوات الأخيرة التي أثرت على عمليات التصدير لتلك البلاد بشكل كبير. وعادة ما يستهدف القراصنة البواخر الضخمة بطيئة الإبحار والغنية بمنتجات وبضائع ذات قيمة عالية ومكمن الخطر أنه يمكن لأي شخص في أي ميناء أن يتعرف على نوعية السفن والبواخر المغادرة وحمولتها وحتى قائمة بأسماء طاقمها. وبينما يعتقد ربان السفن والبواخر بأنه من الصعوبة بمكان بالنسبة للقراصنة بيع المسروقات وخاصة المنتجات البتروكيماوية إلا أن الواقع يؤكد بوجود سوق سوداء لشراء مثل تلك المنتجات المسروقة بأسعار منخفضة عن أسعار سوق البتروكيماويات العالمي. وهناك اتجاه يبعث على القلق الذي ظهر خلال السنوات القليلة الماضية المتمثل في لجوء الخاطفين إلى الاحتفاظ بطاقم السفينة كرهائن وذلك للدفع من أجل إطلاق سراحهم. وتتواجد أسوأ المناطق البحرية للقرصنة في الصومال حيث الانعدام التام للسلطات الفعلية التي تؤمن بحارها في الإقليم مما شجع أعمال القرصنة بضراوة. وقد أبلغت تقارير المنظمة البحرية الدولية عن وقوع 11هجمة على جميع أنواع النقل البحري قبالة الساحل الصومالي في عام 2007وهناك 20محاولة أخرى وقد حاول القراصنة اقتحام 12سفينة وإطلاق النيران على الأخرى. ومن الأمثلة الناقلة الكيماوية البنمية سفينة "Golden Nori" وحمولتها 6253طناً من البنزين وقد اختطفت شهر أكتوبر الماضي بينما كانت في طريقها عبر خليج عدن وضمت طاقماً مؤلفاً من 23فرداً وظلت ستة أسابيع في الأسر تحت رحمة الخاطفين. وتبدو عمليات اختطاف السفن مربحة في الصومال وذلك وفقاً لملايين الدولارات التي تدفع جزية لتحرير السفينة والمخطوفين. وبعيداً عن تلك المنطقة فهناك ثمة خطر آخر تتعرض له ناقلات المنتجات الصغيرة داخل طرق التجارة الآسيوية التي لا تزال ضمن الأهداف المفضلة للقراصنة. وفيما قد يواجه القراصنة بعض الصعوبات في التعامل مع عمليات الاستيلاء على طاقة (5000) طن من منتج ايثيل الاستات (etac) إلا أنه ليس من الصعب التخلص من السلع الأساسية مثل الوقود وزيت الغاز، والأرز أو السكر بحيث يمكن للخاطفين بكل بساطة إبحار السفينة إلى ميناء صيد صغير وبيع كامل المسروقات على الفور. وبإمكان القراصنة مهاجمة أي سفينة وتفريغ شحناتها بكل سهولة وسرعة وتحويلها إلى أموال نقدية ويأتي في مقدمة المنتجات المستهدفة زيت الوقود وزيت الغاز. ويرتكز الجانب الأكبر لدرء عمليات القرصنة ودحرها والحد من خطرها على المبحرين أنفسهم وربان ومالكي السفن الذين يفضلون عدم الإبلاغ عن الهجمات التي يواجهونها وذلك خوفاً من التأخير نتيجة للتحقيقات المطولة والزيادة في أقساط التأمين إضافة إلى الدعاية السيئة التي ستنجم عن الحادثة وأضرارها على السفينة الشاحنة ومالكيها إلا أنه لا يمكن لأي قانون في العالم أن يقمع أي اعتداءات دون وجود أي بلاغات مما يساهم في تصعيد غارات القرصنة. ومثل تلك المشاكل تبرز بشكل كبير في غرب أفريقيا في وقت تطالب المنظمة البحرية الدولية من مالكي السفن وقباطنتها بضرورة أخذ زمام المبادرة والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة أو أي تهديدات فعلية تمس النقل البحري حتى ولو كانت مجرد محاولات فاشلة لم تسفر عن هجوم فعلي. وقد ساهمت المنظمة البحرية الدولية في إرساء أرض صلبة لمواجهة المعركة مع القراصنة وذلك منذ إنشاء مركز الإبلاغ عن القرصنة في كوالالمبور في عام 1992م مما أدى إلى تقلص عدد الحوادث مقارنة مع السنوات السابقة. وتتمثل المهمة الرئيسية للمركز تقديم خدمات الطوارئ واستقبال البلاغات على مدى 24ساعة من أي موقع في العالم ويقوم بدوره بتمرير معلومات الهجوم على وجه السرعة للسلطات الرسمية المعنية بالموقع والتي بدورها تتخذ إجراءات سريعة، والأهم من ذلك أن المركز يواصل رصده ومتابعته للحالة وتقديم إحصاءات لإجبار بعض الحكومات بعدم التردد في التعامل مع تلك التهديدات. والمشكلة تكمن أيضاً في إن القرصنة تحدث للسفن الأجنبية التي تضم طاقماً أجنبياً وبضائع أجنبية والتي من الممكن أن تتعرض لاعتداء في مياه خاصة بدولة أجنبية أخرى وهذا ما يجعل بعض الحكومات لا ترغب في أخذ زمام المبادرة والتدخل في نجدة السفينة المختطفة مما سيساهم في استمرارية أعمال القرصنة. وقد بلغ عدد حالات القرصنة خلال العام الماضي 2007م وفق تقرير المنظمة البحرية الدولية 120حالة في أفريقيا والشرق الأقصى 11حالة وشبه القارة الهندية 30حالة وجنوب أمريكا 21حالة وجنوب شرق آسيا 69حالة وبقية أجزاء العالم 12حالة. وأغلب هجمات القرصنة تتبع عموماً أسلوب موحد حيث يستخدم الخاطفون أسلحة ثقيلة وخفيفة مختلفة وقنابل صواريخ محمولة وزوارق عالية السرعة مدعمة بكافة وسائل الهجوم السريع مع إطلاق النيران على السفينة وتستهدف في المقام الأول ضرب جسر السفينة لتعطيل أجهزة اتصالاتها تماماً ومن ثم تهديد السفينة للاستسلام وعدم المقاومة أو الإبلاغ بأي وسيلة وعند أي محاولة من قبل ربان السفينة للتصدي للخاطفين سيتعرضون للقتل وتشير تفاصيل الحوادث التي تدونها الهيئة البحرية الدولية بأن أغلب عمليات القرصنة لا ينتج عنها وفيات أو أي مقاومات وقد أحتجز القراصنة في إحدى الهجمات 154من أفراد طاقم سفينة تم اختطافها من قبلهم كرهائن في العام الماضي ولم يصب منهم سوى ستة بجروح ومقتل اثنين. ويلاحظ بأن بعض الأساطيل في المياه الدولية ترغب في مساعدة السفن المختطفة إلا أنها تتردد في القيام بأي أعمال داخل حدود مياه دول أخرى وذلك احتراما للاتفاقيات الدولية بعدم التدخل بمياه الدول الإقليمية ومثل تلك البروتوكولات يستغلها القراصنة ويبادرون على الفور بسحب السفينة المختطفة إلى داخل مياه إقليمية لإحدى الدول بمسافة 19كم لتأمين استيلائهم على السفينة واضعين بالاعتبار استحالة تدخل أي أساطيل دولية قريبة لنجدة السفينة. ويشار إلى أن المنظمة البحرية الدولية تضطلع بمسؤوليات ومهام كبرى تستهدف تأمين حركة النقل البحري والمساعدة في قمع القرصنة والسطو المسلح ضد السفن في جميع أنحاء العالم، وفي عام 1992م تصاعد عدد حوادث القرصنة مما أدى إلى ضرورة إنشاء مركز الإبلاغ عن القرصنة في كوالالمبور وظيفته زيادة الوعي بمكامن القرصنة والتحقيق في حوادث القرصنة والسطو المسلح في البحار والموانئ وهناك دور آخر ينطوي على العمل مع الحكومات الوطنية على مجموعة من المبادرات الرامية إلى الحد والقضاء على الهجمات الموجهة ضد السفن. والمركز تديره المنظمة البحرية الدولية وقد حقق قدرا كبيرا من النجاح على مر السنين من خلال خطواته الدءوبة لردع القرصنة وزيادة الوعي العام للمنتجين والمسوقين بحجم المشكلة وخطرها الكبير على استثماراتهم. وتعد المنظمة البحرية الدولية شعبة متخصصة من غرفة التجارة الدولية وهي غير ربحية أنشئت في عام 1981م لتكون بمثابة مركز تنسيق في مكافحة جميع أنواع الجرائم البحرية وترتكز أعمالها في جملة أمور منها حث الحكومات وجميع المصالح والمنظمات على التعاون وتبادل المعلومات مع بعضها البعض فيما يتعلق بأعمال القرصنة وتهدف إلى الحفاظ على تطوير وتنسيق العمل في مكافحة الاحتيال البحري. وقد وقعت مذكرة تفاهم مع المنظمة العالمية للجمارك ولها مركز مراقب لدى الإنتربول الدولي. ومن مهامها الرئيسية حماية سلامة التجارة الدولية عن طريق البحث المستمر وتكريس الخبرات والاتصالات النافذة لجميع أنحاء وأقطار العالم واكتشاف الأساليب الإجرامية الجديدة واتجاهاتها وإلقاء الضوء على الأخطار الأخرى التي تهدد التجارة الدولية. الجدير بالذكر أن الصناعات السعودية لم تشملها عمليات القرصنة وذلك وفقاً لقوة ومتانة أساطيلها البحرية الناقلة لمنتجاتها الكيماوية والبترولية المكررة حيث تلجأ أغلب الشركات لتوقيع عقود طويلة الأجل مع شركات نقل الكيماويات الخاصة لاستئجار ناقلاتها لنقل منتجاتها للأسواق العالمية ومنها لجوء الشركة العالمية للميثانول إحدى الشركات التابعة للشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات (سبكيم) لتوقيع عقداً مع الشركة الوطنية لنقل الكيماويات (NCC) مدته خمس سنوات وبقيمة 160مليون ريال لاستئجار الناقلة "رابغ" لنقل منتجات (سبكيم) إلى الأسواق العالمية وهذه الاتفاقية اعتبرت الأولى من نوعها بالنسبة لسبكيم مع القطاع الخاص وتستهدف هذه الاتفاقية تعزيز مكانة ووضع الشركة الإستراتيجي بين مُنتجي البتروكيماويات مما يساعد على تسويق منتجاتها بأسعار تنافسية في الأسواق العالمية وقد نجحت الناقلة رابغ أبشحن أول شحنة من منتج الميثانول عن طريق ميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل الصناعية. وحول مدى كفاءة حركة النقل البحري وسلامته بالمملكة أكد وزير النقل بالمملكة الدكتور جبارة بن عيد الصريصري في حديث خاص ل"الرياض" الاهتمام الكبير الذي سخرته الدولة لتطوير قطاع النقل البحري الذي أولته جل عنايتها وذلك لمكانتها الإستراتيجية حيث يشكل النقل البحري الوسيط الأكبر لنقل التجارة من وإلى المملكة كما أن المملكة تستقبل كل عام أكبر تجمع بشري في موسم الحج. ويتم عبر موانئها النفطية تصدير الجزء الأكبر من النفط لمختلف دول العالم والمملكة باعتبارها أحد الأعضاء الفاعلين في المنظمة البحرية الدولية فقد دأبت على تطبيق ما يصدر عن المنظمة البحرية الدولية من اتفاقيات ومعاهدات بحرية دولية حيث قامت المملكة بالتوقيع على أكثر من عشرين اتفاقية تعنى بالسلامة وحماية البيئة البحرية لتؤكد على أهمية وضرورة قيام التعاون العالمي وما ينبغي على المجتمع الدولي أن يقوم به لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية وبالذات في مجال حماية البيئة البحرية. ونوه بالدور المثالي للشركات السعودية العملاقة وفي مقدمتها شركتا أرامكو وسابك في أصعدة أنشطة الشحن البحري لتسويق مختلف منتجاتها السائلة والغازية والجافة عبر الموانئ البحرية ودأب الشركتين وغيرهما من الشركات السعودية والتزامهما بكافة المعايير العالمية التي تكفل المحافظة على البيئة وعدم إغفال جوانب السلامة وانتهاج أفضل التقنيات في عمليات الشحن بوضع الضوابط والاشتراطات البيئة السليمة لضمان المحافظة على البيئة البحرية سليمة وخالية من التلوث. وتجدر الإشارة إلى أن تميز شركة فيلا البحرية العالمية المحدودة وهي شركة تابعة لأرامكو السعودية ومملوكة لها بالكامل حيث تمتلك شركة فيلا أحد أكبر أساطيل ناقلات الزيت الخام وتشغيلها وقد أنشئت في عام 1984م وكانت تمتلك أربع ناقلات ونمت حتى أصبحت الآن تمتلك 21من الناقلات الضخمة والعملاقة وسفينتين لنقل المنتجات المكررة. وتقوم شركة فيلا بنقل الزيت الخام إلى الأسواق الرئيسة في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، كما أن لها سجلاً طويلاً وحافلاً وخالياً من الحوادث مما يؤكد العناية الفائقة بصيانة سفنها ومدى متانتها وقوة تصديها لأي كوارث أو اعتداءات وقد منحت مؤخراً شهادة "الأيزو" من الهيئة الدولية للمقاييس لما امتازت به من إدارة مأمونة لأعمال السفن وحماية البيئة. وتستقبل فرض أرامكو السعودية ما يزيد على 4000ناقلة في السنة وتقع هذا الفرض في كل من رأس تنورة والجعيمة على ساحل الخليج العربي وفي جدة ورابغ وجازان وينبع وضباء على ساحل البحر الأحمر.