لا يزال مرض نقص المناعة المكتسبة شبحاً يفيض بأثره المرعب على المجتمعات ولا زال يحتفظ برباطة جأشه ويقف وقفة المنتصر أمام الجهد البحثي والتطور الطبي والكفاح المضني ويتحدى نوابغ العقول وأقصاها ذكاءً ودراية ويفتك بمن يطرق بابه ولو كان الطارق مخطئاً أو جاهلاً أو ضحية ساذجة أو بريئاً متورطاً، فانقضاضه واحد وصدمته واحدة لا تتفاوت في العواقب ولا التقدير. قد أمسى مرض (الإيدز) سيد الألم وغدت الأجساد مرتعاً لفتكه وأوطاناً وبالأخص أجساد الشباب والشابات ذوي المراهقة المبكرة إذ أن أعداد الحالات المصابة بهذا الشبح فاقت التوقعات في محافظة جدة والعاصمة الرياض!! وفي ظني فإن المسؤولية الأولى تقع على كاهل الأسرة في إيجاد السبل في التوصل مع الأبناء وتوسيع مدارك المراهقين وتوجيه نزواتهم التوجيه السليم منذ الطفولة أي قبل ولوجهم لبوابة (اكتشاف) العالم الغرائزي من حولهم وإحاطتهم بأخطار الانزلاق في هكذا مستنقع والحدب على انفعالاتهم ورغباتهم وتحصينهم وتوعيتهم قبل أن يتورطوا بعلاقات مريضة معلومة الهاوية. يزعم بعض الآباء والأمهات خجلهم من التحدث إلى أولادهم حديثي السن بهكذا مسائل (أو كانوا لا يجيدون إلا التفصيل!!). من السهل إيصال أخطار العلاقات المحرمة والشرح الواضح عن معنى مرض (الإيدز) دون التطرق إلى الطريقة المعهودة بين الجنسين. ومن المجدي لو رافقت الصور الحقيقة للمصابين لحظات التلقين ليستوعب المراهقون عمق أنياب هذا الداء ويتهيبوا الاستهانة بعواقبه ويولونه المقت والضغينة وجدية الصد والانصراف.. ولا تنتهي المسؤولية على هذا السبيل بل تمتد إلى الجهات التوعوية إذ لا تقتصر توعية المواطن بداء كهذا الداء في يومه المخصص من العام بل من الضروري والمهم أن تُعلَّق صور المرض المحزنة واليافطات على كل بناية وحائط وبوابة وعمود كهرباء وإشارة وتوزع النشرات في المدارس والمساجد والمراكز الترفيهية والتسويقية ومراكز الرياضة فبالكاد نغرس الرعب في أعماق أبنائنا ونعبر بهم من هاوية الداء والألم إلى بر الصحة والسلامة.