تعاني المستشفيات الجامعية القائمة كثيراً في الجانب الإداري والمالي، و قد سبق أن طرحت أكثر من فكرة لتحسين أوضاع تلك المستشفيات، وبعض تلك الأفكار بدأت تأخذ طريقها للتنفيذ أو انها أصبحت حلولاً تتكرر على ألسنة القائمين على إدارة تلك المستشفيات، فقد رددت لسنوات فكرة فصل إدارة المستشفى الجامعي عن إدارة كلية الطب، وبعد حوالي عشر سنوات من طرحي الفكرة للمرة الأولى أجد هناك من يتبناها. جامعة الملك فيصل بالدمام تبنت الفكرة أخيراً وهي في طريقها لفصل إدارة المستشفى الجامعي عن إدارة كلية الطب، مع تحفظي على طريقة الفصل التي لم تتم عبر هيكلة تنظيمية شاملة للعلاقة بين الكلية والمستشفى (تفاصيل الفكرة كما طرحتها توجد في كتابي التعليم العالي في الميزان). فكرة تشغيل المستشفى كبرنامج مستقل وبميزانية مستقلة عن ميزانية كليات الجامعة، أيضاً بدأت تعلو المطالبات بها عبر المطالبة ببرنامج تشغيل ذاتي للمستشفيات. الفكرة أو السؤال الثالث الجوهري الذي يحتاج إلى نقاش في ذات السياق هو: هل نحتاج مستشفى جامعياً لكل كلية طب لكل جامعة؟ لماذا تزعج الجامعة نفسها بتشغيل مستشفى وتقديم خدمة صحية ؟ لماذا يحتج اساتذة الطب على وزارة الصحة حين تفتح كلية طب بحجة أن التعليم ليس تخصصها بينما وزارة الصحة لا تحتج على الجامعات حين تقدم خدمة صية بحجة أن تقديم الخدمة الصحية ليس من تخصص الجامعة؟ إن فصل إدارة المستشفى عن إدارة كلية الطب وتشغيل المستشفى وفق برنامج مالي إداري مستقل سيقود إلى توسيع قاعدة المستشفيات التعليمية وليس بالضرورة الجامعية. بمعنى آخر ستصبح جميع مستشفيات المنطقة تعليمية تخدم الكليات الصحية بمنطقتها وسنتجاوز حصر المستشفى التعليمي بمستشفى واحد يتبع الجامعة. أعلم بأن التعليم الطبي لدينا تعود على مفهوم المستشفى الجامعي كعادتنا في نسخ النموذج الأول بالمملكة دون الاطلاع على نماذج تعليمية طبية عالمية مرموقة ليس لديها مايسمى المستشفى الجامعي، بل نجد مستشفيات المدينة كلها مفتوحة لها كمستشفيات تعليمية يتم التدرب فيها وفق اتفاقيات وتنظيمات مشتركة بين الجامعة والجهة المالكة للمستشفى. انظر تجارب كليات الطب الكندية، هل لديها جميعاً مستشفيات جامعية؟ هذا النموذج لو تم تطبيقه قبل سنوات لكان لدينا كلية طب ضخمة بالرياض ولما وجدنا كل قطاع صحي يبني كليته الخاصة به وهو ما يجعلني أطالب بتطبيق النموذج بالمناطق الأخرى، والجامعات الجديدة تحديداً، حتى لا يتكرر ماحدث في العاصمة بافتتاح العديد من كليات الطب بطريقة غير مجدية اقتصادياً وتعليمياً. يكفينا كلية طب واحدة بكل منطقة ومستشفيات تعليمية عديدة تستفيد منها تلك الكلية.