لقد اهتم العرب منذ القدم بحفظ تاريخهم وتسجيل وقائعهم ورحلاتهم وذلك بالتوارث أو بالنقش على الحجر أو بذكر أحداثها في الشعر وهذا الأخير شكل عنصراً هاماً في حفظ الوقائع والأحداث. ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى جزءاَ من هذه الأحداث ومن ذلك رحلة الشتاء والصيف عند العرب. وقديماً قيل الشعر ديوان العرب. إن الشعر الجاهلي الذي نظمه شعراؤهم في تلك الحقبة واهتموا بروايته حتى دونه المدونون جاء مليئاً بأخبار العرب ووصف وقائعهم وما حققته القبائل من انتصارات وما تعرضوا له من هزائم ولم ينفك شعراء العرب عن ذلك حتى بعد ظهور الإسلام وتدوين التاريخ وقل أن تجد يوماً من أيام العرب أو جانباً من جوانب حياتهم الا وهو في اشعارهم شاملاً الحدث والمكان والحقبة الزمنية وعلى النهج الذي سار عليه الشعراء الأوائل من العرب سار الشعراء الشعبيون فنظموا شعرهم حافلاً برصد الأحداث ووصف الوقائع وعناصرها وخصوصاً في فترة غياب التدوين وضعف الثقافة وقلة المؤرخين ومن هذا المنطلق شكل شعر تلك الفترة مصدراً هاماً للمؤرخين والرواة في رصد أحداث وثقافة المجتمع الذي عاش فيها. ولم يقف الشعر عند حد التأريخ بل إن شعرهم تناول الكثير من العادات والنظم القبلية وتحركات القبائل في حلها وترحالها وإلى جانب ذلك أعطوا جغرافية المكان ووصف طبيعته جانباً كبيراً من شعرهم فحددوا البقاع ووصفوها جبالاً وأودية وموارد كما وصفوا نباتاتها ومظاهر الطبيعة الأخرى. وتواصل الشعر والشعراء مع تلك المسيرة متتبعين الأحداث وبعد استتبات الأمن وتوحد أجزاء هذه البلاد وأصبحت ملامح الاصلاح الاجتماعي تبدو جلية في مختلف شؤون الحياة من هنا.