قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده امرؤ القيس بن حجر المعروف (بآكل المرار) فقال صلى الله عليه وسلم هو قائد الشعراء وصاحب لوائهم، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للوفد الذي قدم عليه من غطفان من الذي يقول: حلفتُ فلم أترك لنفسك ريبةً وليس وراء الله للمرء مذهب قال: نابغة بني ذبيان. فقال لهم من الذي قال: أتيتك عارياً خلقاً ثيابي على وجل تظن بي الظنون فألفيتُ الأمانة لم تخنها كذلك كان نوح لا يخون فقالوا: هو النابغة. فقال: فهو أشعر شعرائكم.. ولذلك يقول (ابن عبدربه): وما أحسب عمر ذهب إلا إلى أنه أشعر شعراء غطفان ولا أدل من ذلك على قوله (هو أشعر شعراؤكم).. وطلب عمر بن الخطاب من ابن عباس رضي الله عنهما أن ينشده أو يسمعه لأشعر الناس وفق مقاييس الفاروق (رضي الله عنه) فرد عليه ومن هو ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر رضي الله عنه (زهير بن أبي سلمى) يقال فما زال ينشده من شعره حتى أصبح، وزهير هو صاحب البيت (الحكمة) الشهير حول تقدم العمر وسن الكهولة وتجافي ملذات الحياة كوضع فطري لبنى الإنسان: سئمتُ تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم وهو الشاعر الجاهلي الذي كان لا يمدح إلا مستحقاً كمدحه وثناؤه على سنان بن حارثة وهرم بن سنان اللذين نجحا في ايقاف نزيف الدم بين قبيلتين من العرب في حرب شهيرة امتدت أربعين عاماً. تداركتما عبساً وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم وسُئل لبيد بن ربيعة من أشعر الشعراء؟ قال: صاحب القروح وهو يعني (امرئ القيس) قيل له فبعده من؟ قال: ابن العشرين يقصد (طرفة بن العبد) قيل له فبعده من؟ قال أنا. قيل للحطيئة: من أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول: من يسأل الناس يحرموه وسائل الله لا يخيبُ وهو يشير إلى (عبيد بن الأبرص) وتداولت العرب في عز فصاحتها وتألق شعرائها مقولة أن أشعر العرب (النابغة إذا رهب وزهير إذا رغب وجرير إذا غضب). وقال أبو عمر بن العلاء: طرفة أشعرهم بواحدة ثم غنى قصيدته. لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في راحة اليد ومنها بيته الشهير الذي سمعه المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال هذا من كلام النبوة. ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود وسمع عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما رجلاً ينشد بيت الحطيئة الشهير: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير مُوقدِ فقال: ذاك رسول الله! إعجاباً منه بالبيت وأن مثل هذا المدح لا يستحقه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسئل الأصمعي (عبقري العربية) عن شعر النابغة فقال: إن قلت ألين من الحرير صدقت!، وإن قلت أشد من الحديد صدقت!. وقال جرير: أنا مدينة الشعر والفرزدق نبعته! يقصد منبعه، وهو الذي سأله ابنه يوماً قائلاً: انك لم تهجُ قوماً قط إلا وضعتهم، إلا بني لجأ، فقال: إني لم أجد شرفاً فأضعه ولا بناء فأهدمه!!! وختاماً فقد صدق القائل شعراً: إذا الشعر لم يهززك عند سماعه فليس حريٌ أن لا يقال له شعر