اختلف الناس في أشعر الشعراء وتباينت آراؤهم فالبعض يفضل امرأ القيس والآخر يفضل النابغة أو زهير بن أبي سلمى.. وللوقوف على ذلك تتحفنا كتب التراث ومنها كتاب العقد الفريد لنقف عند أهم وأبرز الشعراء. قال النبي وذكر عنده امرؤ القيس بن حجر: هو قائد الشعراء وصاحب لوائهم. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للوفد الذي قدم عليه من غطفان.. ما الذي يقول: حلفتُّ فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب قالوا: نابغة بني ذبيان.. قال لهم: فمن الذي يقول هذا الشعر: أتيتك عارياً خلقاً ثيابي على وجل تظن بي الظنون فألفيت الأمانة لم تخنها كذلك كان نوح لا يخون قالوا: هو النابغة.. قال: هو أشعر شعرائكم.. ويقول ابن عبدربه: وما أحسب عمر ذهب.. إلا إلى أنه أشعر شعراء غطفان.. ويدل على ذلك قوله: هو أشعر شعرائكم.. وسأل عمر بن الخطاب ابن عباس أن ينشده لأشعر الناس الذي لا يعاضل بين القوافي ولا يتبع حوشي الكلام فقال: من ذلك يا أمير المؤمنين؟.. قال: زهير بن أبي سلمى فلم يزل ينشده من شعره حتى أصبح.. وكان زهير لا يمدح إلا مستحقاً، كمدحه لسنان بن أبي حارثة، وهرم بن سنان.. وزهير هو القائل: وإن أشعر بيت أنت قائله بيت يقال إذا أنشدته: صدقاً فأحسن القول ما صدّقه الفعل. قالت بنو تميم لسلامة بن جندل: مجدنا بشعرك. قال: افعلوا حتى أقول. قيل للبيد: من أشعر الشعراء؟! قال: صاحب القروح.. يريد امرأ القيس.. قيل له: فبعده من؟ قال: ابن العشرين - يريد طرفة. قيل له: فبعده من؟! قال: أنا. وقيل للحطيئة.. من أشعر الناس؟ قال: الذي يقول: من يسأل الناس يحرموه وسائل الله لا يخيب يريد عبيد بن الأبرص.. وقيل لبعض الشعراء: من أشعر الناس؟! قال: النابغة إذا رهب، وزهير إذا رغب، وجرير إذا غضب. وقال أبو عمرو بن العلاء : طرفة أشعرهم واحدة.. يعني قصيدته: لخولة أطلال ببرقة ثهمد وفيها يقول: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود وأُنشد هذا البيت للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا من كلام النبوة. وسمع عبدالله بن عمر رجلاً يُنشد بيت الحطيئة: من تأتيه تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد فقال: ذاك رسول الله! إعجاباً بالبيت يعني أن مثل هذا المدح لا يستحقه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. سُئل الأصمعي: عن شعر النابغة فقال: إن قلت ألين من الحرير صدقت، وإن قلت أشد من الحديد صدقت. قال جرير: أنا مدينة الشعر والفرزدق نبعته. قال بلال بن جرير: قلت لأبي: يا أبت، إنك لم تهج قوماً قط إلا وضعتهم إلا بني لجأ.. قال: إني لم أجد شرفاً فأضعه ولا بناء فأهدمه. وما لا يدرك غايته لا يوقف على حد منه.