قبل ثمانية أعوام كانت كومومو شابة يابانية عادية تقيم في بكين وتركب دراجتها لتدور بها حول المدينة وتلعب البلياردو مع أصدقائها في مطلع الأسبوع.. والان أصبحت احدى فتيات الجيشا في كيوتو عاصمة اليابان القديمة وتشعر بفخر لانتمائها لهذه المهنة القديمة التي تعود لقرون مضت رغم أنها بدأت تندثر الان. وتفتخر الفتيات اللائي يعملن بها بجمالهن ومهارتهن في الرقص وعزف الموسيقى وحلو الحديث. على عكس الايام القديمة عندما كانت الفتيات ينجحن في أن يصبحن احدى فتيات الجيشا عن طريق الصلات الشخصية بدأت كومومو ( 23عاما) أولى خطواتها للانضمام لهذه المهنة عبر البريد الالكتروني. وتقول كومومو في "رحلة فتاة جيشا" وهو كتاب يضم مجموعة من المقالات والصور لناويوكي أوجينو من المقرر أن يطرح في الاسواق في الشهر الجاري انه لم تكن هناك أي طريقة تمكنها من معرفة عالم الجيشا القديم والسري الى أن عثرت على موقع على الانترنت تديره كويتو وهي احدى فتيات الجيشا التي تدير أوكيا وهو ما يعني دارا من ديار الجيشا. وقالت كومومو "أردت أن أعرف المزيد عن بلادي ولهذا اخترت هذا العالم". وأضافت وهي ترتدي كيمونو أسود اللون وهو الزي الياباني التقليدي ووشاحا مقصبا وتغطي وجهها بمساحيق الزينة بيضاء اللون بلمسة من الحمرة فوق العينين "أردت أن أجعل من التاريخ والتقاليد اليابانية جزءا من حياتي اليومية (..) لا أن أرتدي الكيمونو في بعض المناسبات فقط ولكن كل يوم وأن أعيش الحياة كما كانوا يعيشونها في الماضي". ولكن بدا هذا مستحيلا الى أن عثرت على موقع كويتو وهو واحد من أوائل المواقع التي كتبت مادتها احدى فتيات الجيشا العاملات. وكتبت كومومو "سعدت للغاية لدرجة أني بعثت برسالة عبر البريد الالكتروني على الفور لكويتو أبلغها فيها بحلمي بأن أصبح مايكو أي فتاة جيشا متدربة ولكني لا أعرف كيف أبدأ". وتبادلت الاثنتان الرسائل لمدة ثلاث سنوات الى أن أنهت كومومو دراستها الثانوية. وبعد أن تمكنت كومومو من التغلب على معارضة والديها اللذين كانا يريدان أن تسلك المسار التقليدي بالالتحاق بالجامعة والزواج توجهت الفتاة التي كانت تبلغ انذاك من العمر 15عاما الى كيوتو. وقالت كيميكو ناسو والدة كومومو التي كانت تزور ابنتها الوحيدة "اعتقدت أنها لن تستمر (...) ارادتها قوية وفي عالم الجيشا يجب أن تختفي." وانتقلت كومومو الى دار كويتو لفتيات الجيشا في منطقة مياجاوا تشو بشوارعها الحجرية الضيقة التي توجد على جانبيها منازل خشبية في وسط كيوتو. وتعلمت في الاسابيع الاولى لها في هذه الدار كيفية تحية الناس بانحناءات مهذبة وارتداء الكيمونو والحديث بلكنة سكان كيوتو الهادئة. وقالت كومومو وطولها نحو 150سنتيمترا "خلال العام الاول كنت أتعرض للتوبيخ طول الوقت كل يوم. كانت هذه هي وظيفتي أن أتعرض للتوبيخ.. خلال الحفلات المسائية لا يسمح بارتكاب أي أخطاء وهذا أمر لا يمكن أن تتعلمه فجأة. يجب أن ينبع ذلك من المنزل كجزء من الحياة اليومية حتى لا تفعل شيئا محرجا أمام الضيوف". يبدأ كل يوم بدروس في الرقص والغناء والمراسم التقليدية لإعداد الشاي والموسيقى ويستمر اليوم بالحفلات وهي العمل الحقيقي لفتيات الجيشا .. من الساعة السادسة صباحا حتى منتصف الليل. ولا تحصل فتاة الجيشا على عطلة سوى يوم واحد خلال شهرين أو ثلاثة شهور وكانت كومومو في بادىء الامر تتوق للحياة الطبيعية للفتاة العادية. الا أنها فكرت في ترك هذا العمل لفترة قصيرة فقط خلال أول أسبوعين لها عندما قررت فتاة أخرى الانسحاب. وكتبت كومومو "أدركت حينئد مشاعري الحقيقية واعتقدت أنه اذا قررت القيام بذلك فعلي أن أحاول بشكل جاد بحق". وارتداء الكيمونو الخاص بالمتدربات بأكمامه الطويلة والواسعة والوشاح المتدلي وتعلم السير بالطريقة التقليدية لفتيات الجيشا دون الاصطدام بأي شيء أو أي أحد خاصة أثناء الرقص أمر صعب. وكانت كومومو تنسى أيضا القواعد وتفقد الحلي التي تزين الشعر. وحياة كومومو بالخارج اذ ولدت في المكسيك وأمضت بعض السنوات في اليابان قبل الانتقال الى الصين ساعدتها في النجاح في اذابة الجليد بينها وبين الضيوف ولكن كانت هناك بعض المشاكل. وقالت كومومو عن خمسة أعوام أمضتها كمتدربة "في البداية أعتقد أنه كانت لدي بعض التحفظات على الحياة العادية في اليابان وكنت أتصرف بصفاقة نوعا ما. هنا يقولون ان من الافضل دائما التصرف كما لو كنت لا تعرف أي شيء ولكن في حقيقة الامر يجب أن تكون ذكيا.. كنت مغرورة ولكن شخصا أعادني الى أرض الواقع". ( رويترز)