في مدونات التراث لطائف وغرائب في اللغة والتاريخ والأدب، والوقوع عليها من ألذ ثمرات القراءة فيها، وقد استحببت أن أجمع ما وقعت عليه منها في هذه السلسلة التي ارتضيت تسيمتها ب (أنباث)، والأنباث جمع نبث، وهو ما أُبئر وحفر واستنبت أي أُخرج. النبيثة: تراب البئر والنهر. القرنبع القرنبع كلمة تطلق في بلادنا على السيارة القديمة المهترئة، فما أصلها؟ ومن أين جاءت؟ بحثت عن أصل لها بحروفها الماثلة فلم أجد، وغلب على ظني على أنها محرفة عن (القرنبي)، قُلبت ألفها المقصورة عيناً توهماً. والقرنبي: دويبة طويلة الرجلين تشبه الجُعل، قيل لأحد الأعراب: أتأكلون القرنبى؟ قال: "طال والله ما سال ماؤها على شدقي"، وهي دويبة محتقرة، يشمئز منها الناظر اليها، وهذا ما جعل الناس يطلقون هذا الاسم على السيارة اذا اهترأت ولم تعد تسر الناظرين.. والك من غريب ألفاظ العامة في العصر العباسي ما ورد في نص اورده ابوحيان التوحيدي، وفيه: "قال بعض أصحابنا البغدادين: سمعت شيخا من العامة يقول لآخر: والك، نهر جرى فيه الماء لابد من ان يعود اليه، قال الآخر: والك حتى يعود الماء اليه ماتت ضفادعه"، وعقب أبوحيان: "حكيت لفظهم فهو الطريف، فلا تعب اللحن فيه". وهذه الكلمة الغريبة التي يفهم من سياقها التعجب والتوبيخ وما إليهما شبيهة بما نسمعه في اللهجة الشامية اليوم، اذ يقول بعضهم لبعض لفي مقام الزجر: (أولك)، وكأنها هنا مختصرة من (آوه لك) و(أوه) كلمة يراد بها الوجع والتحزن.