تشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى أن إنتاج العالم من النفط سوف لن يتعدى 100مليون برميل يومياً عام 2030.في حين أن الطلب على النفط حينها سوف يتخطى 116مليون برميل. وللمقارنة فإن الطلب على النفط في الوقت الراهن هو عند 87مليون برميل يومياً. وهذا الطلب يتركز جله في مناطق النمو الصناعي مثل أمريكا والبلدان الصناعية الجديدة ذات الكثافة السكانية العالية كالصين والهند. ويعود السبب في احتمال ظهور الفجوة النفطية إلى توقف نمو الإنتاج في بعض البلدان و وشوك نضوبه في بعضها الآخر . فهناك مشاكل في إنتاج النفط المكسيكي وخصوصاً من الحقل الشهير كانتاريل. كما أن روسيا والبرازيل قد توقف نمو إنتاج النفط فيهما أو أوشك على ذلك. ونفس الشيء ينطبق على النفط في بحر الشمال الذي يتناقص الإنتاج فيه 10% كل عام. كذلك تقوم بلدان مصدرة للنفط مثل اندونيسيا باستيراد جزء من استهلاكها من النفط بعد أن كانت في يوم من الأيام مثل الولاياتالمتحدة بلد يزيد إنتاجها عن استهلاكها له. فهذه الأخيرة قد انخفض إنتاجها من النفط منذ بداية السبعينات وحتى الآن بنسبة 50%، ولا يتعدى احتياطها من الذهب الأسود في الوقت الراهن ال 22مليار برميل - أي ما يكفي ل 15عاماً قادمة فقط. وفي ظل هذه المعطيات والتوقعات غير المتفائلة فإن إعلان نائب رئيس الوزراء العراقي إبراهيم صالح، الغير مدعوم بالحقائق، أن الأراضي العراقية تحتوي على ما يقارب 350مليار برميل من النفط، أي ما يفوق الاحتياطي الذي نملكه، لم يساهم في تهدئة مخاوف الجهات التي وجه التصريح إليها. إذ أنه وحتى قبل أن يجف حبر التقرير الذي اعتمد عليه المسؤول العراقي أقر مجلس النواب الأمريكي قانوناً لمقاضاة "الأوبك". وفي الحقيقة فإن القانون الذي أقره مجلس النواب هو قانون يخصهم وحدهم ولا قيمة له في القانون الدولي. ولكن الغريب في الأمر أن هذا القرار متناقض مع التقارير التي تصدرها وكالة الطاقة الدولية والإحصاءات التي تنشرها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. فما الذي يتوقعونه من المضاربين، وهم في الغالب من الأمريكيين، إذا كانت إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية نفسها تشير إلى أن هناك فجوة نفطية بين العرض والطلب آخذة بالتشكل والازدياد في المستقبل- وبغض النظر عما تقرره الأوبك- التي هي هنا بلا حول ولا قوة. وعلى ما يبدو لي فإن أوبك تستحق الشكر من قبل مجلس النواب لا المقاضاة. فهذه المنظمة التي تشكل نواتها "الدول المعتدلة" حسب التصنيف الغربي، هي التي تعمل كل ما في وسعها من أجل أن يواكب إنتاج النفط الطلب العالمي عليه. ومجلس النواب يعلم أكثر من غيره ربما- أو هكذا يفترض- أن بلدان الأوبك تنتج الآن النفط بحدود طاقتها القصوى تقريباً. أما بخصوص ارتفاع أسعار النفط- إذا كان هذا ما يقلقهم- فإن بلدان حوض الخليج العربي، هذه البلدان التي تمتلك أكبر احتياط للنفط في العالم، من مصلحتها أن لا يرتفع سعر النفط إلى المستوى الذي يشجع على تدفق الاستثمارات إلى مصادر الطاقة البديلة. فنحن في المملكة مثلاً لدينا احتياط يكفي لتمويل التنمية لمدة 80عاماً أو ما يزيد . ولذلك فإننا سوف نكون أكثر المتضررين فيما لو أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تحول العالم إلى مصدر أخر للطاقة. من هنا فقد كان الأولى بمجلس النواب الأمريكي أن يسن القوانين لمعاقبة المضاربين على النفط،- لتهدئة جنونهم-إذا كان ارتفاع أسعار النفط يهدد بالفعل المصالح الحيوية لبلدهم. فهؤلاء المضاربون الجشعون في البورصات الأمريكية وغيرها هم وحدهم المسؤولون عن ارتفاع أسعار نفطنا وعن إلحاق الضرر بنا وبمشتري النفط الذي نبيعه. والأهم من ذلك كله على مجلس النواب أن لا يخلط الذباب بالكباب، كما يقول المثل الأمريكي المشهور- لأنه مضر جداً.