أصبحت ظاهرة العنوسة في المجتمع تثير القلق بشكل عام والعاملات في القطاع الصحي بشكل خاص، فقد أصبح هناك عزوف غير معلن من الرجال على الزواج من موظفات القطاع الصحي، وخصوصاً الطبيبات والممرضات فهل عمل المرأة في هذا المجال جعلها عامل طرد لقسمتها ونصيبها أم ثقافة بعض الرجال وجهلهم بمهام وواجبات الطبيبة الإنسانية أفسدت مزاج الرجل وجعلته يتصور أن كل طبيبة وممرضة حنانها يصرف إلى مرضاها فيصيبها الجفاف إذا انتهى دوامها، وما هو دور ساعات عمل المرأة في القطاع الصحي هل أثر ذلك على حياتها الخاصة. ولتسليط الضوء على ذلك وطرح الآراء من مختلف وجهات النظر "الرياض" قامت بهذا التحقيق. الزواج من طبيبة في البداية تحدث فراج السهلي عن هذا الموضوع بقوله إنه يرفض أن يتزوج بطبيبة أو ممرضة وذلك لصعوبة عملها وقلة تواجدها في المنزل، وأيضاً يوجد من يشاركه في زوجته، وذلك بسبب تواجدها لساعات طويلة في المستشفى مما يسبب له القلق والحيرة حسب وصفه. ويضيف السهلي أن دور الأهل في البحث عن زوجة دائماً يتركز على المرأة التي تعمل في مجال التدريس وذلك لقلة ساعات الدوام وأيضاً كثرة الإجازات بالإضافة إلى الفائدة المادية التي تعتبر مناسبة مقارنة في ساعات العمل. الاختلاط بالمرضى وتحدثت مها الشمري عن هذا الموضوع بقولها إن السبب الرئيسي في عزوف الرجال عن الطبيبة أو الممرضة هو اختلاطها بالمرضى ومتابعة حالتهم الصحية، فهناك رجال للأسف يعتبر أن مهنة الطب مشابه لعمل الخادمة وهذا الكلام غير صحيح، لأن مهنة الطب رسالة سامية ومهمة عظيمة تفتخر بها أي إنسانة تحمل قيم ومبادئ هذه المهنة. وقالت مها الشمري إن ظاهرة العنوسة في الطبيبات والممرضات انتشرت وأصبحت واضحة للجميع، لذلك علينا ايجاد الحلول المناسبة للقضاء عليها وذلك من خلال دعم الممرضات والطبيبات في المجتمع ونقل الصورة الحقيقية لهذه المهنة. وطالبت مها المسؤولين في وزارة الصحة القيام بحملات إعلامية توضح الجهد الذي يبذل من العاملات في هذا المجال وأيضاً تخفيف ساعات الدوام للعاملات السعوديات في القطاع الصحي لكي تستطيع الزوجة القيام بواجبات منزلها على الوجه المطلوب. وقالت ابتسام العريني إن هناك طبيبات يؤجلن مشروع الزواج بسبب ارتباطاتهن في أوقات العمل الطويلة، وأيضاً بحثهن عن تطوير أنفسهن في المجال الطبي من خلال المشاركة في الندوات والمؤتمرات الداخلية والخارجية موضحة أنه من الطبيعي أن الطبيبة قد لا تجد زوجاً يدعمها في مجالها لأن حب التسلط من الرجال يجعلها تعيش في دوامة كبيرة وتصبح بين هم وظيفتها ونار غيرة الزوج. وأضافت ابتسام أن مهنة الطبيبة أو الممرضة أصبحت مصدر اغراء لبعض الرجال، وذلك من خلال بحثهم عن الراتب العالي، وهذا السبب جعل من يعمل في هذه المهنة اخذ الحيطة والحذر وعدم الزواج من أي رجل. وطالبت ابتسام المهتمين بقضايا المرأة بتوضيح الدور الهام الذي تلعبه الطبيبة أو الممرضة في المجتمع وأهمية تقديم الدعم لها لمواكبة التطوير في المجتمعات وفق شريعتنا الإسلامية. نصف الحياة من جهته ذكر سعد الصييفي عن هذه المشكلة انه يعرف زملاء له يحذرونه من الزواج من طبيبة أو ممرضة وذلك لجراءتها وكثرة الاعتماد على نفسها، وأيضاً وجود زملاء رجال في محيطها بالعمل، وذلك يثير غيرة وشكوك الزوج. وأضاف الصييفي بقوله انه لا يريد أن يربط مستقبله ومستقبل أطفاله مع زوجة نصف حياتها في المستشفيات تخدم الغير، وأنا وأطفالي تخدمنا الشغالة. جفاف الحنان وحول هذا الموضوع التقت "الرياض" أ. د. عبدالرحمن بن زيد الزنيدي وقال: إن ظاهرة العنوسة في المجتمع عامة وليست فاحشة، لكنها موجودة، وعن عزوف الرجال عن الطبيبات أو الممرضات دون سواهن يرجع إلى النظرة التقليدية إلى عمل التطبيب والتمريض، فهن في مقام الخادمة لكن في مجال محدد. وتصور بعض الأزواج أن مهنة التطبيب تفسد مزاج مزاولتها، وأن معايشتها للأمراض تُغيِّب في نفس الطبيبة روح الرومانسية والاشعاع الأُنسي. وأن الممرضة بحكم عملها تكسب حنانها لمرضاها فصيبها الجفاف إذا انتهى دوامها وأيضاً طول ساعات العمل مؤثرة في هذا العزوف بلا ريب. ويضيف الزنيدي بقوله إن تعميم الأحكام بناء على جزئيات محدودة واقع في مجتمعنا، فحينما تكتشف مريضة أو مرافقة لمريضة علاقة محرمة لطبيبة أو ممرضة وتتحدث عنها يعم الحكم على أن سببه مهنتها مما يعم كل الطبيبات والممرضات، كما إذا طلقت ممرضة أو طبيبة أحيل السبب على مهنتها وهكذا. ويشير الزنيدي بقوله إنه من الصعب على الرجل أن يتزوج زواجاً مستديماً منجباً امرأة تعمل في اليوم عشر ساعات، مؤكداً أنه يصعب على أغلب الرجال في مجتمعنا الزواج من امرأة تمنح خدمتها المهنية مسكوباً معها ما تتطلبه مهنة التطبيب والتمريض من رقة وتلطف بالقول. ويختتم الزنيدي حديثه عن الموضوع بقوله إن التطبيب والتمريض عمل اجتماعي المفترض أن يصاغ على ضوء ثقافة المجتمع لا أن يجلب من ثقافة مجتمع مختلف، ثم نتشكى من آثاره غير الصحية.