«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلغاء اختبارات الشهادة الثانوية:هل هو الخيار الصائب؟
نشر في الرياض يوم 24 - 06 - 2011

الحديث عن تحسين جودة التعليم يقود مباشرة إلى آليات تقييم مستويات الطلاب ومعايير قبولهم في الجامعات في التخصصات العلمية المناسبة.
هذا العام يدخل قرار إلغاء امتحان الشهادة الثانوية السعودية حيّز التنفيذ؛ مما يعني تغيير المعايير المرجعية لاستيعاب الطلاب في الجامعات..
؟ فهل كل المعطيات والمتطلبات متوافرة لتطبيق إيجابي لهذا القرار؟
؟ وهل تمت تهيئة الطلاب والمدارس والجامعات التي تستقبل هؤلاء الطلاب لهذا النظام؟
؟ وما إيجابيات وسلبيات تطبيق هذا النظام؟
؟ وهل المعايير التي ستحدد قبول الطلاب في الجامعات واضحة ومحددة في ظل هذا النظام؟
منذ صدور قرار وزارة التربية والتعليم بإلغاء امتحان شهادة الثانوية العامة دار كثير من الجدل بين المهتمين بقضايا التربية والتعليم حول هذا القرار؛ كما يقول د. خالد بن سعيد الزهراني في بداية النقاش حول هذه القضية المهمة: فهناك من يؤيد وهناك من يعارض، ولكل منهم وجهة نظر وقراءة خاصة للواقع. ويعتقد د. خالد الزهراني بأن من أكبر مشاكلنا غياب النظرة الشمولية للقضايا التي لها تأثير إيجابي أو سلبي على المجتمع، ومنها قضية التربية والتعليم. فعندما نتحدث عن التعليم فنحن نتحدث عن نظام متكامل لا يمكن فصل جزء منه عن الآخر.
والخطورة في التعامل مع أي نظام أن محاولة حل أي مشكلة أو القيام بتطوير أي جزء من النظام دون معرفة التأثير المتبادل بين هذا الجزء والأجزاء الأخرى في النظام قد ينتج عنه سلبيات أكثر تعقيداً.
ويتدخل هنا د. عبدالله بن محمد المانع ليقول بأن له ملاحظات على عنوان القضية وهي أنه لم يتم إلغاء الاختبار بل أصبح غير مركزي ولا أفضل كلمة امتحان بل اختبار ويقترح د. عبدالله المانع أن يكون العنوان كالتالي: إلغاء مركزية اختبار شهادة الثانوية العامة.
ويشير د. المانع كذلك إلى أن المربين يستخدمون أساليب متنوعة في تقويم الطلاب أهمها الاختبارات؛ ولأن التخطيط الجيد لبناء الاختبار يأخذ بالاعتبار الشمول والتمثيل الجيدين لجوانب التحصيل عند الطلاب.
كثير من التساؤلات
وقدم الكثير من المشاركين الأفاضل عدداً من التساؤلات المهمة قبل الولوج في صلب هذه القضية فها هو د. عثمان بن تركي التركي يعتبر مناقشة إلغاء امتحانات الشهادة الثانوية من المواضيع المتشعبة، ولا يمكن التقرير على عجل عن مدى قبول هذه الفكرة أو عدمها؛ لأن الامتحان جزء من عملية التقويم الذي هو جزء من المنظومة التعليمية التي يتقاطع ويتداخل مع محور التقويم للمعلم والطالب والمنهج بمفهومه الشامل. ويرى د. التركي بأننا قبل أن نناقش فكر ةالإلغاء يجب أن نطرح بعض التساؤلات، مثل هل كانت امتحانات الشهادة الثانوية تحقق الأهداف التي وضعت من أجلها، أو بعباره أخرى هل كانت الامتحانات حتى تاريخ إلغائها في صورة جيدة ومثالية؟ وعندما تم الإلغاء هل نكون قد فقدنا عنصراً مهماً من عناصر التقويم الشامل؟
وهنا يقدم لنا د. ماهر العرفج تساؤلاً آخر قائلاً: لا شك أن القرارات المرتبطة بالعملية التعليمية هي من القرارات الصعبة، نظراً لتعدد مدخلات العملية التعليمية والعمليات المرتبطة بها. ويأتي قرار إلغاء مركزية اختبارات الثانوية العامة من ضمن هذه القرارات التي تحتاج إلى التأمل، والنظر فيما سيترتب على هذا القرار من نتائج إيجابية أو سلبية.
وهنا يطرح د. ماهر العرفج السؤال التالي: هل ستلحق شهادة الكفاءة المتوسطة التي فقدت قيمتها ومضمونها.
ما يتطلب
ويؤكد أ.د. حسن علي مختار بأن أي قرار ضخم ومصيري مثل هذا يتطلب أولاً الإعداد له في المدارس لكل من الطلبة والمعلمين والهيئة الإدارية، كما يتطلب ثانياً التنسيق مع الجامعات والمؤسسات التعليمية في التعليم العالي بهذا الشأن، وثالثاً بدء حملة توعية إعلامية في كل الوسائل؛ ولكن عندما تغيب مثل هذه الإجراءات نتوقع أن تواجه التطبيق الكثير من المعوقات. ومن الجانب الآخر يرى أ.د. مختار كذلك بأنه كان لا بد من تغييرنظام المدارس؛ وهذا ما حدث في بعض المدارس التي أطلق عليها (المدارس المطورة). إن هذا التطوير يتطلب تدريب الطلاب والمعلمين على حد سواء على التعامل بإيجابية مع إلغاء الاختبارات والاعتماد على الاختبارات الدورية وتراكم الدرجات لسنوات الدراسة في المرحلة الثانية. ويرجو أ.د. حسن مختارأن تكون الوزارة قد خطت خطوات متقدمة جداً للوصول إلى مبتغاها في إلغاء امتحان الثانوية العامة. كما لا يفوتني أن أذكر هنا أنه ربما هناك أسباب وراء الإلغاء وهو إزالة رهبة الاختبارات في نفوس الطلاب التي تسبب سنوياً أمراضاً ومواقف نفسية مهلكة لهم. كما توفر على الوزارة مئات الملايين في تنظيم الاختبارات لهذه الشهادة من تشكيل لجان والصرف على المتطلبات الكثيرة من طباعة وورق وصرف مكافآت وغير ذلك من النفقات التي لا داعي لها.
أرضية التطبيق
ويعتقد د. سليمان العنقري بأن الوزارة لم تُقدم على هذه الخطوة المهمة إلا بعد دراسات وافية على مستويات مختلفة، وليست وليدة لحظة تفكير، كما نوقش الأمر في مجلس الشورى ونال تأييداً واسعاً. وهذا يعني كما يقول د. العنقري بأن أرضية تطبيق القرار مهيئة بالقدر المرضي، وإن كنت أتوقع حدوث شيء من الاهتزاز النفسي لدى الأسرة والمجتمع في بدايات تطبيق القرار؛ لكن التهيئة المدروسة وإبراز النتائج الإيجابية للقراء كفيلة بجلب الاطمئنان النفسي والقبول لدى المجتمع.
قرار صائب
ويأخذ أ.د. محمد بن سليمان حمود المشيقح النقطة الأخيرة التي ذكرها أ.د. حسن مختار ليضيف عليها: - أن قرار إلغاء امتحان الشهادة الثانوية يعتبر قراراً صائباً في ضوء التطورات المتسارعة التي يشهدها ميدان التربية والتعليم في هذا العصر، وما صاحب ذلك من تقنيات تربوية حديثة خدمت العملية التعليمية بشكل لا مثيل له؛، حيث إن تلك الامتحانات الملغاة بشكلها المعروف أصبحت هدفاً وغاية، وابتعدت عن كونها وسيلة فقط، فكانت بعبعاً يؤرق الطالب وولي أمره كل عام، بما يصاحب موعدها من رهبة وخوف أفقدها الجانب التربوي المقصود من تقويم العملية التربوية، والذي نصت عليه المادة الأولى من لائحة تقويم الطالب المعدلة من اللجنة العليا لسياسة التعليم؛ حيث إن التقويم عملية تربوية مستمرة تهدف إلى إصدار حكم على التحصيل الدراسي للطالب.
ويتفق الأستاذ منصور محمد نور أبو منصور مع رأي أ.د. محمد سليمان المشيقح حينما يقول: بالنسبة لقرار الوزارة الأخير وهو إسناد مهمة الاختبارات النهائية للمدارس هو قرار صائب؛ لأن جميع المدارس الحكومية والأهلية تقوم بعملية الاختبارات الشهرية والفصلية من الصف الأول وحتى الصف الثالث الثانوي في مدارسها. وبالنسبة للصف الثالث فجميع الاختبارات تنفذ أيضاً في المدارس ما عدا الاختبار النهائي الذي تصل درجته النهائية إلى (30) درجة من مائة.
ويقول أبو منصور بأننا لو قمنا بدراسة علمية ميدانية لمعرفة الاستنفار والإجراءات ووضع الاختبارات التي تكلف بها الوزارة من مسؤولين ومشرفين وإداريين، والخطورة التي تترتب على مركزية هذه الاختبارات والمعاني التي يعاني منها الطلاب وأولياء الأمور وبعض المؤسسات الحكومية في حالة ظهور مشكلة مثل تسرب الأسئلة - لا قدر الله وهي أكثر من الإيجابيات التي تحرص الوزارة على إبقاء هذه الاختبارات مركزية التوجه.
غير صائب
وتختلف المشاركات القادمة عمّا سبق؛ إذ يرى أصحابها أن القرار غير صائب.. فها هو د. فهد بن عبدالعزيز بن سليمان أبانمي يقول هنا: يجب أن يكون واضحاً للجميع أن كثيراً من قررات وزارة التربية والتعليم لا تتم بطريقة علمية، وأعني بالعلمية انتهاجها واستخدامها الآليات العلمية لدراسة الموضوع ومن ثم تطبيقه في الميدان، وهذا ما يمكن ملاحظته في القرار الذي ثبت فشله يوماً بعد يوم وهو استبدال الاختبارات بالتقييم المستمر؛ والذي تم إلغاؤه في كثير من البلدان الأجنبية والعربية وآخرها الأردن، ويضيف د. أبانمي: إن جودة التعليم الذي نسمعه من مسؤولي وزارة التربية والتعليم ينقصه الجدية في الطرح، فكثيراً من البرامج والمشاريع التي تبنتها الوزارة قديماً وحديثاً لا تخدم العملية التعليمية، بل بالعكس تصبح يوماً بعد يوم هماً واستنزافاً لميزانية الوزارة.
وكنت وما زلت أطالب في كتاباتي والندوات التي أشارك بها بضرورة إزالة شبح الاختبارات عن طلاب الثانوية العامة؛ لأنها ومع تزايد المدارس الأهلية، وافتقارها في بعض المناطق للصدقية والموضوعية أصبحت لا تمثل الحد الأدنى المقبول علمياً ومنطقياً للدخول إلى الجامعة واختيار التخصص المناسب؛ كما وأن اختبارات الثانوية العامة كانت وما زالت ينتابها الغموض ويتقاذفها الشك في صدقيتها ودقتها عند وضع أسئلتها أو تصحيحها؛ ولذا كان لزاماً البحث عن بدائل لها.
إن اختبار القياس والقدرات جاء كمشروع رائد ومساند لاختبارات الثانوية العامة؛ بل إنني أتوقع مع الوقت أن يصبح هو السائد وتصبح شهادة الثانوية العامة متطلب لهذا الاختبار.
ومن جانبه لا يعتقد أ.د. حمدان بن أحمد الغامدي بأن المعطيات والمتطلبات متوافرة لتطبيق إيجابي لهذاالقرار؛ فالتعليم كما يقول أ.د. الغامدي قضية اجتماعية بالدرجة الأولى وكان يفترض أن يسبق تطبيق هذا القرار توعية إعلامية لأولياء أمور الطلبة بأن الوزارة سوف تطبق نظام المعدل التراكمي في المرحلة الثانوية في الصفين الثاني والثالث الثانوي، ابتداء من العام الدراسي 1429/1428ه. فالوزارة لها حق التطوير؛ ولكن بشروط تهيئة الطلبة وذويهم لهذا القرار.
ويجزم د. عدنان الشخص بأن أهم المعطيات المطلوبة لإلغاء امتحان الثانوية العامة، هو توعية المجتمع الطلابي حول دور الامتحان (وأنه ليس إلا معياراً لمدى التحصيل العلمي) وأنه ليس الهدف من الدراسة (كما هو شائع الآن) وأن الطالب يدرس للامتحان..) فتصور معي لو ألغي الامتحان ماذا سيحصل؟!! ويظن د. الشخص أن الإجابة هي أن كل المعطيات والمتطلبات غير متوافرة لذلك.
محور آخر
وفيما يخص تهيئة الطلاب يقول د. عبدالله المانع بأن الموضوع لا يحتاج تهيئة؛ لأن الطالب مع معلمه والمفترض أن يتقبل من معلمه الاختبار أكثر من جهة أخرى كوزارة التربية والتعليم ولا يشك د. ماهر العرفج بأن إلغاء مركزية اختبارات الثانوية العامة سيسهم في تخفيف القلق النفسي المفروض على الطالب وأسرته؛ لكنها بالمقابل قد تسهم في رسم صورة مظللة لما يمتلكه من مهارات ومعرفة علمية، كما أنها قد تسهم في غياب العدالة بين الطلبة لاختلاف معايير التقييم.
ويجزم د. سليمان العنقري بأن الانعكاسات النفسية للقرار على الطالب إيجابية، وإن كانت بعض مؤسسات التعليم متخوفة من سلبيات القرار، وأهمها ضعف المخرجات، لكن ذلك التخوف سيتلاشى مع ظهور الآثار الإيجابية للقرار في السنتين الأوليتين من تطبيقه.
ويقول أ.د. حسن مختار إنه بتطبيق نظام المدارس الثانوية المطورة يكون النظام التعليمي قد هيأ الطلاب لذلك، أما باقي المدارس التي لم يطبق عليها هذا النظام فلا أعلم كم عددها في المملكة، مما يضطر الجامعات إلى أن تتعامل مع نوعين من النظام، ولعل وجود اختبار القدرات لدخول الجامعات كفيل بالتعرف على قدرة الطالب من عدمه للدراسة الجامعية؛ إضافة إلى معايير أخرى قد تطلبها الأقسام العلمية، مثل المقابلة الشخصية والاختبار العلمي؛ وهذا يجعل الجامعات على استعداد لمواجهة هذا التغيير في نظام الاختبارات فيمكن الاعتماد على نتائج الدرجات التراكمية للسنوات الثلاث التي يحصل عليها الطالب؛ بالإضافة إلى نتيجة اختبار القدرات، وعمل معادلة حسابية لدمج النتيجتين والحكم على القبول والرفض.
د. فهد أبانمي يقول هنا: فيما يتعلق بالطلاب والمدارس فإن الغموض لا يزال يعتري هذا الأمر، فهل الاختبار مناط بالمنطقة التعليمية أي أن يصبح مركزياً داخل كل منطقة تعليمية، أم أن الاختبار متروك لكل محافظة، أو لكل مركز أم أنه متروك لكل مدرسة؟ فالطالب والمدرسة لم يتم تهيئتهم لهذا الأمر، والطالب استعداده لن يتغير كثيراً فهو لا يحتاج إلا لتوضيح أهمية اختبار القياس والقدرات الذي سيتم تنفيذه قرابة أربعة مرات في السنتين الأخيرتين في الثانوية، أما المدرسة فهي التي تحتاج أن توضح لها الصورة فتبعدها عن المفاجأة، أما فيما يتعلق بالجامعات فلن يتغير الأمر كثيراً فهم سيستقبلون الطلاب في أوقات محددة، والذي يهم الجامعات تحقيق الطلاب الدرجة المقبولة في اختبار القياس والقدرات والثانوية العامة.
ملاحظات أخرى
ويلاحظ الأستاذ منصور أبو منصور بأن نظام القبول في الجامعات هو الذي سيحدد مصير الطالب وهو الذي سيرغم الطالب وولي الأمر على الحرص على جودة ونوعية التعليم. فالمشاكل التي يعاني منها المجتمع هي اعتماد معظم الجامعات على نسبة النجاح في الثانوية مما أدى إلى استنفار الطلاب وأولياء أمورهم على الحصول على التقديرات النهائية بغض النظر عن المستوى الحقيقي للطالب، ولا يشك أبو منصور بأن هذه المنظومة الإصلاحية لنظم التربية والتعليم سوف تسهم في إيجاد نوعية تعليم نوعي وهو ما نحرص عليه جميعاً.
ويرى أ.د. محمد المشيقح بأن إيجابيات النظام تتخطى سلبياته إذا ما أحسن التطبيق وتمت التهيئة المناسبة، ولعل من أهم تلك الإيجابيات كما يقول أ.د.المشيقح إن عناصر التقويم المستخدمة في هذا النظام الجديد تكون وسيلة وليست غاية، وأن تقويم تحصيل الطالب يصبح مستمراً وليس مرحلياً ينتهي مع انتهاء تلك العملية؛ بالإضافة إلى تحاشي عوامل الرهبة والقلق المرافق للاختبارات المركزية للشهادة الثانوية كل عام.
ومن جانبه لا يرى أ.د. حمدان الغامدي في إلغاء اختبار الثانوية العامة أي إيجابيات.. ما عدا توفير الجهد والمال؛ لأن تطبيق اختبارات الثانوية العامة كانت تتطلب الكثير من الجهود المادية والفنية في بلد مترامي الأطراف. أما السلبيات من وجهة نظر أ.د. الغامدي فمنها: إلغاء الحافز لدى طلبة الثانوية العامة، بل وقتل الطموح لديهم، والاستعجال في اتخاذ قرار تطبيق إلغاء اختبار الشهادة الثانوية العامة، فمن المعروف قبل اتخاذ قرار مهم مثل هذا كان يجب التمهيد له ودراسته من خلال لجان متخصصة في مجال التقويم والاختبارات من التعليم العام والتعليم العالي. وتساهل المعلمين من خلال المرحلة الثانوية في الأداء وعدم شرح المنهج بطريقة شاملة وتجاوز بعض الدروس من باب التيسير.
وسلبية المجتمع (المنزل) واتكاله على وزارة التربية والتعليم وفي منظور أ.د. عبدالرحمن بن أحمد صائغ - وبغض النظر عن الفوائد العاجلة المترتبة على تطبيق قرار لا مركزية الامتحانات الثانوية أو الآثار السلبية التي يمكن حدوثها في المستقبل المنظور - فإن الوزارة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى الكف عن إطلاق المحاولات التطويرية التي لا تمثل أولوية في سلم الإصلاح التعليمي والتركيز على حشد الجهود والطاقات وبث التوعية ونشر ثقافة العمل الإستراتيجي المنظم في الميدان التربوي، والتعليمي بكافة مستوياته.
علامات غير فارقة
د. خالد الزهراني يرى بأن إلغاء امتحان شهادة الثانوية العامة لا يشكل أي علامة فارقة على خارطة التعليم في المملكة لعدة أسباب هي:
أولاً: يلاحظ ومنذ عدة سنوات أن هناك تضخماً في النسبة المئوية التي يحصل عليها خريجو الثانوية العامة. وهذه النسبة لا تعكس المستوى الحقيقي للطالب.
ثانياً: امتحان الشهادة الثانوية عبارة عن إدارة قياس خصص لها 30% من الدرجة النهائية، ومع وجود عدة عوامل تسهم في تحقيق الأهداف المنشودة من هذا الامتحان فإن امتحان الثانوية لا تعكس المستوى الحقيقي لتحصيل الطالب؛ ولا يسهم في تحسين مستوى جودة التعليم العام.
ثالثاً: معظم الجامعات والكليات السعودية تنبهت لهذا الخلل فأصبت لا تعتمد في قبولها للطلاب على نسبة الثانوية العامة بل جعلت لها معايير خاصة حسب متطلبات القبول في الكليات المختلفة.
وبشكل عام يقول د. خالد الزهراني بأن مشكلة التعليم العام في المملكة لا تكمن في إلغاء أو إبقاء امتحان الشهادة الثانوية بل إن المشكلة تكمن في اعتماد وزارة التربية والتعليم على النظرية المركزية في التخطيط وصناعة القرار. فالنمط الإداري المعتمد على المركزية له سلبيات كثيرة تؤدي حتماً إلى فشل المؤسسات المتبنية له.
محطات أخيرة
إن إلغاء الاختبارات سيعمل على تضخيم الدرجات التي يحصل عليها بعض الطلبة كما يقول د. ماهر العرفج: وهذا بدوره سيفضي إلى ارتفاع حالة التذمر لدى الأسر، خصوصاً عندما لا يتم قبول ابنها أو ابنتها في الجامعة في ظل معدل مرتفع في مرحلة الثانوية العامة. وإذا كانت هذه الصورة صحيحة فإن الجامعات ستعمد إلى تقليل الاعتماد على الشهادة الثانوية كمعيار رئيس للقبول، أو أنها ستلجأ إلى اعتماد السنة التحضيرية لغربلة أصحاب المعدلات المبالغ فيها.
وفي تصور د. العرفج فإن المشكلة أعمق من إلغاء الاختبارات المركزية، إلى ضعف المخرج التعليمي على المستوى العام أو حتى الجامعي، وبالتالي فإن الجهود يجب أن تصب نحو تجديد المنتج، والاهتمام بالنوعية لا بالكمية.
ويؤكد د. عبدالله المانع بأن المعايير في الجامعات واضحة ومحددة في ظل وجود المركز الوطني للقياس الذي يطبق مقاييس مقننة، كاختبار القدرات الذي تنطبق فيه صفات الاختبار الجيد.
ويدعونا الأستاذ منصور أبو منصور إلى أن لا نستبق الأحداث بحيث نبدأ ثم نقوّم التجربة بإيجابياتها وسلبياتها، ومن ثم نصدر حكماً على هذا التوجه.
ويقول د. عثمان التركي بأننا قد نتوصل إلى حلول مناسبة بعد استقراء النظريات الحديثة في التربية مثل النظرية البنائية والذكائية المتعددة وغيرها التي لا تعطي وزناً كبيراً للامتحانات بصورته الحالية، بل تشجع على التقويم الحقيقي الشامل من خلال طرق عديدة - آخرها الامتحان التحريري- مثل التقييم من خلال المشاريع، دراسة الحالة، التعلم بالتصميم، التعلم بالبرمجة، سجل الإنجاز وغيرها، ومن هذا المنطلق يرى د. التركي بأن إلغاء الامتحانات بناء على هذه الخلفية النظرية "المثالية" يعتبر خطوة نحو علاج بعض مشكلات التعليم المزمنة؛ ولكن لعدم توافر المعطيات والمتطلبات الكافية لتطبيق إيجابي لقرار يجعل من إلغاء الامتحان قراراً تربوياً غير مدروس.
ومن جانبه يقول أ.د. حسن مختار بأن هذا النظام قد جاء في الوقت المناسب ونحن نعيش عصر العلوم والتقنية أن نطور أساليب تقويم الطلاب المدرسية والابتعاد عن الطرق التقليدية المتجذرة في التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.