أكدت مصادر دبلوماسية تركية أن الوفدين السوري والاسرائيلي سيلتقيان في جولة ثانية من المفاوضات غير المباشرة في اسطنبول هذا الأسبوع. وقالت المصادر إن الجانبين اتفقا قبل مغادرتهما اسطنبول على الموضوعات التي سيتم طرحها خلال جولة المفاوضات التي ستجرى بينهما في اسطنبول الأسبوع المقبل بالاضافة الى الموضوع الرئيسي وهو الانسحاب الاسرائيليي من الجولان. وأضافت المصادر أن الجانبين سيناقشان التدابير الأمنية بعد الانسحاب الاسرائيلي من الجولان وخاصة ما يتعلق بحزب الله اللبناني وحركة حماس ومكافحة الارهاب وتقسيم المياه الواردة من الجولان والعلاقات التجارية بين البلدين. وأشارت إلى أن الجانبين سيناقشان أيضا تبادل فتح ممثليات لكل منهما في البلدين حال التوصل الى اتفاق سلام وتأثير ذلك على العلاقات مع كل من إيران ولبنان والولايات المتحدة. وأوضحت المصادر الى أن المفاوضات ستسير بالطريقة نفسها التي سارت بها في الجولة الأولى هذا الأسبوع عن طريق تبادل الرسائل الخطية بين الوفدين السوري والاسرائيلي عن طريق وسيط تركي. في الوقت نفسه كشفت صحيفة "صباح" التركية، خلافا لما أعلن من قبل، عن أن الوفدين كانا يقيمان في فندق واحد في اسطنبول، لكنها أكدت أنهما لم يلتقيا وأن مستشار رئيس الوزراء التركي للشؤون الخارجية الدكتور أحمد داود أوغلو تولى نقل الرسائل الخطية بينهما. كان وزير الخارجية التركي على بابا جان أكد أن المفاوضات بين الجانبين ستستمر برعاية تركيا، وأنهما توصلا من خلال مباحثاتهما في اسطنبول الى "أرضية مشتركة" وكلا الجانبين راض عما تحقق خلال المفاوضات التي بدأت الاثنين الماضي. وأضاف بابا جان أن المفاوضات التي توقفت بين (اسرائيل) وسوريا منذ 13عاما استؤنفت بالفعل تحت اشراف تركيا مشيرا الى أن المفاوضات المباشرة التي ستجرى بين الجانبين مستقبلا تتوقف على مدى النجاح الذي سيحرزه الجانبان في المفاوضات غير المباشرة الجارية حاليا. وشدد بابا جان على أن تركيا ستبذل كل مافي وسعها من أجل تحقيق النجاح في هذه المرحلة مشيرا الى أن مضمون المفاوضات الجارية حاليا لن يكشف عنه تماشيا مع رغبة الجانبين الاسرائيلي والسوري وأن المفاوضات بينهما في المستقبل قد تجرى في مكان آخر غير اسطنبول أو تركيا. إلى ذلك أكدت سوريا أن استحقاقات السلام مع (إسرائيل) واضحة وهي الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967وذكرت صحيفة الثورة أن قضية السلام ليست بحاجة إلى اختراع إسرائيلي مثل الاستفتاء حول الجولان والتنازلات المؤلمة وغيرها من المصطلحات التي اعتاد العالم عليها منذ سنوات طويلة. وأوضحت بأن المطلوب من الطرف الاسرائيلي الذي يحتل الجولان أن يبادر فورا الى تأكيد أولى البديهيات وهي ضمانات الانسحاب من الجولان والا فان المراوغة الإسرائيلية ستظل هي السائدة في عالم السياسة والإعلام الإسرائيليين مثلما عهدهما العالم طوال سنوات المفاوضات منذ مؤتمر مدريد للسلام وحتى يومنا. وتابعت الصحيفة انه على الرغم من ان سوريا اكدت ان هذه المحادثات تأتي بعد ان أعرب الجانبان عن رغبتهما باجرائها بنية حسنة وقررا متابعة الحوار بينهما بجدية واستمرارية لتحقيق السلام الشامل وفقا لمرجعية مؤتمر مدريد للسلام الا ان حكومة اولمرت كعادتها بدأت تتلاعب بالالفاظ وتراوغ فمرة يقول رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت انه لا بد من التنازلات الصعبة والمؤلمة ومرة تقول بعض المصادر الاسرائيلية ان تل ابيب لم تقدم ضمانات بالانسحاب من الجولان. من جهة أخرى قال رئيس الوزراء ايهود اولمرت انه مصمم على مواصلة المفاوضات على كلا المسارين الفلسطيني والسوري وانه لا يعلم كم من الوقت سيبقى حتى انهاء مهام منصبه. وذكرت صحيفة "هأرتس" الاسرائيلية أمس ان اولمرت ابلغ موظفي ديوانه هذا الاسبوع انه لن يتخلى عن ادارة شوءون الدولة وتنفيذ الوعد الذي قطعه قبل الانتخابات بالخروج من حالة الجمود السياسي لانه يتوجب على اسرائيل اتخاذ قرارات صعبة. واضاف انه سيتعرض في أي حال لاتهامات بأن التقدم السياسي ما هو الا مناورة تهدف الى صرف الانظار عن التحقيق الجاري ضده بسبب تسلمه اموال بصورة غير شرعية لكنه اشار الى ان سلفه اريئيل شارون قاد عملية الانفصال عن قطاع غزة رغم خضوعه للتحقيق في قضية رشوى. على صعيد آخر أكدت مصادر دبلوماسية ل "الرياض" أن مفاوضات التسوية غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل بدأت منذ يوم الاثنين الماضي، وقالت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن اسمها أن الإعلان عن بدء المفاوضات جاء بناء على رغبة سوريا بهدف وضع المواطن السوري خاصة والعربي عامة في حقيقة ما يجري. وحسب مهدي دخل الله وزير الاعلام السوري السابق فان (إسرائيل) ليست في وارد السلام وقال في تصريحات صحفية "لا احد في سوريا ربما وفي الوطن العربي يعيش وهم ان اسرائيل تتجه نحو السلام"، و أضاف "ان السلام يحتاج على الاقل الى شرطين، الشرط الأول هو أن تكون هناك حكومة في إسرائيل قادرة على صنع السلام، والشرط الثاني هو ان يكون هناك دور أميركي أيضا قادر على الدفع باتجاه السلام، ولكن للأسف فان هذين الشرطين غير متوفرين". وكانت تركيا هددت بالانسحاب من الوساطة بين سوريا و(إسرائيل) في حال تدخل طرف ثالث. ويذهب كثير من المحللين الى انه من المبكر التعويل على الحدث بصورته الحالية، وتضع التحليلات الخطوة في إطار جس النبض ورغبة سوريا بالتهدئة مع الجانب الأميركي دون المس بحقها في استعادة أراضيها المحتلة. وفي هذا الإطار قال الكاتب والمحلل السياسي مازن بلال ان سوريا تريد تهدئة في المنطقة، لان هذه المرحلة هي في الواقع مرحلة حرجة جدا وهي مرحلة انتظار ظهور ادارة اميركية جديدة وبالتالي من الممكن ان تظهر استراتيجية أميركية جديدة، ما يعني سوريا في هذا الأمر انها تريد ان تؤسس بالفعل لحالة من الاستقرار يمكن البناء عليه. من جهته أكد النائب في مجلس الشعب خالد العبود أن التسوية بين سوريا و(إسرائيل) لن تكون إلا من أجل ما أسماه سلاما شاملا وليس تسوية ما بهدف عزل سوريا عن دورها الاقليمي. وقال "اسرائيل تحاول دائما أن تلعب على جملة متحركات على مستوى المنطقة، وتريد أن تدخل على سوريا من باب محاولة عزلها عن دورها الاقليمي والقومي، من خلال التلويح لها بإعادة الجولان، لكن السوريين يدركون أن حقهم الوطني والقومي هو في استعادة الجولان المحتل كاملة" وتابع العبود "سوريا تدرك أن لها أدوارا مهمة لا يمكن أن تفصل بينها مطلقا، وهي دورها الوطني وحقها السيادي بعودة كامل أراضيها المحتلة، ثم دورها القومي الذي مارسته وتمارسه ولن تتخلى عنه إطلاقا". من ناحية أخرى تشير تقديرات توصلت إليها القيادة الإسرائيلية مع الإعلان عن بدء محادثات بين (إسرائيل) وسوريا إلى أن احتمال التوصل إلى اتفاق مع دمشق سيكون أسرع من التوصل إلى اتفاق مع السلطة الفلسطينية. وقالت صحيفة "هآرتس" أمس الجمعة إن تقديرات القيادة الإسرائيلية تشير ايضا إلى وجود احتمال أكبر لتطبيق اتفاق إسرائيلي - سوري من تطبيق اتفاق إسرائيلي - فلسطيني. وتستند التقديرات الإسرائيلية إلى عدة عوامل من بينها أن الصراع الإسرائيلي - السوري هو صراع إقليمي فحسب وأن المطلب السوري ينحصر في استعادة هضبة الجولان.