قبل أيام من الآن انطلقت فعاليات مسابقة أفلام السعودية في الدمام، كأول مهرجان سينمائي يطلق في المملكة. وبمباركة ودعم وزارة الثقافة والإعلام، وتحت مظلة النادي الأدبي في الدمام، التي أخذت على عاتقها نقل الفيلم السعودي القصير لمراحل متقدمة، داعمة المشهد الثقافي المحلي بشكل عام، حتى ولو كانت الصورة الذهنية المرتسمة لأصحاب النوادي الأدبية أنهم كلاسيكيون، من دعاة الورق والقلم، يعتلون المنابر ويتجادلون في إشكاليات اللغة والنصوص الأدبية، لكنهم هم الذين انتصروا في النهاية للثقافة البصرية تجاه معركتها الأزلية مع بعض التقليديين. يقول مدير المسابقة والمشرف على النشاط السينمائي في النادي الأدبي بالدمام أحمد الملا "تعود جذور الفكرة إلى ما لاحظناه في النادي من تعطش سينمائي لدى الجمهور عندما كنا نعرض مساء كل أحد أفلاما عالمية ومحلية". في ذلك الوقت، أي قبل عام ونصف العام من الآن، وأثناء التشكيل الإداري الجديد للنادي الأدبي، كان الفيلم السعودي القصير يتجول في المهرجانات الخليجية المجاورة يبحث عن وطن يعرض فيه أفلامه، لذلك رأى النادي الأدبي، خاصة وأن جمعية الثقافة والفنون تشاركها نفس الهم، أن فكرة إقامة مهرجان للأفلام السعودية تبدو مجدية، فبدأ النادي بعرض الأفلام السعودية القصيرة وعقد جلسات نقاش بحضور مخرجيها في مقر النادي، حتى تطور الأمر وتحول لمهرجان، يراد منه أن يعقد سنوياً في شهر مايو. وهنا يستعيد الملا الأشخاص الذين آمنوا في البداية بضرورة إقامة مهرجان سينمائي، وعلى رأسهم وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور عبدالعزيز السبيل، الذي أبدى تشجيعاً كبيراً منذ أن كان المهرجان مجرد فكرة. وكدورة أولى للمهرجان، يرى الملا أنه من الأفضل أن نركز على الفيلم السعودي نفسه، كضيف يحتفى به، وليس بشخصيات سينمائية معينة، إلا أن هذا لم يمنع من إلقاء بعض الضوء على تجارب ملهمة كثيرة من الوطن العربي، كمصر بفيلمها الوثائقي "بين شطين ومية" أو كتجربة المخرج الإماراتي نواف الجناحي، الذي سيعرض له ثلاثة أفلام، أو حتى بتكريم أحد أكبر السينمائيين السعوديين وعرض مجموعة من أفلامه، كضيف هذه الدورة المخرج السعودي عبدالله المحيسن. وكمهرجان سينمائي حديث الولادة في بيئة لا زالت تتلعثم في اللغة السينمائية، يقول الملا عن الصعوبات والتحديات "لقد بدأ الإخوة الإماراتيون قبلنا بأعوام وبميزانية تبلغ أربعة ملايين، ونحن الآن نبدأ بمئة وثلاثين ألف ريال فقط، في مكان مخصص للنشاطات المنبرية، وليس مؤهلاً لإقامة عروض سينمائية"، إلا أن الملا يؤكد كيف أن الفكرة كبرت بسرعة شديدة بتكاتف أعضاء النادي وبالتغطيات الإعلامية التي رافقت لحظات التأسيس والإعلان، نظراً لحداثة الموضوع من جهة وجديته من الجهة الأخرى، إلى درجة أن بعض وكالات الأنباء الدولية أثار اهتمامها مثل هذا الموضوع، كالتلفزيون الروسي وصحيفة الواشنطن بوست. أما بالنسبة للمهرجانات، أو بالأحرى الفعاليات السينمائية التي يطبع عليها الطابع المهرجاني والتي تقام بين الحين والآخر، كالعروض المرئية في جدة، أو ما حدث مؤخراً في الأحساء من مسابقة للأفلام القصيرة، فيقول عنها الملا "لا يمنع أن يكون هناك الكثير من الفعاليات السينمائية في المنطقة، فوطننا يحتاج لمثل هذا الشيء، وأنا أدعو بشدة أن يكون بيننا تنسيق أفضل في الأعوام القادمة". وفي نهاية حديثنا خص أحمد الملا (ثقافة اليوم) بمفاجأة المهرجان وهي عبارة عن عرض فيلم سينمائي بعنوان "عدو الأنسان" تم تصويره لصالح شركة أرامكو من قبل فريق هوليوودي في بداية الخمسينيات الميلادية ومثل فيه، ما سيعرف لاحقاً بأول ممثل سعودي سينمائي، وهو الدكتور حسن الغانم، الذي سيتم تكريمه في المهرجان.