كيف يمكن ان نحمي مشاريعنا الاستثمارية من التعثر والفشل والتوقف.. خاصة تلك المشاريع الصغيرة التي يقوم عليها افراد.. وتقدم لها الدولة قروضاً مجزية لتساعد القائمين عليها على امكانية القيام بها والاسهام من خلالها في المشاركة في منظومة المشهد الاقتصادي في بلادنا. المشاريع الزراعية هي احد اهم المشاريع الاستثمارية في بلادنا.. لانها تعمل في مجال توفير الغذاء الذي نحتاجه.. ومن اهم هذه المشاريع - المشاريع الفردية التي تتم في المجال الغذائي.. وتقدم لها الدولة قروضاً متفاوتة تتفق مع حجم تلك الاستثمارات. ورغبة من «الرياض» في وضع النقاط على الحروف ومعرفة اسباب تعثر وتوقف بعض تلك المشاريع.. وعجز اصحابها عن تسديد القروض التي قدمت لهم من البنك الزراعي.. واهم المشاكل والعراقيل التي تواجهها هذه المشاريع كانت هذه الندوة المصغرة مع عدد من اصحاب هذه المشاريع بحضور مدير فرع البنك الزراعي في محافظة جدة المهندس عبدالعزيز حبشي والمهندس محمد علي الشهري، والمهندس عبدالرحمن الشهري من البنك الزراعي. زيادة عدد المستثمرين عن حاجة السوق يبدأ السيد محمد عطار مستثمر في مجال صيد الاسماك والروبيان تشخيص المشكلة بقوله: لقد كنت ثاني مستثمر احصل على تصريح صيد بالمراكب الكبيرة.. وقد حصلت على الترخيص عام 80 الميلادية.. وكانت وزارة الزراعية انذاك تسير وفق تقنين يحدد عدد التراخيص السنوية للمستثمرين في مجال الصيد.. بحيث لا يصدر الا ترخيصان او ثلاثة سنوياً.. ولكن فجأة اصدرت قراراً يسمح لكل الصيادين الحرفيين بأن يتحولوا الى مستثمرين في منطقة جيزان. ويضيف السيد العطار قائلاً: لا اعتراض على ان تعطى الفرصة لكل مواطن يعمل في هذا المجال ان يستفيد وان يطور امكاناته.. ولكن المشكلة ان هذه التراخيص ادت الى اغراق المجال وزيادة عدد المستثمرين بشكل لم يكن السوق مؤهلاً له.. والكثير من اولئك الصيادين كان هدفه ان يحصل على القرض دون التفكير فيما اذا كان قادراً على الاستمرار ام لا؟!. ويضيف العطار: وزارة الزراعة يجب ان يكون لديها خبراء يدرسون منطقة جيزان ويدرسون وضع الثروة السمكية.. وعلى ضوء ذلك تحدد التراخيص.. ولكن المؤسف ان شيئا من ذلك غير معمول به.. وتعطى التراخيص بشكل عشوائي اضر بالجميع.. والمستثمرون الذين دخلوا في مجال هذا الاستثمار انضحك عليهم ولم يعودوا قادرين على الوفاء بالتزاماتهم.. ويعانون العجز عن سداد ديونهم!!. 75٪ من المراكب متوقف عن العمل ويقول الأستاذ العطار في جيزان يوجد حالياً في جيزان اكثر من مائتي مركب اكثر من 75٪ منها واقفة عن العمل، والسبب التوسع في التراخيص دون دراسة. وطالب الأستاذ العطار وزارة الزراعية ان توقف منح اي تراخيص جديدة لفترة معينة حتى الاطمئنان على الثروة السمكية، وقدرة السوق على استيعاب المزيد من المستثمرين. التمديد يضر بمصالحنا الأستاذ ابراهيم القرشي مستثمر في مجال الصيد قال ان من اهم المشاكل التي تواجه الصيادين في منطقة جيزان هي تمديد فترة حظر صيد الروبيان بمنطقة جيزان لمدة خمسة شهور بدلاً من ثلاثة شهور وعشرين يوماً.. لأن هذا يضر بمصالحنا من دفع رواتب الصيادين بدون اي دخل.. كذلك عمل الصيانة اللازمة للمراكب سنويا عند توقفها.. حيث تكلفنا مبالغ طائلة وكأننا نبنيها من جديد نظرا لشدة ملوحة البحر الأحمر التي تأكل جسم المركب، وما عليها من معدات. ويضيف القرشي: ونحن امام هذه المشكلة ليس لنا الا خياران احلاهما مر.. فإما ان نعطي الصيادين اجازة طويلة لمدة خمسة اشهر سنوياً اثناء فترة حظر صيد الروبيان.. وبالتالي لا يعودوا الينا ويذهبون الى بلدان أخرى للعمل فيها.. وفي حالة عدم عودة الصيادين لن نجد من يقوم بعملهم.. وبالتالي تتوقف المراكب عن الصيد، ونصبح غير قادرين على تسديد اقساط البنك الزراعي، وغير قادرين على عمل الصيانة السنوية للمراكب ونتوقف عن النشاط.. واما ان نستمر في صيد الاسماك، وهذا ما حدث بالفعل، وقمنا باستيراد شباك خاصة من المانيا، وايرلندا، ولكن للاسف كانت خسائرنا كبيرة جداً حيث لا توجد اسماك اقتصادية في منطقة جيزان تتناسب مع المراكب الصناعية وتوقفنا عن العمل. العودة للجواز البحري للصيادين ويتحدث العطار والقرشي عن جانب آخر من المشاكل التي تواجه الاستثمار في مجال الصيد بقولهما: نأمل من المسؤولين إلغاء نظام الاقامات للصيادين، والعودة الى الجواز البحري مثل باقي بلدان العالم.. لأن عمل الصيادين في البحر بصفة مستمرة، وهم بحارة كل حياتهم في البحر، ونظام التأشيرات للصيادين يهدد عملنا بالتوقف، لصعوبة الحصول على التأشيرات، وتأخير صدورها، وتكاليفها الباهظة التي لا تتناسب مع دخل المراكب. ويضيف العطار والقرشي قائلين كما ان من المشاكل التي تواجهنا فرض تأمينات اجتماعية على الصيادين مما يكلفنا الكثير.. علماً بأن الصيادين كانوا من الفئات المستثناه من التأمينات حتى وقت قريب، وكذلك فرض رسوم ألفي ريال على كل جهازرادار وراديو مثبت على المركب الواحد.. وهذه تكاليف تزيد من الاعباء المالية علينا وتجعلنا غير قادرين على الوفاء بالكثير من التزاماتنا المالية. الكثير افلس ويقول الأستاذ العطار والقرشي الكثير من البحارة توقفوا وافلسوا ولم يعودو قادرين على الاستثمرار في العمل بسبب عدم توفير الحماية لهم.. وبسبب ارتفاع تكاليف الصيانة.. وبسبب ارتفاع تكاليف الديزل.. فالمركب التي كانت تصرف مائة ألف ريال في الوقود سنوياً اصبحت الآن تحتاج الى مليون ريال في السنة اضف اليها تكاليف بنزين السيارات التي تنقل الصيد لبيعه في جدة.. وارتفاع تكاليف قطع الغيار.. وغيرها من المشاكل التي نعاني منها والتي يجب ان يعاد النظر فيها خاصة تكاليف الوقود. ويضيف القرشي والعطار قائلين: المشكلة ان المستثمر اذا افلس وقرر ان يبيع مركبه لا يستطيع ذلك.. فالغرقان ما يقدر ان يخرج، ولا يستطيع ان ينقل المركب لشخص آخر الا بعد ان يسدد التزاماته المالية، ويسدد البنك.. رغم عدم قدرته ولو سمح له ان يبيع مركبه او ينقله لشخص آخر ربما استطاع ان يحمل هذه المشكلة.. فربما يكون العيب فيه لعدم خبرته في البحر وسوء ادارته لمركبه.. ولهذا تجد الكثير من البحارة يحجمون عن الاقدام على الاستثمار في البحر حتى لا يغرق!!. وطالب العطار والقرشي بضرورة حماية الصيادين السعوديين من الصيادين الذين يأتون من خارج المملكة.. لأن اولئك الصيادين يسببون اغراق السوق، والاضرار بالصيادين السعوديين لان تكلفة الصياد في خارج المملكة اقل من تكلفة الصياد السعودي.. ولابد من تحديد الكميات التي تستورد من خارج المملكة من السمك والروبيان لحماية صيادي المملكة. المهندس حاتم ابو الفرج مستثمر في مجال الدواجن قال: مشاريع الدواجن من المشاريع الناجحة.. ومشاكلها محدودة ومن اهمها العمالة.. وما ارجوه ان تقوم الادارات التي لها علاقة بالمشاريع الاستثمارية بتسهيل الإجراءات.. وأن تساهم في تذليل الإجراءات الروتينية التي يواجهها الآن المستثمر.. لأن كل يوم يمر على المستثمر دون أن ينهي إجراءاته ويبدأ مشروعه يعد خسارة له. وقال المهندس ابو الفرج موضحاً صورة من هذه الإجراءات التي لا مبرر لها مثلاً لو بدأت مشروعاً في بدر مثلاً فإنك تتقدم إلى فرع مديرية الزراعة في بدر ويأتي مندوب منها ليكشف على المشروع ويضع تقريره بعد ذلك يحولك إلى مديرية الزراعة في المدينةالمنورة.. والمديرية تحولك إلى وزارة الزراعة في الرياض.. والوزارة تحولك إلى مكتب العمل في الرياض لاعتماد عدد العمالة الذي تريده للمشروع.. ومكتب العمل في الرياض بدوره يحولك إلى مكتب العمل في المدينةالمنورة.. وهي إجراءات تحتاج منك فترة شهرين وربما أكثر.. فلماذا لا تذلل هذه الإجراءات.. ويصبح المستثمر قادراً على انجاز معاملته في نفس المدينة التي مشروعه فيها دون الحاجة إلى كل هذه المراجعات التي لا مبرر لها والتي قد تدفع كثيراً من المستثمرين إلى العزوف عن الاستثمار في مشروعات يحتاجها البلد والاقتصاد الوطني.. رحمة بأعصابه من تلك الإجراءات غير المنطقية، وغير المبررة في زمن اصبحت فيه وسائل التقنية متوافرة في كل جهاز حكومي، ويمكن ان تنجز معاملة اي مواطن خاصة في المجال الاستثماري خلال يوم واحد، وليس شهراً. وقال المهندس ابو الفرج: الدولة التي تقدم قروضاً بألوف الملايين.. الأولى أن تتجاوز مثل هذه الإجراءات الروتينية التي تعيق الاستثمار، وان تعطي كل وزارة كامل الصلاحيات لفروعها في المناطق لإصدار التصاريح للمشروعات حتى تشجع الاستثمار وتزيد من رغبة رجال الأعمال في الاستثمار.. ولا نعطل المستثمرين.. خاصة ونحن في زمن الحكومة الالكترونية.. وان يكون لجميع الإدارات التي لها علاقة بالاستثمار مجلس يضمها في كل منطقة.. ويكون تحت مظلة الامارة في كل منطقة.. ويجتمع هذا المجلس في وقت واحد ويدرس المشروعات الاستثمارية ويتم التصريح لها دون تعطيل، وتأخير. كثير من المستثمرين ليست لديهم خبرة المهندس عبدالعزيز حبيشي مدير فرع البنك الزراعي بمحافظة جدة أكد أن الدولة حريصة على تشجيع الاستثمار في المجال الزراعي.. والغذائي الذي يحتاجه المجتمع.. وهذا الاهتمام يتمثل في تقديم القروض لكثير من المشروعات في مجال صيد الاسماك والروبيان والمشروعات الزراعية، ومشروعات الدواجن، ومشروعات تربية وتسمين العجول والأغنام. والمشكلة التي تواجه المزارعين ومشروعات البيوت المحمية هي قلة الامطار والمياه.. بعض مشروعات البيوت المحمية في عين شمس توقفت بسبب قلة الامطار.. كما أن كثيراً من الذين انشأوا مشروعات بيوت محمية لم يكن لديهم فكرة في استثمار زراعي في مجال البيوت المحمية لابد أن يحصل على دورة تأهيلية حتى يتمكن من إدارة مشروعه بشكل علمي.. ويساهم في استمراره ونجاحه. الاستاذ إبراهيم القرشي رجل أعمال ومستثمر في المجال الزراعي أكد على أهمية أن يكون لدى المستثمر في مجال البيوت المحمية فكرة وان يحصل على دورة تأهلية في هذا المجال. وقال : إن مثل هذه الدورات التأهلية يمكن أن تقوم بها وزارة الزراعة.. أو الغرف التجارية والصناعية في المدن الكبيرة وافرع وزارة الزراعة ومديرياتها في المدن الصغيرة والمحافظات الصغيرة حتى يمكن لهذه المشروعات أن تستمر وتؤتي ثمارها.. لأن القرض وحده لا يكفي إذا لم تكن عند المستثمر دراية في إدارة البيوت المحمية، وما تحتاجه لأنه قد يتورط في مثل هذه المشروعات ويحضر أناساً غير مؤهلين لأنه لا يملك الخبرة فيضيع عليه كل شيء.. وتكون نهاية مشروعه التوقف !! المهندس عبدالعزيز حبشي مدير البنك الزراعي بجدة قال : الخبرة مهمة في المجال الاستثماري ولابد أن تكون لدى الانسان القدرة على اختيار من يحتاجهم من العمالة، والذين لديهم خبرة في هذا المجال.. كما يجب ان تعمل على حماية الانتاج الزراعي بدل ان تذهب فائدة ذلك كله للتجار في الحلقة.. فالمزارع يزرع ويتعب ويصرف كثيراً من المال، ويبذل كثيراً من الجهد وعندما يذهب بإنتاج مزرعته إلى الأسواق يبيعه بأقل الأسعار، ويأتي آخرون لم يتعبوا، ولم يصرفوا، ولم يبذلوا جهداً ليأخذوه بأبخس الاثمان.. ويبيعونه بأعلى الاسعار على المستهلك.. بينهما المزارع الذي تعب وصرف لم يأخذ شيئاً وذهب كل تعبه لهؤلاء الشريطية.. وهو يقلب كفيه اسفاً على تعبه وجهده.. وربما ادى به ذلك الى التوقف. ويؤكد المهندس الحبشي على أهمية التنظيم للإنتاج الزراعي بأن يخصص لكل منطقة زراعية معينة.. او انتاج معين، وان يحدد للمزارع قيمة صندوق الانتاج التي تضمن له الحصول على نسبة من الربح تمكنه من الاستمرار والكسب الذي يشجع غيره على الدخول في هذا المجال.. وان تحل مشكلة التسويق للمزارع، وان لا يتحرك لأناس مهمتهم اصطياد المزارع واغراقه في مصاريف مكلفة، واغراقه بالديون ليظل اسيراً لهم.. ولا يسوق إنتاجه إلا عن طريقهم وهم الذين يحددون له السعر حسب الطريقة التي تعود لهم بالكسب وللمزراع المزيد من الديون والحاجة.. وهذه المشكلات لا يمكن علاجها إلا بوجود مجلس زراعي يحفظ حقوق المزارع ويساهم في جعله يستفيد من إنتاجه، يبيعه بالشكل الذي يضمن له الربح والاستمرار في عمله.. حتى نحافظ على الاستثمار في هذا المجال المهم للمجتمع بأسره. خدمات مساندة وحماية السيد عبدالرحمن عطار قال إن الدولة قدمت كثيراً وصرفت الملايين للقروض سواء للصيادين او لأصحاب المشروعات الزراعية الأخرى فلماذا لا تكون هناك خدمات مساندة.. مثل ورش الصيانة وغيرها.. فمثلاً يجب أن تكون هناك قروض لأحد المستثمرين أو أكثر لعمل ورش لصيانة شباك الصيد والسنانير والمراكب في جيزان حتى تخفف على اصحاب المراكب معاناتهم مع صيانة ادواتهم ومراكبهم. مشكلة التسويق المهندس حاتم ابو الفرج رجل أعمال وصاحب مشروع دواجن قال : إن كثيراً من المزارعين يواجهون مشكلة حقيقية في التسويق.. فهو عندما يأتي الى الحلقة لبيع إنتاج مزرعته يضطر لبيعه بأرخص الأسعار.. بينما يأخذ العامل البنجلاديشي او غيره في الحلقة ويبيعه بأضعاف القيمة التي اشتراها من المزارع الذي تعب وصرف.. ويذهب جهده بارد مبرد إلى عامل في حلقة الخضار. وأكد المهندس أبو الفرج على ضرورة وجود سياسة تسويقية تساهم في دعم المزارع والانتاج المحلي.. وتضمن له الربح.. وتحفظ حقوقه.. وهذا لن يتحقق إلا عن طريق إنشاء شركة من المزارعين أنفسهم.. ومن الصيادين تقوم بعملية التسويق بدل ان يظل هؤلاء اسرى للشريطية والدلالين في سوق السمك او سوق الخضار. علاج مشكلة المتعثرين عن السداد المهندس محمد على الشهري قال إن كثيراً من المتعثرين عن سداد قروض البنك الزراعي هم في الغالب غير قادرين على علاج مشكلاتهم بأنفسهم.. ومعظم فشل هؤلاء ناتج عن عدم خبرتهم الكافية في إدارة مشروعاهتم.. او لاعتمادهم على عمالة غير مؤهلة.. ولهذا يجب ان يتم مساعدة هؤلاء المتعثرين بالسماح لهم بنقل مشروعاتهم إلى اشخاص قادرين على إدارتها وبيع تصاريحهم لمن يرغب في شرائها حتى يمكن لهم تسديد ما عليهم من ديون وقروض. المهندس عبدالرحمن الشهري قال يجب أن تكون العلاقة بين المستثمر ووزارة الزراعة أكثر ارتباطاً، وان تكون هناك حلقة وصل بين المستثمرين ووزارة الزراعة حتى تستطيع الوزارة ان تكون أكثر قرباً من المستثمرين وان لا يتوقف دور وزارة الزراعة على تقديم القروض.. وإنما يجب أن يستفيد المقترض من الوزارة في كثير من الأمور التي يمكن أن تساعده في إدارة مشروعه بالشكل الذي يضمن له الاستمرار.