شاب في العقد الثالث من العمر مصاباً بداء السكري المزمن يشتكي من عدم حصول أي قذف اثناء بلوغ النشوة الجنسية مما سبب له عدم القدرة على الاخصاب ودفعه إلى براثن اليأس والقنوط. عولج بعدة عقاقير بدون جدوى ونصح بالخضوع إلى رشف الحيوانات المنوية من الخصية وتلقيحها في البويضات للحصول على الحمل الذي رفضه وأصر على علاج دوائي يحل مشكلته. هذا مثال نموذجي للآلاف من المرضى الذين يشكون من فشل القذف أو انقطاعه الجزئي أو التام Ejaculatory incompetence رغم حصول انتصاب جيد وبلوغ النشوة. وفي بعض الحالات يمكن لبعض المصابين بتلك الحالة ان يقذفوا بسهولة حين يلجأون إلى الاستنماء أو ممارسة الجنس مع امرأة اخرى أو عندما تتغير الظروف بشكل ملائم. فما هي اسباب تلك الحالة المنغصة وكيف يتم تشخيصها وما افضل السبل في معالجتها؟ لانقطاع القذف أسباب عديدة منها ما هو نفسي المنشأ ومنها ما يعود إلى تناول بعض العقاقير التي تؤثر على عملية القذف كبعض مضادات الاكتئاب وفرط الضغط الدموي ومحصرات ألفا واحد للجهاز العصبي الودي لمعالجة أعراض تضخم البروستاتا الحميد ومنها ما يعود إلى حصول القذف الرجوعي إلى المثانة نتيجة عدم اغلاقها أثناء القذف نتيجة الاصابة بداء السكري أو قطع أو شق سابق لعنق المثانة أو استئصال العقد اللمفية المجاورة للأسهر أو استئصال ام الدم الابرهية. وتشتمل الاسباب الأخرى للقذف الرجوعي على بعض الاضطرابات العصبية أو قطع الاعصاب الودية خلال الجراحة أو الرضوض. واما في باقي الحالات حين لا يحصل أي قذف رجوعي للسائل المنوي فقد يعود انعدام القذف إلى نقص في انتاج السائل المنوي من قبل الحويصلات المنوية والبروستاتا أو نتيجة شذوذات خلقية في الأبهر والحويصلات المنوية أو عوز نخامي أو خصيوي يؤدي إلى نقص في مستوى الهرمون الملوتن أو هرمون الذكورة أي التستوستيرون في الدم. وهناك سبب رئيسي آخر هو انسداد القنوات الدافقة التي تمر عبر البروستاتا بكيسات خلقية أو بسبب عدوى بولية تناسلية مزمنة كالسل أو داء المنشقات أو بحصيات بروستاتية على سبيل المثال. ومن العوامل العضوية الأخرى خلل في نشاط الجهاز العصبي الودي نتيجة اصابة النخاع الشوكي أو امراض عصبية اخرى مما يثبط تقلص الأسهر والحويصلات المنوية لإنتاج السائل المنوي والاستئصال الجراحي للبروستاتا والقولون أو المستقيم والادمان على الكحول والمخدرات ونادراً نقص في إفراز الغدة الدرقية وأسباب أخرى خلقية أو مكتسبة. النفسية والسلوكية وأما العوامل النفسية والسلوكية وعوامل العلاقات البيئية التي قد تثبط القذف فإنها تشمل الاعتقادات الخاطئة والخوف من الحمل وهيمنة الشذوذ والاحداث السابقة ونبذ المهبل. كما أن الأوهام ونقص التثقيف الجنسي والاستياء من الزوجة والرغبة في الانتقام منها قد تسبب احياناً تخاذلاً جزئياً أو كاملاً في القذف. ومن أبرز الأسباب أيضاً ممارسة العادة السرية بطريقة عشوائية ومتكررة واجبارية. ويشمل التشخيص على مقابلة المريض واستنطافه حول حالته ومدتها وشدتها وتأثيرها عليه وعلى زوجته وحول تاريخه الطبي ونوع العقاقير التي يستعملها. ومن ثم يجري الطبيب فحصاً سريرياً دقيقاً مع جس الأسهر والحويصلات المنوية والبروستاتا والأعضاء التناسلية. ومن أبرز التحاليل التي تساعد على كشف أسباب تخاذل القذف وتفريق القذف الرجوعي مع الغياب الكامل له القيام بتحليل البول بعد الاستمناء أو المجانسة للتحري عن وجود حيوانات منوية ومادة الفروكتروز (المفروزة من الحويصلات المنوية) فيه مما يثبت حصول القذف الرجوعي والقيام بتحليل معدل الهرمونات النخامية وهرمون الذكورة أي التستوستيرون في الدم واجراء الاشعة فوق الصوتية على البروستاتا لاستثناء وجود انسداد في القنوات الدافقة مع توسع الحويصلات المنوية. وقد يجري الطبيب تحاليل اضافية حسب نتائج الفحص السريري كالاشعة فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي على الحويصلات المنوية أو رشفها بالابرة لاثبات وجود حيوانات منوية داخلة وتصويرها اشعاعياً للاستثناء وجود انسداد في القنوات الدافقة. ونادراً وفي حال الاشتباه بوجود انسداد في الاسهرين يمكن ادخال ابرة فيهما وزرق صبغة داخلهما وتصويرهما اشعاعياً. العلاج يتم العلاج حسب السبب المشخص ويشمل استعمال بعض العقاقير المحاكية الودي التي قد تساعد على اغلاق عنق المثانة اثناء القذف ومنع القذف الرجوعي وابرزها الايميبرامين والميدودرين والديسرامين وبرونفينيرامين مع نتائج معتدلة والتوقف عن تناول بعض العقاقير المسببة لتخاذل القذف والامتناع عن ممارسة العادة السرية العشوائية حتى لو استدعى ذلك استشارة اخصائي في الأمراض النفسية. كما ان المعالجة الجنسية والنفسية يمكن ان تساعد على ازالة المثبطات النفسية التي تؤخر القذف ويقوم ذلك على التثقيف الجنسي لوضع حد للأوهام وتفريج القلق والخوف والتخلص من التوجس من إيذاء الشريكة. وتشتمل التدابير الاخرى تعليم الرجل كيفية التركيز على الأحاسيس غير الجنسية اثناء المجامعة واستعمال بعض الأدوية كاليوهنبين والمنشطات الجنسية في حال وجود تخاذل جزئي أو كامل في القذف نتيجة تشنج عضلات القنوات الدافقة أو انغلاقها بسبب المعالجة الاشعاعية على البروستاتا ومحاولة استعمال بعض العقاقير المحاكية الودي كالميدودرين مثلاً لزيادة تقلصات عضلات الحويصلات المنوية والبروستاتا لفرز السائل المنوي ولكن بنجاح منخفض في معظم تلك الحالات. واما في حال تشخيص انسداد القنوات الدافقة التي تمر عبر البروستاتا بسبب وجود كيسة بروستاتية تعصرهما فيمكن شق الكيسة بواسطة منظار القطع مع نتائج جيدة بالنسبة إلى استرجاع القذف بنسبة حوالي 60% والتوصل إلى الإخصاب والحمل بمعدل حوالي 30%. واما اذا ما كان سبب تخاذل القذف أمراض عصبية كاصابة النخاع الشوكي أو التصلب المتعدد فيمكن استعمال الهزاز على خشفة العضو التناسلي أو اللجام أو ادخال رجاج في المستقيم لحث البروستاتا والحويصلات المنوية على افراز السائل المنوي مع نجاح مرتفع في معظم الحالات والقيام بتلقيح الحيوانات المنوية في البويضات لبلوغ الحمل. وفي حالات مختارة من القذف المتأخر مع احياناً غياب النشوة ونقص في الرغبة الجنسية ناجم عن استعمال بعض مضادات الاكتئاب من فئة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية فقد يؤدي استبدالها بعقار ألبوبروبيون أو البوسبيرون أو الافتادين أو السيبروهبتادين إلى نتائج جيدة مع استرجاع قدرة القذف اثناء النشوة الجنسية.