أسس مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض برنامجاً لدراسة حالات الموت الفجائي في المملكة يتم من خلاله إجراء الدراسات والبحوث الجينية للعائلات التي حدثت لديهم وفيات من هذا النوع في الوقت الذي يستعد المستشفى إلى إطلاق دراسات ميدانية بالتعاون مع عدد من المؤسسات الصحية لتحديد حجم المشكلة في مختلف مناطق البلاد. وأوضح المشرف العام التنفيذي الدكتور قاسم القصبي أن المستشفى يسعى من خلال هذا البرنامج إلى دراسة حالات الموت الفجائي في المجتمع السعودي لرصد معدل هذه الوفيات وأسبابها وفعالية الإسعافات الأولية لمعالجة السكتة القلبية حال حدوثها إضافة إلى معرفة الأشخاص المعرضين للموت الفجائي قبل حدوثه لخفض أو إزالة هذا الخطر بإذن الله. وقال الدكتور القصبي إلى أن حدوث الموت الفجائي مع عدم وجود الإحصاءات العلمية لمعرفة معدل انتشاره وأسبابه في المجتمع جعل الضرورة ملحة لعمل دراسات من هذا النوع، مشيراً إلى أن أطباء وباحثين في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث يعكفون بالتعاون مع نظرائهم في جامعة الملك سعود ووزارة الصحة على تعميم هذه الدراسة ونقلها إلى مشروع وطني يدرس المشكلة على المستوى البيئي ويعنى بتدريب العاملين بالمجال الصحي للتعرف على هذه الحالات قبل فوات الأوان ونشر الوعي في المجتمع بشكل عام. من جهته أوضح رئيس فريق الدراسة استشاري كهربائية القلب بمستشفى الملك فيصل التخصصي الدكتور ماجد الفياض أن الموت الفجائي - أو ما يعرف بالسكتة القلبية - يعرف طبياً بأنه الموت في غضون 60دقيقة من بداية ظهور الأعراض دون وجود مسبب واضح للوفاة. وأشار إلى أن جلطات القلب الناجمة عن إنسداد الشرايين تعد العامل الأكثر شيوعاً لحدوث حالات الموت الفجائي وتحدث لمن تجاوزوا سن الأربعين في معظم الأحيان في حين أن نحو 25% من الحالات يكون لها أسباب أخرى بيد أنها تحدث لمن هم دون سن الأربعين مايجعل صدمة مثل هذا الحدث اكبر وأشد تأثيراً. وبين الدكتور الفياض إلى أن البرنامج سيشتمل على دراسة ميدانية لمدة ثلاثة أعوام بهدف معرفة أسباب الظاهرة ومعدل حدوثها في المجتمع إلى جانب دراسة الجينات المسببة للأمراض التي ينتج عنها الموت الفجائي. وأضاف أن فريق البحث ممثلاً بالدكتور عبد العزيز بن سعيد رئيس قسم طب العائلة بجامعة الملك سعود أجرى دراسة مبدئية لحالات الموت الفجائي في مدينة الرياض تبين أن معدل حدوثها يصل إلى 6% مما يشير إلى ارتفاع معدل حدوث هذه الوفيات في المجتمع الأمر الذي يستلزم القيام بدراسة مفصلة ودقيقة لافتاً إلى أن الفريق البحثي اختار منطقة القصيم لعمل الدراسة الميدانية المقبلة بالتعاون مع وزارة الصحة ممثلة بالشئون الصحية في المنطقة. على ذات الصعيد يعكف الباحثون في مركز الأبحاث التابع لمستشفى الملك فيصل التخصصي بدراسة الجينات المسببة لأمراض القلب وبالذات حالات الموت الفجائي حيث سيتم دراسة العائلات التي يكثر فيها حالات الموت الفجائي لمعرفة حقيقة الخلل الجيني عن طريق أخذ تحاليل لجميع أفراد العائلة. وقال الدكتور الفياض "أن من الثابت علمياً أن الجينات الحاملة للصبغات الوراثية تحمل في طياتها الكثير من أسرار الأمراض الشائعة بيننا ومن المسلم به أيضاً أن هذه الجينات تختلف من مجتمع إلى آخر ومن المهم أن نبحث في الخصائص الوراثية الخاصة بمجتمعنا". وبين الدكتور الفياض أن مركز الأبحاث في المستشفى التخصصي قام خلال الفترة الماضية بدراسة عدد من العائلات السعودية وتم تشخيص ومعرفة الخلل الجيني المسبب للمرض وتبين أن بعض هذه الجينات تكتشف لأول مرة. وأوضح أنه تم تشخيص عائلات سعودية بمتلازمة (بروقادا) التي وصفت لأول مرة عام 1992م من قبل الأخوة بروقادا في اسبانيا، وهي عبارة عن خلل جيني جزيئي يتم توريثه في العائلة وينتج عنه اضطراب في القنوات الكهربية القلبية الناقلة للصوديوم مما يسبب الموت الفجائي بسبب الرجفان البطيني. وأضاف إلى أن مايزيد تعقيد متلازمة بروقادا أن المصابين بالمتلازمة يعيشون حياة طبيعة دونما أية أعراض، في معظم الأحوال، إلى أن يحدث الرجفان البطيني ثم الوفاة التي غالباً ما تكون أثناء النوم أو في أوقات الراحة. وأشار إلى أن علاج هذه الحالات يتم عبر زرع جهاز صدمات القلب الكهربائي للأفراد المحتمل تعرضهم للموت الفجائي حيث يمكن أن يحول ذلك دون حدوث الوفاة لهذا السبب، بإذن الله، بنسبة تتجاوز 90%. وبين الدكتور الفياض أن تشخيص الحالات يتم عبر وسائل عدة من أهمها دراسة الجينات وتأكيد وجود الجين المسؤول عن المرض من عدمه لافتاً إلى أن مثل هذا التحليل الجيني معقد ومتطور ولايتوافر سوى في مراكز معدودة حول العالم ومن ضمنها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض.