بيع الاراضي، ظل حتى وقت قريب، من الأعمال غير المحمودة بالنسبة للقرويين، حتى لو كان المشتري من ذات القرية، وكان البائع على الدوام ينال نصيبه من "القدح". لكن الأمور تبدلت في الآونة الأخيرة وبات مألوفا ان يأتي مشتر من "مكان بعيد" ليستملك في قرية لا ناقة له فيها ولا قريب. حالات بيع عديدة سجلت في قرى شمال رام الله خلال السنوات القليلة الماضية، بحيث ياتي مواطن فلسطيني من محافظة قريبة او بعيدة، ويدفع مبلغا من المال، لقاء مساحة من الأرض في قرية ما ويصبح مالكا دون الكثير من التفصيل. لكن هذه الظاهرة انتشرت مثل العدوى، وسجلت في الآونة الأخيرة ارقاما غير مسبوقة، وصلت الى مئات الصفقات في قرى شمال رام الله وحدها، كما قال احد العاملين في دائرة تسجيل الأراضي في رام الله. وفي قرية ذات امتدادات شاسعة مثل بيت ريما سجل ما يزيد عن 30صفقة بيع. مكاتب عقارية وتجار مندفعون الى ابعد الحدود، و"سماسرة" كثر يجوبون القرى بحثا عن اراض للبيع في القرى، دون الالتفات الى وعورتها او بعدها. "ش، ف" من منطقة بني زيد الغربية، سمى نفسه "دليلا" وليس "سمسارا" - لأن الكلمة ارتبطت بتسريب الأراضي لليهود- كان من الأوائل الذي امتهنوا البحث عن اراض لصالح تجار اخرين. لكنه اضطر للتوقف عن هذا العمل نظرا للاشكالات الكثيرة صادفته لكون الأراضي في القرى لا تزال غير "مطوبة" وذات ملكيات جماعية. واشار الى خلافات عديدة نشبت بين القرويين لا سيما الأقارب نتيجة رغبة احدهم في البيع ومعارضة الآخرين لذلك. في قرية كفر عين شمال رام الله سجل الكثير من عمليات البيع لأشخاص من خارج القرية، بعضهم اقام مزرعة عليها والبعض الآخر ياتيها في كل موسم ليحرثها ويجمع محصولها من الزيتون ثم يغادر... كما يقول داود ابو خرما ابن القرية وعضو في مجلس الزيت الفلسطيني. واضاف: هناك شخص من احدى القرى المجاورة مستعد لشراء اية قطعة ارض معروضة للبيع في القرية بما في ذلك الأرض البور. وكل الدلائل تشير الى ان هذا الشخص يقف خلفه احد المستثمرين.ابو خرما لا يعارض بيع الأرض لأشخاص معروفين من المنطقة او خارجها، خاصة اذا كانوا من المستثمرين، لكن البيع ل"غرباء غير معروفين"، يثير لديه مخاوف، خاصة انه كان له دور في احباط صفقة لتسريب اراض لاسرائيليين خلال الانتفاضة الأولى. ويلفت ابو خرما وهو، الى حساسية موضوع بيع الأراضي، طالما ان اسرائيل لا تزال حاضرة في الصورة. من اجل هذا وعندما كنت على راس المجلس القروي في العام 1997، اعتمدنا الية خاصة لاتمام عملية البيع للأشخاص من خارج المنطقة، في محاولة للتأكد من انهم ليسوا سماسرة للاسرائيليين. واضاف: اشترطنا ان يحصل كل مشتر من الخارج على توقيع المجلس والا تعتبر عملية البيع غير مكتملة. وبدوره كان المجلس يطلب من هذا الشخص احضار براءة ذمة من قبل جهاز المخابرات الفلسطينية باعتباره جهة الاختصاص الأمنية، اضافة الى اخذ تعهدات.