من أصعب الأمور التي قد تواجه شخصا في حياته التشكيك بأمانته وذمته من اي شخص كان.. وكيف الحال اذا كان هذا التشكيك بشخص ذي شهرة ويطاله التشكيك من هنا وهناك ويعلن على شاشة الفضائيات وعلى صفحات الجرائد ويقرأه القاصي والداني. وهذا حال الحكام فلم اجد حكما طوال تاريخه لم يطاله التشكيك، والتخوين، ليس على المستوى المحلي فحسب بل في كل اصقاع الأرض. لا أحد يطاله الهجوم كما يطال رجال التحكيم وكثيرا ما يتهم بادارة المباريات حسب ميوله.. ومنذ ان عرفنا كرة القدم وميول الحكام الشخصية مثار التداول فذلك يقسم انه هلالي والآخر بالطلاق يحلف انه نصراوي والآخر كان جاره ويعرف ميوله الاتحادية هو وكل عائلته وحمولته.. لا يوجد منتم للوسط الرياضي بدون ميول.. وحتى وإن كانت الواسطة لعبت دورها في دعم الحكام يوما من الايام كما يقال الا اننا كمجتمع نقي نربأ بأخلاقيات حكامنا.. لا احد ينكر ان عينات (شاذة) من الحكام وصلت للقمة وتلاعبت بنتائج مباريات الا انها من مدرسة أزمنة غابرة ولا يمكن ان تعمم أخطاء فردية على الحكام وكل اللجان.. وكما ان الحكم يتخذ عشرات القرارات خلال تسعين دقيقة فالخطأ وارد وليس هذا بيت القصيد. الموسم الرياضي الحالي انتهى وحمل كما يحمل كل موسم اخطاءً أثارت الجدل اعلاميا وجماهيريا وستتوالى هذه الأخطاء.. وبرأيي أن مشكلة الحكام ليست الميول ولكن في اختيار الحكم و(صناعتهم) وتطويرهم.. وفي كيفية التعامل معهم وتهيئتهم للتعامل مع مسؤولي الأندية ووسائل الاعلام.. الاستعانة بالحكم الأجنبي كانت من الضرورات وقدرة الحكم الأجنبي على التعامل مع احداث المباريات بطريقة مختلفة تكسبه الاحترام من الجميع وعلى سبيل المثال في مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين قوبلت قرارات حكم مباراة الهلال والوحدة برفض تام من الجماهير وخاصة الوحداوية بالرغم ان الحكم احتسب ركلة جزاء لفريقها.. وفي مباراة الاتحاد والهلال لم يصدر من جماهير الهلال اي فعل رغم خسارة فريقها برباعية وبعيدا عن الثقافة الجماهيرية اعتقد ان وجود الحكم الأجنبي في المباراة الثانية كان له دور كبير في احتواء مثل هذه المباريات الحساسة.. مشكلة اللجنة انها ترى بوجود الحكم الأجنبي سبيلا لتخفيف العبء على الحكم المحلي في الوقت الذي كان من المفترض استغلال وجود هؤلاء الحكام الكبار من مختلف المدارس التحكيمية في العالم لتهيئة جيل تحكيمي جديد بفكر مختلف وثقافة من نوع آخر.. اما الابقاء على الحكام الحاليين ومنحهم الثقة كل مرة وهم من اوسعوا شتما ونقدا فهذا فيه ظلم لهم واجحاف للملاعب السعودية وكلنا شاهدنا مع كل عودة لهم اخطاء نابعة من غياب الثقة ومن المفارقات الطريفة تلك الاستديوهات التحليلية والتي تبدأ تحليل اخطاء الحكام الأجانب من حكام سابقين تاريخهم يعج بالسواد والأخطاء التاريخية بل وكأنهم يظهرون للعالم ليقولوا (شوفوا اخطاء الأجنبي) نحن نعلم ان الحكم الأجنبي يخطئ ولكن اين هي من كوارث حكامنا (المساكين).. وباعتقادي ستستمر حملات التشكيك ما لم تتغير المنهجية ونرى جيلا صاعدا من الحكام لا ينكر الميول الا بالقرارات.. وكلي امل ألا تتحول ساحة التحكيم للأفضلية حسب الميول