رعى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة أمس الأول المحاضرة التي نظمتها الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة بعنوان (الإرهاب بين التغرير بالشباب وتجاوز السنة والكتاب) لفضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام وأستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس بقاعة المحاضرات الكبرى في الجامعه الاسلامية بالمدينةالمنورة. وكان في استقبال سمو أمير منطقة المدينةالمنورة لدى وصوله مقر الجامعة معالي مدير الجامعة الاسلامية بالمدينةالمنورة الدكتور محمد العقلا وعمداء الكليات وعدد من منسوبي الجامعة. وبدئ الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة بتلاوة آيات من القران الكريم ثم ألقى معالي مدير الجامعة كلمة شكر خلاها سمو الأمير عبدالعزيز بن ماجد على رعايته لهذه المحاضرة وتفضله بالحضور كما شكر فضيلة الشيخ السديس على قبول الدعوة. وأكد أن إيمان الجامعة الإسلامية بالواجب المنوط بالمؤسسات العلمية والثقافية في الاهتمام والعناية والتعاون في سبيل تحقيق دورها الرائد في نشر الإسلام بصورته الصحيحة في مختلف بقاع الأرض جعلها تحرص على تنظيم مثل هذه المحاضرات والذي تسلط الضوء فيه على فكر الإرهاب والأسس والقواعد التي يبنى عليها ومناقشة أسباب تفشي هذه الظاهرة ووسائل القضاء عليها مع تحقيق الاهداف المناطة بها والتي تشمل ترسيخ العقيدة الصحيحة وتبيين وتطبيق المنهج الصحيح المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيق الوسطية التي جعل الله أمته عليها دون إفراط أو تفريط أو غلو أو تطرف ونبذ التفرق والاختلاف وتحقيق الأمن والاستقرار للأمة والعالم أجمع ومن ذلك التصدي للأفكار الهدامة والعقول المنحرفة التي تتبنى الفكر الإرهابي الخطير القائم على التفجير والتدمير وقتل الأنفس البريئة من المسلمين والمعاهدين وغيرهم. بعد ذلك بدأت المحاضرة لفضيلة امام الحرم المكي التي أكد خلالها خطورة التكفير وأنه من العظائم والقواصم التي سقط فيها الكثير، والإرهاب داء التكفير، والإسلام منع أتباعه من تكفير شخص معين فكيف بمن يكفرون المجتمعات بأسرها، مع ولاتها وعلمائها. وأضاف "إنه ينبغي لنا أن نفرق بين المقاومة المشروعة والإرهاب وأن نعرف أخلاقيات الإسلام في الحرب الذي يمنع من قتل الطفل والمرأة والشيخ الكبير والراهب في صومعته" .. مبينا فضيلته أن من أسباب التغرير بالشباب لاعتناق هذا الفكر الضال ضعف دور الأسرة والتقصير عن أداء رسالة المدرسة والمسجد والمجتمع ككل ، والتصورات الخاطئة التي صورت للشباب عن هذا الدين ، والخلل في التربية والفراغ والبطالة ، مشيرا إلى أن الإرهاب جريمة العصر وسرطان الزمان الذي يجب أن نجتث جذوره بالفكر السليم ، والعقيدة الصحيحة ، واتباع منهج السلف الصالح. وأبان الشيخ السديس أن الإرهاب تجاوز لكتاب الله وسنة نبيه من عدة أوجه منها أنه يخالف تكريم الإسلام للإنسان ، إذ كيف يتصور عن دين يراعي حقوق الحيوان أن يهمل حقوق الإنسان، والإنسان هنا عام بغض النظر عن دينه ومعتقده ،و أن دين الإسلام يدعو حفظ الأمن وتعزيزه واستتبابه، والأمن مرتبط بالإيمان وزعزعته كأول هدف للإرهاب. ثم تحريم الإسلام للغلو والأمر بالوسطية، فالوسطية هوية امتنا بين الأمم، وهي مكمن القوة والجمال، فالشمس في وسط النهار قوية والبدر في وسط الشهر جميل، ولكن الإرهاب يقضي على الوسطية وهو قائم على الغلو. وكذلك ما جاء به الكتاب والسنة من تحريم العنف والقسوة في القول والفعل، وأمر بالرحمة والسماحة واليسر، والإرهاب يخالف ذلك تماما. وقال "الإرهاب يقدح في العلماء والرجوع إليهم مع أنهم ورثة الأنبياء والموقعون عن رب العالمين، والرجوع إليهم صمام أمان، والأخذ منهم طوق نجاح، فهم أهل الفكر والرأي والعقل والبصيرة، ما ضل من ضل إلى بإعراضهم عنهم، ولم ينشر الإرهاب إلى بالأعراض عن هؤلاء وعدم ثني الركب أمامهم، فالطعن فيهم طعن في الدين، ومن ذكرهم بغير الجميل فهم على غير السبيل، ومن تكلم فيهم فقد خسر آخرته وقد وقع في هذا فئة من الشباب المغررين". وأكد فضيلته أن الإسلام يحرم قتل المعصومين من المعاهدين والمستأمنين، وقتلهم من رذايا الإرهاب، وكذلك تحريم الخروج على ولاة الأمور، وشق عصا الطاعة، ومفارقة الجماعة، وما فارق الجماعة الا مات ميتة الجاهلية، والأدلة على ذلك في الكتاب والسنة كثيرة. وتحريم الاعتداء على الممتلكات، والتفجير والتدمير في الإرض، فالإسلام حث على تعمير الأرض وحذر عن تدميرها وهو دين إعاشة لا دين إبادة، ودين إعمار لا دين دمار. والإرهاب يمارس تلك المحرمات. وخاطب فضيلة الشيخ السديس أهل الفكر الضال قائلا "ان أهل الفكر الضال يغررون بالشباب لأنهم أمل الأمة، بهم تندفع الشرور، ولم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا شبابا، والتغرير بهم لحداثة سنهم وقلة خبرتهم في الحياة، واستغلال حماسهم وعاطفتهم الجياشة، ولكون ضعف تربيتهم الأسرية، حتى يصير نهبا لذئاب في صور بني الإنسان، ومن أجل الفراغ والبطالة، والحاجة في بعض الأحيان، يغررون بوسائل مختلفة من وسائل الإعلام لا سيما الانترنت هذا السلاح الفتاك الذي فتك بالكثير ".. لافتا فضيلته الى أن من أسباب الإرهاب الإعراض عن الشريعة، واتباع المتشابه وشذوذ الرأي، ورقة الدين وضعف الإيمان، والطعن في العلماء، ولمزهم بأنهم علماء سلطان سطحيون ملبوس عليهم، علماء فروع، مغررون، لا يفهمون الواقع، وغيرها من الافتراءات الخطيرة. وأكد ان الفهم الذي يجب أن يكون مستمدا من فهم السلف الصالح.، وأسباب اجتماعية وتربوية أخرى، وضعف دور الأسرة والتقصير عن أداء رسالة المدرسة والمسجد والمجتمع ككل، والتصورات الخاطئة التي صورت لشبابنا عن هذا الدين، والخلل في التربية، وردود الأفعال، والاندفاع الزائد لإنكار المنكر، والإرهاب المضاد لما يمارسه أعداء الإسلام ضد المسلمين، وضعف جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجود مسوخ في الأمة، واستغلال أعداء الإسلام لهم. وبين فضيلته أن من آثار الإرهاب ومضاره ، استحلال دماء الأبرياء، ونشر الفوضى، واختلال الأمن وزعزعته، وهدم المتلكات، وتغريب البيوت، والصد عن الدعوة، والتنفير عن الإسلام بتشويه صورته، وفتح الباب أما المتربصين للطعن فيه والخروج على الحكام، عارضا فضيلته الشبه التي يرددها الإرهابيون والتي منها (استباحة الخروج على الحكام بدعوى الظلم وعدم تطبيق حكم الله) وهذا لايجوز إلا بشروط منها أن ترى الكفر البواح منهم والقدرة عليه والأمن من الفتنة وغيرها من الشروط مضيفا فضيلته أنهم يعتقدون ما يفعلون جهادا مع أن الإرهاب يخالف الجهاد من عدة أوجه، يخالف في مصطلحه، وأنواعه، وغاياته، والجهاد لابد أن يقوم تحت راية شرعية، وهو أنواع، منها جهاد بالنفس والشيطان، وطلب العلم جهاد، والسعي على الأرملة والمساكين جهاد، والذكر جهاد. ولكن لا نقابل الخطأ بخطأ مثله، فلا نطالب بإلغاء الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام عن مناهجنا الدارسية وديننا دين الرحمة والسلام والخير، فينبغي أن نقدم أنموذج الرحمة للإنسانية التي ملت من الشعارات البراقة التي تحمل في طياتها السم والعنف، وأن لا نعمم الأحكام ولا نربط الإرهاب بالصالحين والمتدينين، فليس كل بيضاء شحمة، ولا كل سوداء فحمة، وأن نعرف أن من أنواع الإرهاب الفكر التي تمارس ضد الدين وقيمه وضد المرأة والشباب ومنها الإرهاب الإعلامي الذي تقذف شواظا من الرذيلة والإرهاب الصحي الذي يتمثل في نشر المخدرات وينبغي لنا أن نفرق بين المقاومة المشروعة والإرهاب وأن نعرف أخلاقيات الإسلام في الحرب الذي يمنع من قتل الطفل والمرأة والشيخ الكبير والراهب في صومعته وأنه ليس الدفاع المشروع ولا جمع الصدقات ولا السعى للأرامل والفقراء من الإرهاب في شيء، وأن نحسن الظن بشبابنا فهو على خير على العموم، وأن لا نغمض عن إرهاب الإرهاب الذي يمارسه الصهيونية في فلسطين والعراق. وختم فضيلته بذكر جملة من وسائل المعالجة لهذا الفكر الضال ومنها "التسلح بسلاح العلم الشرعي، والتلقي عن العلماء المعروفين وتربية النفس، ونشر المساواة وروح التعاون، والبعد على التفرقة والتحزبات المقيتة، وقطع وسائل المغذية للفكر الإرهابي، وعلى العلماء أن يبنوا طريق الحق للشباب، وان يصبروا عليهم، وضبط الفتاوى، وأن لا تترك الفتاوى بلا زمام وختام، والاهتمام بمقاصد الشريعة، وإرجاع المتشابهات إلى المحكمات، والجزئيات إلى الكليات، والعناية بفهم العلم على فهم سلف الأمة، ومحاربة الغلو، والإرهاب، والإرهاب المضاد، والإرهاب ضد الدين، والتلفت من الدين، وفتح قنوات الحوار والمناصحة، ، والعناية بالأمن الفكري، والوضوح والشفافية في الطرح، وتحرير المصطلحات ، وتصحيح المفاهيم المخلوطة، وعدم الخبط فيها. ورعاية النشء والشباب من جهتين وقائية وعلاجية، والتأكيد على أخلاق النبوة، وإبراز رسالة الإسلام، وترك الذنوب والمعاصي، الرفق في العلاج". بعدها اجاب فضيلته على مداخلات الحضور. ثم كرم سمو أمير منطقة المدينةالمنورة مدرسي وطلاب معهد الصم والبكم بالمدينةالمنورة كما سلم سموه هدية تذكارية لفضيلة الشيخ السديس بهذه المناسبة وايضا تسلم سموه هدية تذكارية قدمها فضيلة الشيخ السديس لسموه . حضر المحاضرة معالي نائب الرئيس العام للشؤون المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالعزيز الفالح وفضيلة رئيس محاكم منطقة المدينةالمنورة الدكتور صالح المحيميد ومعالي مدير جامعة طيبة الدكتور منصور النزهة ومدير شرطة منطقة المدينةالمنورة اللواء عوض بن سعيد السرحاني.