تُعتبر شركة فولفو السويدية واحدة من كبريات شركات صناعة السيارات والشاحنات والحافلات ومعدات البناء والحفر على مستوى العالم، كما أنها تتمتع بسمعة عالمية كبيرة في مجال إنتاج المعدات البحرية والتطبيقات الصناعية في البيئتين البحرية والجوية. ولكن بطبيعة الحال، يمكننا القول إن مجال الشهرة الأساسي لفولفو هو مجال صناعة السيارات، حيث تحظى العلامة التجارية "فولفو" بسمعة عالمية مرموقة بوصفها واحدة من أكثر ماركات السيارت تركيزاً على توفير عنصري الأمان والحماية الفائقين للركاب، كما تتمتع السيارة فولفو بسمعة طيبة بوصفها تحتل مكاناً وسطاً بين السيارات الاقتصادية والسيارات الفارهة. تأسست شركة فولفو في الرابع عشر من أبريل لعام 1927في مدينة جوتنبرج السويدية. وتعني كلمة "فولفو" باللغة السويدية: "أنا أدور"، وفي ذلك المعنى إشارة واضحة إلى اهتمام فولفو منذ يومها الأول بصناعة وسائل النقل والحركة. ومن الطريف أن فولفو قد نشأت أولاً كشركة فرعية تابعة لشركة SKF السويدية المتخصصة في إنتاج المكونات الصغرى للسيارات مثل الصواميل والمسامير، ولكن سرعان ما بدأ نجاح فولفو (الشركة التابعة) يغطي على اسم "إس كيه إف" (الشركة الأم أو المنشئة لفولفو)، إلى أن أصبحت فولفو نفسها شركة مستقلة تماماً عن "إس كيه إف"، واليوم نجد أن الأخيرة أصبحت بمثابة جزء من مؤسسة فولفو، وكأن الآية بالنسبة للعلاقة بين الشركتين قد انعكست تماماً لتصبح المالكة مملوكة والعكس بالعكس. يوم الرابع عشر من أبريل لعام 1927(يوم تأسيس شركة فولفو رسميا) هو اليوم الذي شهد إطلاق فولفو لنموذجها الأول من السيارات التجارية الصغيرة الحجم، وكان ذلك النموذج يتميز بصغر الحجم والوفرة الاقتصادية في استخدام الوقود. ولم تكن فولفو في ذلك الوقت قد قررت التخصص في إنتاج السيارات القوية ذات احتياطات ومعايير الأمان العالية، فقد كان كل همها في بداياتها هو إنتاج سيارة رخيصة الثمن تستطيع الوقوف في السوق في مواجهة العلامات التجارية الأكبر والأرسخ مثل فورد الأمريكية وستروين الفرنسية. بداية من العقد الثالث من القرن العشرين، بدأت فولفو تتجه بوضوح صوب التركيز على التمتع بالميزة التنافسية المرتبطة بالتخصص في إنتاج السيارات عالية الأمان والحماية. ولعل الدافع الرئيسي لدى (آسار جابرييلسون) مؤسس الشركة للاتجاه نحو التخصص بشركته في مجال السيارات عالية الأمان هو أن زوجته كانت قد تُوفيت في ريعان شبابها في حادث سيارة كان يمكن أن تكون الخسائر الناجمة عنه أخف لو كان باب السيارة التي كانت الزوجة من ركابها أقوى ومصفحاً. وبعد ذلك توالت نماذج سيارات فولفو عالية الأمان والقوة، وسرعان ما بدأت الشركة تتوسع أيضاً صوب إنتاج الحافلات والشاحنات ومعدات الغوص والسباحة والزوارق الصغيرة والمتوسطة الحجم، ولكن بطبيعة الحال فقد ظلت صناعة السيارات على الدوام هي المجال التنافسي الأول والأبرز للشركة. وخلال الفترة من الثلاثينيات وحتى مطلع الألفية الثالثة كان على فولفو أن تجتاز العديد من المشاكل والأزمات والتحديات، بداية من الحرب العالمية التي أصابت السوق الأوروبية والعالمية بركود حاد، مروراً بتصاعد المنافسة من ماركات سيارات أوروبية وأمريكية ويابانية متميزة مثل بيجو ورينو وأوبل وأودي وكرايسلر وتويوتا ونيسان وغيرها، ونهاية باحتداد المنافسة في عالم السيارات عالية الحماية والأمان. ولكن في كل تلك الأزمات كانت إدارة فولفو تنجح في إثبات أنها تملك حساً تجارياً سباقاً تنجح الشركة بفضله دائماً في ابتكار تقنيات وأدوات تنافس جديدة وفي تغيير أو حتى قلب مفردات معادلة التنافس في عالم سيارات الركوب شبه الفارهة وذات معايير الحماية والأمان المرتفعة. فقد كانت فولفو هي أول من اخترع نظام الوسائد الهوائية كما نعرفها اليوم، وكانت أول من اهتم بتحصين أبواب السيارة بطبقة أو طبقتين من الفولاذ لمزيد من الحماية والأمان، كما أنها كانت من أوائل الشركات التي أطلقت واستخدمت نظام الإغلاق الآلي للأبواب وخاصة الأبواب الخلفية كنوع من الحماية الإضافية للأطفال. وفي العام 1999تم بيع إدارة إنتاج السيارات بمؤسسة فولفو لشركة فورد الأمريكية في إطار صفقة عملاقة تجاوزت قيمتها الإجمالية الستة بلايين دولار. أما عن شركة فولفو الرئيسية، أو الشركة الأم، فإن تركيزها الأساسي الآن منصب على السيارات التجارية مثل الحافلات والشاحنات، ولعل ذلك هو ما دفعها إلى شراء إدارة إنتاج الحافلات بشركة رينو الفرنسية في العام 2001.ومنذ عملية الشراء تلك وكافة المؤشرات المالية وغير المالية تفيد بأن أداء الشركة في تحسن مستمر وبخاصة على الصعيد الأوروبي. وعلاوة على ذلك، وفي صفقة حديثة، فقد شهد العام الماضي 2007قيام شركة فولفو القابضة بشراء إدارة سيارات النقل الثقيل بشركة نيسان اليابانية، في صفقة أثارت اهتمام السواد الأعظم من مراقبي صناعة السيارات العالمية بنوايا فولفو التوسعية في منطقتي جنوب وشرق آسيا. وفي ضوء تلك السيرة الناجحة لفولفو منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، فإنه بوسعنا التأكيد على نقطة واحدة بالغة الأهمية مفادها أن التركيز على امتلاك ميزة تنافسية واضحة ومؤكدة مقارنة بسائر اللاعبين في سوق أو صناعة ما هو بمثابة قرار أو توجه استراتيجي عظيم الفائدة والأثر على المدى البعيد.