حذر خبير صيدلي من مغبة انتشار الأدوية المباعة من دون وصفة طبية والخلطات المغشوشة والملوثة والمجهولة المصدر والتركيب والتي تحمل إدعاءات طبية مضللة. وأكد الدكتور الصيدلي عبداللطيف بن أحمد آل غيهب وكيل كلية الصيدلة للشؤون الإدارية بجامعة الملك ان لجوء المرضى إلى طرح أعراضهم المرضية عبر وسائل الإعلام للحصول على تشخيص وعلاج في آن واحد، أكد انه تهميش لدور الطبيب والمختبرات والصيدلي وهذا ما يعد كونه أسلوباً من العلاج ضد المسيرة العلمية الحديثة والمطورة التي يشهدها علوم الطب والصيدلة والتمريض، الى نص الحوار: @ "الرياض": في البداية نود نعرف دور الصيدلي في نجاح العملية العلاجية للمرضى؟ - د. عبداللطيف: إن اقتناع وإرضاء المريض من أهم مقومات نجاح العملية العلاجية، فالرضاء يجعل المريض يتفاعل من الطبيب والصيدلي ويتبادل المعلومات ويستمع للإرشادات وبالتالي ينصب ذلك على أخذه العلاج بانتظام وحسب المعلومات، كما يؤدي ذلك إلى نجاح العملية العلاجية من أول زيارة يقوم بها المريض إلى العيادة، والعكس صحيح حيث أن عدم رضا المريض يؤدي بالمريض إلى رمي العلاج في أقرب سلة مهملات والبحث عن البديل، وقد يكون البديل مستشفى آخر أو عيادة أخرى أو علاج بدون وصفة أو خلطة عشبية غير معروفة المصدر ونهاية هذا كله معروفة للجميع حيث البحث عن سرير للتنويم في مستشفى حكومي متكامل. @ "الرياض": ما هي أهم سلبيات عدم اهتمام المريض بإرشادات استخدام الأدوية؟ - د. عبداللطيف: أصبح سوء استخدام الأدوية وعدم إتباع الإرشادات أو عدم توفر الأدوية أحد الأسباب المهمة المؤدية إلى ارتفاع معدل التنويم لدينا في المملكة، حيث تتبع بعض إدارات المستشفيات سياسة توفير أصناف الأدوية للمنومين فقط، حيث ينوّم المريض ويوفر له جميع الأدوية لفترة تنويمه وتتحسن حالته ويُسمح له بالخروج ويُعطى وصفات لإكمال العلاج في المنزل ويُفاجأ بعدم توفيرها لغير المنومين فيذهب المريض يمنةً ويسرة للبحث حيث يُؤخذ من الوقت والجهد فقد لا يجدهما ويُحرم منها فيدخل في تعقيدات مرضية يحتاج بعدها إلى إعادة تنويمه مرة أخرى، وهناك يحاول البحث عن سرير وهذا يؤدي إلى إهدار كبير لوقت الطبيب وإمكانيات المستشفى، وقد ينجرف المريض للبحث عن بدائل كخلطات عشبية أو طرح حالته المرضية في وسائل الإعلام وحصوله على تشخيص وعلاج خلال ثوان ضارباً بالأعراف العلمية والدساتير الطبية عرض الحائط والمتضرر هو المريض والخاسر هو المريض والنتيجة إهدار للمال العام وتدني إنتاجية المجتمع. @ "الرياض": إذن ما هو المطلوب لتفادي ذلك في نظرك؟ - د. عبداللطيف: أرى أن القائمين على القطاعات الصحية لدينا حكوميةً كانت أو خاصة ما زالوا يغفلون عامل رضا واقتناع المريض بالخدمة الصحية المقدمة، فهذا العامل يجعل المريض يلتصق أكثر وأكثر بهذه المنشأة الصحية التي يُعالج بها ولا يبحث عن أي بديل فيتابع ويستمع ويتبع الإرشادات فهذا النمط من التوجيه يؤدي إلى تحسن حالة المريض ويحفظ الوقت والجهد على الطبيب المعالج ويوفر الوقت والعلاج الكافي للرعاية الصيدلانية المقدمة للمريض وبدون تذمر أو تأخير. @ "الرياض": هذا ما يجعلنا نتساءل عن وجود الصيدلي ودوره في العملية العلاجية؟ - د. عبداللطيف: صمام أمان العملية العلاجية هو دور الصيدلي المفقود والمعلق حتى إشعار آخر رغم التطور الذي تشهده المملكة في كافة الأصعدة خاصة الطبية والصحية وزيادة حجم الاستثمارات فيه وميزانيات لتوفير الأدوية وصلت إلى أرقام فلكية. مازال الصيدلي محجوباً عنه القيام بدوره والخلط بينه وبين فني الصيدلة حتى من منسوبي المهن الصحية ومن ذوي الألقاب العلمية والأكاديمية العالية وأقصي عن كثير من الأمور التي تهم الصيدلة والدواء وإعطاء إطار محدود يتحرك فيه حتى إبداعاته وتميزه ليس له مردود لا وظيفياً ولا اجتماعياً مما تسببه له من إخفاقات وإحباطات نفسية تجعله ينزوي ويختفي عن الأنظار ويترك الساحة لغير ممتهني مهنة الصيدلة ليتاجروا بها. فالصيدلي له دور ملموس وحساس في تصنيع الأدوية، فهو الشخص المؤهل ليشرف على الإنتاج والجودة النوعية وإطلاق الصنف والتخزين المناسب والتسويق لما بعد الإنتاج وتحضير المحاليل الوريدية لإعطائها لمرضى الأمراض الخطيرة والمسؤول عنه تقديم المشورة العلمية الدوائية من خلال مراكز معلومات الأدوية والسموم وكذلك ضمن خدمات الصيدلة الإكلينيكية والرعاية الصيدلية مع الفريق الطبي المتابع للمريض، وتقديم الخدمات الصيدلية من صرف العلاج المناسب عبر الوصفة الطبية من الطبيب المعالج مع تقديم التعليم والتثقيف الدوائي لكل المرضى. فالملاحظ أن الصيدلي هو آخر شخص يقابله المريض قبل بدء تناول العلاج وأي خطأ يسببه الصيدلي يؤدي إلى ضرر أو وفاة ويذهب مجهود الطبيب وما قدمه المستشفى هباء. @ "الرياض": وماذا ترى عن استمرارية صرف الأدوية بدون وصفة طبية؟ - د. عبداللطيف: صرف العلاجات المختلفة بدون وصفة طبية أصبحت كارثة على المرضى وإهداراً للمال العام وعبئاً إضافياً على المستشفيات الحكومية ومستشفيات القطاع العام لترقيع ما يسببه سوء الممارسة للقطاعات الصحية الأخرى ومنها الصيدليات الأهلية ومحلات العطارة وبيع الأعشاب. @ "الرياض": يتضح من حديثكم عن الأهمية القصوى لدور الصيدلي فكيف تجد مكانة الصيدلي في الوقت الحاضر؟ - د. عبداللطيف: آن الأوان لنفض الغبار عن مهنة الصيدلة وإخراجها من الرف وتفعيل دور الصيادلة وإحداث الوظائف الخاصة بمهنة الصيدلة في القطاعات التي لها علاقة بالدواء، ومثالاً على ذلك: 1- بدءاً بمؤسسة الجمارك التي تتحكم بالمنافذ البرية والبحرية والجوية لمنع تسرب الأدوية ودخول الأصناف المخالفة سواء بكميات قليلة أو كثيرة حيث يُشترط وجود ممثل لوزارة الإعلام في كل منفذ بينما لا يوفَر صيدلي وهذا أدى إلى إغراق الأسواق ببعض الأصناف من الأدوية المغشوشة والمقلدة والمحرمة دولياً. 2- توفير وظائف للصيادلة بهيئة المواصفات والمقاييس. 3- إنشاء مركز لمعلومات الأدوية والسموم تغطي كل محافظة من مناطق المملكة، وإلغاء التكرار في نفس المنطقة أو المحافظة وتوفير العدد الكافي من الصيادلة للقيام بنشاط هذه المراكز. 4- دعم أقسام مشتريات الأدوية بالقطاعات الصحية بمزيد من وظائف الصيادلة وتوفير الإمكانيات الفنية لكل من عملية اختيار وشراء الأصناف المناسبة من الأدوية ذات الفعالية وبأسعار تنافسية والإشراف على التخزين الجيد. 5- تطبيق مبدأ الرعاية الصيدلانية المطبق عالمياً في الدول المتقدمة في مجال الصيدلة والدواء كالولاياتالمتحدةالأمريكية بتوفير وظائف للصيادلة والإمكانات الفنية كتوفير غرف ذات خصوصية مشابهة لعيادات الأطباء ويتم صرف العلاج بطريقة مرتبة كما هو حاصل بعيادات الأطباء، وتعميم هذا المبدأ على جميع القطاعات الصحية الحكومية والخاصة، وتوفير وظائف للصيادلة للقيام بهذا الدور. 6- توفير وظائف للصيادلة لعملية المراقبة على تخزين وتوزيع وصرف العلاجات خاصة من القطاع الخاص كالصيدليات الأهلية والمستودعات، وتطبيق مبدأ عدم صرف علاج بدون إذن ووصفة طبية من طبيب ممارس وهذا نقص في مادة نظام مزاولة مهنة الصيدلة، ونتيجة لضعف المراقبة أدى إلى تكدس الصيدليات الأهلية وسهّل الدخول لها وأخذ ما يريد المريض مما له الضرر الكبير. @ "الرياض": من خلال خبرتكم العلمية والعملية الطويلة أين تجد الحل في تلافي سلبيات صرف الأدوية بدون وصفة طبية؟ - د. عبداللطيف: أرى أنه لا بد من الاستنارة برأي الصيادلة المتخصصين والممارسين بإخراج تصميم موحد للوصفة الطبية تطبق على جميع مقدمي هذه الخدمة من قطاعات صحية حكومية أو خاصة ولا تُترك لمسؤولي المشتريات أو مدراء المستشفيات. فطرح فكرة الوصفة الإلكترونية أصبحت الآن ملحة وملزمة لجميع القطاعات أسوة بما حصل في خدمات المختبرات التحليلية ومواعيد العيادات والتقارير الطبية والمشتريات، فتفعيل مبدأ عدم صرف أدوية إلا بوصفة طبية وتشديد الرقابة التطبيقية هذا المبدأ الذي يعرفه كل طبيب حصل على شهادته من داخل أو خارج المملكة يحفظ حقوق المريض والطبيب والصيدلي والمستثمر، لكن إبقاء الوضع الحالي كما هو عليه إهدار دوائي أو تلوث بيئي وعلى مدار الساعة سموم تباع هنا وهناك أضرار مختلفة وحالات إسعافية نتيجة لذلك، وللأسف وفيات لا يعرف حقيقة سببها. فالإحصائيات في الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي يُشهد لها بالصرامة في النظام الصحي تشير إلى ارتفاع عدد الوفيات سنوياً إلى 500000شخص نتيجة لسوء استخدام الأدوية فما بالك بنا نحن. @ "الرياض": هل تخفيض أسعار الأدوية قد يحل مشكلة عدم توفر الدواء؟ - د. عبداللطيف: حتى تخفيض أسعار الأدوية والذي أصدرته وزارة الصحة مؤخراً لن يحل مشكلة عدم توفر الأدوية، حيث إن تخفيض الأسعار سيؤدي إلى تسرب الأدوية وبكميات لفئة من الناس بينما يُحرم منها الآخرون. @ "الرياض": في النهاية ماذا يجب على المسؤولين عمله لتحسين الخدمات الصيدلانية وزيادة تأثيرها الإيجابي على خدمة المريض؟ - د. عبداللطيف: على القائمين على القطاعات الصحية وعلى رأسهم وزارة الصحة رفع شعار "لا دواء بدون وصفة" وهي إحدى المواد التي تضمنتها اللائحة التنفيذية لنظام مزاولة مهنة الصيدلة، فهو الحل المقبول لكل العاملين بالقطاعات الصحية والمقبول للمرضى والمستثمرين وتطبيق مبدأ لا ضرر ولا ضِرار، إن تفعيل دور الصيادلة كما يقول المثل "أعطي الخبز خبازه" هو الحلقة المفقودة منذ عقود وبدأت الآن تتضح جلياً، كما إن إيجاد هذه الحلقة وربطها مع المنظومة الصحية بات ملحاً جداً حفاظاً على أرواح الناس ووضع اليد على الجرح وإيقاف نزيف بيع والحصول على السموم بدون وجه حق. @ "الرياض": كيف يتم توحيد تصنيف عملية صرف الادوية؟ - د. عبداللطيف: لا بد من تفعيل دور الصيدلي واستشارة الممارسين المتخصصين منهم لتنظيم وتوحيد وتصنيف عملية صرف الأدوية ورفع شعار "لا دواء بدون وصفة"، وإلزام جميع العاملين في القطاعات الصحية حكومية أو أهلية أو خاصة بذلك الشعار، وتشديد الرقابة ووضع العقوبات المناسبة لذلك.