لا أعرف سبب برود معظم الأعمال الخليجية رغم ما يتوفر لها من إمكانيات مادية ودعاية كبيرة ربما تفوق جاراتها العربية القريبة منها ومع ذلك نرى اختلافاً كبيراً بين هذه وهؤلاء خصوصاً السوريين منهم. في هذه الفترة كان الوسط الدرامي يترقب بشوق مسلسل طال انتظاره وكثر الحديث عنه، وما يدور حوله، حتى ظننا أنه لن يعرض بسبب كثرة المشاكل التي حيكت حوله؛ إنه مسلسل محسن الهزاني الذي وصف بأنه أول مسلسل يتحدث عن شخصية سعودية تاريخية! ولو أن في هذا الكلام نظر، وهو ليس محور حديثي؛ إنما سأركز على المسلسل نفسه الذي بدا غريباً حينما عرض على قناة غنائية بالأصل -روتانا خليجية- وكانت بدايته باهتة ضعيفة فيها برود شديد، لا أعرف ما سببه، كما أن المخرج لم يوفق في اختيار معظم أبطاله خصوصا شخصية محسن نفسه بطل المسلسل، كذلك السيناريو كان سيئا وكأنك تتابع مسلسلاً يتحدث بلغة مسلسلات بادية الشام، وليس يتحدث عن نجد وأهلها!. لا أعرف حقيقة إصرار القائمين على العمل بعدم الجلوس مع أحفاد تلك الشخصية وهي فرصة لهم بوجود غالبيتهم، وربما الخروج بوثائق وصور مهمة تدعم مسلسلهم وتعطيه طابعا متميزا ومتفرداً، وهذا النقطة بالذات ما تغري أكثر المستشرقين الذين يحضرون للمملكة العربية السعودية للكتابة عن بعض مشاهير القبائل من شعراء وأمراء وغيرهم بأن يجلسوا مع أحفاد من يريدون أن يكتبوا عن أجدادهم؛ قاطعين بذلك القفار والبحار من بلادهم بسبب تلك المسألة، لمعرفتهم بأهمية أخذ المعلومات من أصحاب الشأن. أما من الناحية الفنية فبالرغم من الهفوات الكثيرة فيه، من طريقة انتقال الصورة بشكل سريع ومتكرر ومزعج، وضعف الصوت في بعض المرات، إلا أنه تبقى هناك أشياء جميلة؛ كالمناظر الرائعة للبيوت القديمة والملابس التراثية التي تشبه إلى حد ما تلك الفترة،كذلك كان حضور النجم ناصر عبدالرضا والممثل الشاب طلال السدر بأدائهما المميز فعلاً والذي أعتقد أنهما يغردان خارج السرب. ولعلي أتساءل ما سبب ظهور المسلسل بهذا المظهر الباهت؟ رغم ما وفرت له من إمكانيات؟ واستباقه بدعاية كبيرة؟. لعل أهم الأسباب التي جعلته يخرج بتلك الصورة؛ السيناريو -كما مر معنا- لأن أي عمل يعتمد على السيناريو الذي يعتبر القاعدة الصلبة التي يرتكز عليها، وأعتقد أنه لم يوفق بالتقاط الكثير من الحياة النجدية المهمة في تلك الفترة، أما الممثلون فنرى أداءهم متفاوت بشكل واضح ويتحمل العبء الأكبر في ذلك المخرج خلف العنزي، وهنا لعلنا نتساءل أيضاً هل أخطأ المخرج في إسناد البطولة إلى ممثل مغمور؟. لا أعتقد ذلك إذا أخذنا أمثلة كثيرة عربياً لأعمال قام بها ممثلون مغمورون في الأصل ونجحت نجاحا مبهرا كمسلسل ربيع قرطبة مثلاً الذي أنتج عام 2003م وقام ببطولته الممثل تيم حسن -وكان وقتها مغموراً- ونسرين طافش الذي مثلت لأول مرة - ورغم أن هذا المسلسل تاريخي ونعرف صعوبة مثل تلك الأعمال إلا أنه ارتكز على سيناريو محكم ألفه العبقري وليد سيف عن شخصية تاريخية تتطلب القيام بأدائها ممثل شاب، وهذا ما دفع المخرج حاتم علي لاختيار تيم حسن الذي أبدع في هذا الدور أيما أبداع، وكذلك بقية الممثلين الشباب الذين قاموا بكافة أدوار البطولة، حتى اعتبر هذا المسلسل من أفضل المسلسلات التاريخية التي عُملت في الدراما العربية، وبالرغم من مشاركة الفنان المتميز جمال سليمان في هذا المسلسل وأخذه دورا مهماً فيه؛ إلا أنه لم يعترض على وجود اسمه متأخراً في مقدمة المسلسل خلف هؤلاء النجوم الشباب بل يقال هو من أصر على تقدم هؤلاء عليه لأن البطولة لهم، لكن في مسلسل الهزاني يختلف الأمر فاهتموا بالأمور الجانبية والشكلية فوضعوا أسماء ممثلين كبار في البداية رغم أن البطولة ليست لهم، وربما لو تأخرت أسماؤهم لرفضوا المشاركة، وهذه حوادث تحصل في الوسط الفني الخليجي كثيراً، ولا أدري إلى متى بعض الفنانين الخليجيين يظلون بتلك العقلية حيث ينصب اهتمامهم وتركيزهم بالأشياء الشكلية والغير ضرورية مهملين أداءهم وما يقدمونه للمشاهدين. @ كاتب وروائي سعودي