لا أدري كيف أبدأ حديثي عن الأخ الغالي فقيد (سابك) والوطن محمد بن عبدالله البطحي، الذي وافاه الأجل المحتوم في يوم مبارك، هو يوم الجمعة 26ربيع الآخر 1429ه، بعد صراع مع المرض، في أحد مستشفيات الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ هل أكتب عن الأخ الذي امتلك كل مقومات (الإنسانية) و(الأريحية)، واجتمع على حبه الجميع لأدبه الجم، وتواضعه النادر؟.. أم أتحدث عن زميل العمل والمسؤول، الذي لم يختلف اثنان على تفانيه وإنصافه، فكان قدوة ومثلاً أعلى لكل من شرف بالعمل تحت قيادته.. لقد خيّم الحزن على شركة (سابك) بأسرها يوم السبت الماضي بعد أن ظلت الأخبار تتواتر أياماً قبله عن حالته الصحية، وكان الجميع دون استثناء يرفعون أكف الضراعة، سائلين المولى عز وجل له بالشفاء والعودة لأحضان وطنه ومحبيه سالماً غانماً، لكنها إرادة الله وقضاؤه إذ اختاره إلى جواره.. نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.. لقد تدرج الفقيد في العديد من المواقع القيادية بسابك، وحين عمل نائباً للرئيس للموارد البشرية صار أقرب للموظفين صغيراً وكبيراً، بقلبه المحب، وصدره الواسع المفتوح لكل رأي، وكل شكوى، وكل اقتراح، وكثيراً ما كان يقدم مفاتيح الحلول.. كم كان محفزاً للمبدعين، وكم كان بلسماً شافياً لأي محبط أو متقاعس! ضرب رحمه الله أروع الأمثلة في العطاء والتفاني والإخلاص في العمل، مجسداً الصورة الحقيقية للإنسان السعودي القادر على مجابهة التحديات، وحين تنقل للعمل في شركات (سابك) الخارجية كان نموذجاً للسعودي المثقف الذي يمثل وطنه خير تمثيل، (سفيراً متنقلاً غير مفوض)! لا تكفي الصفحات إذا أردت أن أعدد مناقب فقيد الوطن الغالي، فقد جمعتنا رحلة عمر، إذ شرفت بالعمل معه هنا، وفي (هيوستن) بالولاياتالمتحدةالأمريكية حين كان مديراً عاماً لشركة (سابك أمريكا)، فضلاً عن الصداقة الحقة التي امتدت عشرات السنوات، وتتجاوز لتشمل أيضاً أسرتينا. لقد عشت المرارة المؤلمة خلال الأيام الثلاثة الأولى بين انتقاله إلى جوار ربه ووصول جثمانه من أمريكا.. ولإيماني بأن (كل نفس ذائقة الموت)، ظللت أحاول جمع الصبر، والابتهال إلى الله تعالى، لكنني كنت أرى الحزن أيضاً في عيون زوجتي وأبنائي، الذين تربطهم بالفقيد وعائلته صداقة ومحبة واحترام. وشاهدت الجموع الغفيرة المتوافدة إلى منزل الفقيد لتقديم واجب العزاء وكانت قلوبهم قبل السنتهم تلهث بالدعاء والمغفرة له وتثني على سيرته العطرة النبيلة. رحمك الله يا أبا عبدالله وأسبغ عليك شآبيب الرحمة والغفران وألهم زوجتك الصابرة الفاضلة "أم عبدالله" وبناتك وابنك عبدالله وعائلتي البطحي والجلهم الكريمتين الصبر والسلوان. اللهم اغفر لفقيدنا وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. "إنا لله وإنا إليه راجعون" @ مدير الإعلام والاتصالات الخارجية "سابك"