شهد المنتدى العربي للبث الإعلامي في دورته الثالثة في أبوظبي نقاشاً وجدلاً واسعين حول الوثيقة التي أقرها وزراء الإعلام العرب لتنظيم البث الفضائي الإعلامي العربي. وركزت معظم الآراء التي طرحها الإعلاميون وممثلو الفضائيات العربية المشاركة في المنتدى على رفض هذه الوثيقة واعتبارها تكميماً للأفواه وسيفاً مسلطاً على الشاشات العربية فيما أكد المساهمون في وضع الوثيقة بصيغتها الفنية أن الوثيقة تأتي في إطار تنظيم البث الفضائي العربي على غرار ما هو متبع في معظم دول العالم وتناول المتحدثون أن إعلام البث العربي لا يمثل فقط إعلام الحكومات العربية وبالتالي رفع أية قيود على حرية الإعلام. ودعا معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في مداخلة مسجلة تم بثها في المنتدى إلى إجراء حوار شامل حول الوثيقة تشارك فيه جميع الفضائيات العربية العامة والخاصة والمؤسسات والهيئات الإعلامية المعنية للخروج بصيغة متوازنة وعقد اجتماع موسع لوضع آلية للتنفيذ تحدد طموحات الإنسان العربي من الإعلام وما يتطلع إليه الإعلاميون العرب للارتقاء بمهنتهم. وأضاف "موسى" أن من حق الإنسان العربي أن يحيا عصراً منفتحاً في وقت أصبح فيه الإعلام أحد الروافد الأساسية في عملية التنمية الشاملة. وأكد على أهمية البث الفضائي العربي وقدرته في الوصول إلى أكبر شريحة من الجماهير العربية في كافة مواقعها وذلك لعدة أسباب من أهمها الخاصية التي يمتلكها البث الفضائي في الوصول إلى جميع المناطق في العالم العربي والتكلفة الاقتصادية المنخفضة التي يتمتع بها والتعامل مع جميع الفئات في العالم العربي مهما كان مستواها الثقافي. كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كلمة مسجلة عن سعادته بمخاطبة المشاركين في المنتدى أكد فيها تفاعل الأممالمتحدة مع القضايا في الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في العراق ودارفور. وأشار إلى القرارات التي اتخذها مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن هذه القضايا إضافة إلى الدور الإنساني الذي تقوم به الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية المنبثقة عنها في مساعدة اللاجئين. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن استنكاره لمقتل 17من العاملين في المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في الجزائر وتوجه إلى القوى المحبة للسلام لإدانة هذا العمل الوحشي. وأعرب بان كي مون عن أمله في نجاح هذا المنتدى مؤكداً تطور الإعلام العربي وقدرته على التأثير في القلوب والعقول. وقدم جان فرانسوا المدير في شركة الاتصالات الكندية في مونتريال دراسة أجرتها المؤسسة عن أبرز الأحداث التي تعامل معها الإعلام العربي والإعلام الغربي في عام 2007والتي شهدت أكبر مساحة من التغطية الإعلامية على المستوى الدولي، موضحاً أن الحرب في العراق احتلت القضية الأولى من 15قضية إعلامية فيما احتل المرتبة الخامسة عشرة الحرائق في اليونان. وقال إن الشخصية الأولى التي حظيت بأكبر تغطية إعلامية في عام 2007كان الرئيس الأمريكي جورج بوش وفي الفترة الماضية من عام 2008الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي". وطغت على فعاليات الجلسة الثالثة لليوم الأول من الملتقى هموم ومعوقات المهنة حيث طالب معظم المشاركين بالصحافة الاستقصائية وعمق التناول والحيادية في الطرح، واستطرد معظم المشاركين في البحث في المعوقات والصعوبات التي تواجه المشتغلين بالإعلام قي متابعة الأحداث ومعوقات الوصول إلى العمل الإعلامي البحثي، وأشار أحد رؤساء الجلسات إلى أن المنطقة تشهد الكثير من الأحداث الساخنة ما شكل طوال الفترة الماضية حالة من التدفق والوفرة الإخبارية ما طرح الكثير من التساؤلات والقضايا التي تستوجب الوقوف عندها. في حين رأى "حسام السكري" رئيس البي بي سي العربية أنه يوجد العديد من المحددات للعمل الإعلامي منها رغبة الجمهور ومدى حاجته للتزود بالأخبار في مناطق معينة وحاسة الصحفي لاحتياجات الناس، وعقب عليه "أحمد الشيخ"من قناة الجزيرة الفضائية أن المتلقي هو المحدد الأول للعمل الإعلامي فالخبر الذي يتصل بقضايا الناس وحياتهم الأولى في التناول فإذا كان هناك قمة بين زعيمين وقاطعه انفجار أودى بحياة مجموعة من الناس يقدم خبر الانفجار على لقاء الزعيمين، ونوه "الشيخ" إلى أن التطورات السياسية المهمة تأتي في المرتبة الثانية في محددات العمل الإعلامي، وعن تأثير الأجندة السياسية لأصحاب المحطات الفضائية أضاف أنه يوجد أجندات سياسية لكثير من المحطات الفضائية تلتقي مع رغبات وميول الممول، واعتبر ذلك أمراً طبيعياً وبالتالي لا يوجد إعلام محايد على مستوى العالم. واتفق معظم الإعلاميين المشاركين في الملتقى وممثلي الفضائيات العربية المشاركين في المنتدى على رفض وثيقة تنظيم البث الفضائي العربي حيث اعتبروها تكميماً للأفواه وسيفاً مسلطاً على الشاشات العربية فيما أكد المساهمون في وضع الوثيقة بصيغتها الفنية أنها تأتي في إطار تنظيم البث الفضائي العربي على غرار المتبع في معظم دول العالم، ويعتبر الجدل الذي شهدته جلسات اليوم الأول حول الوثيقة هو امتداد للجدل الدائر منذ بضعة أشهر حول الوثيقة بين مؤيد ومعارض في الوقت الذي ترفضها الأغلبية العظمى، وقال عنها "سعد العجمي" أن الوثيقة ناتجة عن مجموعة متأخرة وغير متابعة للتطورات التي شهدها قطاع تكنولوجيا الإعلام مؤخراً. ومن ناحية أخرى نالت قضية الحيادية في جلسات اليوم الأول للمنتدى القسط الأوفر من الحضور والتعقيبات رغم أنها لم تكن مدرجة كموضوع رئيسي للنقاش على جدول الأعمال، واقترح أحد الصحفيين ألا يعمل صحفي في وطنه وأن يتم نقل الصحفيين للعمل في أماكن أخرى دون أوطانهم مع توسيع قاعدة العمل الصحفي بالاعتماد على صحفيين "هواة" في تغطية الأماكن الساخنة، ما اعترض عليه "حسام السكري" مؤكداً صعوبة الحصول على هواة بالقدر الكافي للعمل في الأماكن الساخنة. وقد افتتح المنتدى في قصر الإماراتبأبوظبي يوم "الأحد" واختتم فعالياته أمس"الأثنين" مدير عام شركة أبوظبي للإعلام "ادوارد بوردردينج" حيث لفت إلى التطورات المتسارعة التي يشهدها الإعلام، مؤكداً أن الثورة الإعلامية الجديدة وخصوصاً في مجال الإعلام الرقمي أدت إلى تطورات كبيرة في مجال الحصول على المعلومات والوصول بها إلى أكبر شريحة من المتلقين على المستوى العالمي. وأكد "بوردردينج" أهمية الاستفادة من هذا المنتدى على غرار المنتديات العالمية المماثلة في تحديد الهوية الإعلامية في الشرق الأوسط وإيصالها إلى العالم من خلال الإعلام الرقمي الذي اخترق جميع الحدود وجميع القيود التي كانت مفروضة على الإعلام سابقاً. وأكد رئيس المنتدى "عبد الحميد الزايدي" أن عقد هذه الدورة يمثل تجسيداً عالياً للثقافة الصحفية التلفزيونية القائمة على الشفافية والصراحة والعلمية والتي باتت تميز الكثير من المؤسسات الإعلامية العربية في العقد الأخير. ونوه "جيم غولند" المدير الإداري للمنتدى إلى أن عقد الدورة الثالثة يأتي متزامناً مع احتفال العالم أمس بيوم "حرية الصحافة، ووجه التهنئة إلى قناة الجزيرة والإعلاميين العرب في كل أنحاء العالم بإطلاق سراح مصور الجزيرة سامي الحاج من معتقل "غوانتانامو" واستعادة حريته.